منذ أشهر، بدأت تظهر تلميحات من السلطات الرسمية حول زيادة أسعار الطاقة الكهربائية، الأمر الذي قوبل بمعارضة واسعة من المواطنين من مختلف الخلفيات والمهن. وقد تضمنت التحليلات المقدمة حججًا موضوعية سلطت الضوء على الآثار السلبية المحتملة لهذه الزيادة على المستهلكين والمنتجين.
على الرغم من أن الكثيرين كانوا يأملون في أن تتفهم السلطة هذه المخاوف وتتراجع عن الزيادة، إلا أنهم فوجئوا بقرار مضاعفة الأسعار. وبعد مرور عشرة أيام على القرار، تعج وسائل التواصل الاجتماعي والشارع بردود فعل غاضبة ومنزعجة، يشارك فيها مستهلكون ومنتجون وحتى بعض المؤيدين للحكومة. وقد اتخذت هذه الاحتجاجات أشكالًا مختلفة، بما في ذلك البيانات والمظاهرات وحتى الاستجداءات، ووصل الأمر إلى حد إعلان بعض المؤسسات، مثل معمل النسيج الكبير، عن التوقف عن العمل.
يبدو أن الإصرار على تنفيذ قرار الزيادة فاجأ الكثير من المواطنين، الذين ما زالوا يأملون في أن تتراجع الحكومة عن موقفها. وفي ظل هذا الوضع، يتساءل الكثيرون عما إذا كانت هذه الزيادة الكبيرة مرتبطة بعلاقة ما مع صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، خاصة وأن هذين الكيانين يقدمان خدماتهما للمسؤولين السوريين منذ عقود.
على الرغم من تصريحات العديد من المسؤولين الكبار حول التريث في التعامل مع هاتين المنظمتين والاعتماد على الموارد الذاتية لتحقيق التنمية، إلا أن الأشهر الأخيرة شهدت لقاءات متعددة بين الجانبين، بالإضافة إلى إنشاء بعض المكاتب لهما. ومن المعروف أن هاتين المنظمتين تتبعان للدول الكبرى وتفرض شروطًا معينة للتعامل، مثل فتح باب الاستثمارات الأجنبية وإلغاء الدعم الحكومي، وهو ما سبق أن مارسه البنك الدولي على سوريا في الماضي.
في ضوء تراجع السلطات عن بعض الأخطاء السابقة، مثل إعادة بعض العاملين المفصولين وإعادة فتح بعض المراكز الصحية، يأمل الكثيرون في أن تتراجع أيضًا عن قرار زيادة سعر الكهرباء. ويقترح الكاتب حلاً وسطًا يتمثل في تخفيض مضمون قرار الزيادة، بحيث تصبح الثلاثمئة كيلو الأولى المخفضة السعر ستمائة كيلو، مع تخفيض سعر الكيلو واط إلى النصف لكل شريحة، مما يحقق توازنًا بين المسؤولية الاقتصادية للمواطن والمسؤولية الاجتماعية للحكومة.
ويختتم الكاتب بالإشارة إلى أن الواقع الدولي يفرض على سوريا التعاون مع العالم، ولكنه يأمل في أن يكون نجاح علاقات الحكومة مع الخارج مقترنًا بنجاح مماثل في علاقاتها مع الداخل، مع الأخذ في الاعتبار الأخطاء التي ارتكبتها الحكومات السابقة.
عبد اللطيف عباس شعبان - عضو جمعية العلوم الاقتصادية – عضو اتحاد الصحفيين (أخبار سوريا الوطن-1)