شنت الأجهزة الأمنية السورية ليلة أمس عملية أمنية استهدفت "مخيم الفرنسيين" الذي يضم مقاتلين أجانب في منطقة "حارم" بريف "إدلب"، مما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة بين الطرفين.
تلقت الأجهزة الأمنية نداءات استغاثة من المقاتلين الأجانب داخل المخيم يطلبون المساعدة لمواجهة الحملة الأمنية. وفي المقابل، وصل مقاتلون من "أوزبك" لمساندة من وصفوهم بـ "المهاجرين"، مطالبين بتقديم الدعم لمواجهة القوات السورية.
في حين كانت بداية الحملة الأمنية مفاجئة وغير معروفة الأسباب، أعلن قائد الأمن الداخلي في إدلب العميد أن الحملة جاءت استجابة لشكاوى الأهالي في مخيم "الفردان" بريف "إدلب"، بشأن الانتهاكات التي تعرضوا لها، وآخرها خطف فتاة من والدتها على يد مجموعة مسلحة خارجة عن القانون بقيادة المدعو "عمر ديابي". يذكر أن "ديابي" هو مقاتل فرنسي قدم إلى "سوريا" وقاد مجموعة مسلحة معظمها من الفرنسيين، واسمه الأصلي "عمر أومسن".
أوضح "باكير" أن الأجهزة الأمنية بدأت بتطويق المخيم وتثبيت نقاط مراقبة ونشر فرق لتأمين المداخل والمخارج، مضيفاً أن قيادة الأمن الداخلي حاولت التفاوض مع المتزعم لتسليم نفسه طوعاً، لكنه رفض وتحصن داخل المخيم، ومنع خروج المدنيين وبدأ بإطلاق النار واستفزاز عناصر الأمن وترويع الأهالي، ما يؤكد استخدامه المدنيين كدروع بشرية، وحمله كامل المسؤولية القانونية عن أي تهديد لسلامتهم.
خطف الطفلة ميمونة
قبل نحو أسبوعين، ظهر المقاتل الأمريكي "بلال عبد الكريم"، الذي يقدم نفسه منذ سنوات كناشط إعلامي في الشمال السوري، وتحدث عن خلاف بين "عمر ديابي" وامرأة فرنسية تدعى "أم إسحاق" حول اختطاف طفلتها "ميمونة". وأضاف "عبد الكريم" أن "ديابي" قال إنه لم يخطف الطفلة، بل أن والدتها كانت تنوي بيعها، متابعاً أنه توصل إلى حل بين الطرفين يقضي بتحكيم شيخ بينهما في القضية للوصول إلى حل سلمي.
هل تعتزم دمشق التخلص من الأجانب؟
مع بداية الهجوم على مخيم الفرنسيين، ظهرت تعليقات وتحليلات حول نية السلطة السورية التخلص من المقاتلين الأجانب في معارك من هذا النوع. وأصدرت "فرقة الغرباء" التي تضم المقاتلين الفرنسيين بقيادة "ديابي" بياناً اتهمت فيه الحكومة السورية بالتعاون مع السلطات الفرنسية لشن حملة تشويه ضد الفرقة.
في المقابل، يقول البيان الرسمي للسلطات السورية أن الحملة تهدف لوقف الانتهاكات وإنقاذ طفلة من خاطفيها، دون أي عوامل سياسية إضافية. وسبق للرئيس السوري "أحمد الشرع" أن تحدث عن ملف المقاتلين الأجانب في سوريا، وقال إن الحكومة السورية قد تمنح الجنسية للمقاتلين الأجانب الذين عاشوا سنوات طويلة في "سوريا" وثبتوا إلى جانب الثورة، وقد سبق أن تم منح رتب عسكرية داخل الجيش السوري الجديد لمقاتلين من جنسيات غير سورية.
في أيلول الماضي، كشفت صحيفة الفرنسية أن "ديابي" يواصل نشاطه من مخيمه بريف "إدلب"، حيث رصدت المخابرات الفرنسية 6 أشخاص غادروا أو حاولوا المغادرة للانضمام إلى معسكر "ديابي" في "سوريا". وتساءلت الصحيفة عن سبب تغاضي السلطات السورية عن نشاطات "ديابي"، واحتمالات سعي "فرنسا" للتخلص من نحو 150 من مواطنيها يقيمون في المخيم عبر اعتقالهم أو محاكمتهم داخل سوريا.
من جهة أخرى، فإن مقابلة أجرتها صحيفة الفرنسية مع "ديابي" في نيسان الماضي أظهرت هجومه على الرئيس السوري "أحمد الشرع"، واعتبر أنه لا يمكن لأحد تغيير سياسته بين عشية وضحاها، في إشارة إلى ظهور الرئيس "الشرع" بهوية مدنية بعد سنوات من القتال. واعتبر "ديابي" أن "الشرع" أخطأ حين قرر الانفصال عن تنظيم القاعدة، كما اتهم وزير الداخلية السوري الحالي "أنس خطاب" ومقربين من "الشرع" بأنهم مجرمون، مضيفاً أن المقاتلين لن يقبلوا بحرية المرأة والمدارس المختلطة وغيرها من الأفكار، معتبراً أن الرئيس "الشرع" يسعى لإرضاء الغرب.
يذكر أن "ديابي" وصل إلى "سوريا" عام 2013 وأسس مجموعة تضم مقاتلين فرنسيين، قاموا بمبايعة "جبهة النصرة" في ذلك الحين، لكنه انشق عنها وبدأ العمل بشكل مستقل وسبق له أن سجن على يد "هيئة تحرير الشام" في "إدلب" وأطلق سراحه بشرط البقاء بعيداً في معسكره في "حارم".