الثلاثاء, 15 يوليو 2025 11:30 PM

الجيش السوري يدخل السويداء وسط ترحيب بالدولة وحوار مرتقب

الجيش السوري يدخل السويداء وسط ترحيب بالدولة وحوار مرتقب

أعلنت وزارة الدفاع السورية عن دخول قوات الجيش إلى مدينة السويداء صباح اليوم الثلاثاء، وذلك بعد يوم من إطلاق عملية تهدف إلى بسط سيطرة الدولة على المحافظة وملاحقة المجموعات الخارجة عن القانون.

وكانت الوزارة قد أرسلت تعزيزات عسكرية إلى محيط المحافظة يوم أمس لدعم قوات الجيش التي كانت تحاول فض الاشتباكات ومنع اعتداءات المجموعات على المدنيين، إلا أنها تعرضت لكمائن واستهداف مباشر، مما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى من الجيش.

وبعد تصريحات صدرت أمس من حكمت الهجري، والتي رفض فيها التعاون مع الحكومة السورية وقوى الأمن، أعلنت فعاليات السويداء اليوم، بالتزامن مع دخول القوات السورية، عن "ترحيبها" بتفعيل الحوار مع الدولة السورية، معربة عن رغبتها في "حقن الدماء" والسماح للمؤسسة الأمنية والعسكرية ببسط السيطرة على المراكز وتأمين المحافظة.

ودعت الفعاليات في بيان لها جميع المجموعات في محافظة السويداء إلى التعاون مع قوات وزارة الداخلية وعدم مقاومة دخولها و"تنظيم سلاحها بإشراف مؤسسات الدولة"، و"فتح حوار مع الحكومة السورية لعلاج تداعيات الأحداث وتفعيل مؤسسات الدولة بالتعاون مع أبناء المحافظة من الكوادر والطاقات الوطنية في مختلف المجالات".

من جهتها، دعت الرئاسة الروحية لطائفة الموحدين الدروز في سوريا المجموعات في السويداء إلى التعاون مع وزارتي الداخلية والدفاع، وعدم المقاومة وتسليم سلاحها للداخلية، والبدء بحوار مع الحكومة، وتفعيل مؤسسات الدولة في محافظة السويداء بالتعاون مع أبنائها.

ورحب قائد الأمن الداخلي في محافظة السويداء العميد أحمد الدالاتي "بموقف الرئاسة الروحية لطائفة الموحدين الدروز ممثلة بسماحة الشيخ حكمت الهجري وبالموقف الوطني المسؤول"، داعيا سائر المرجعيات الدينية والفعاليات الاجتماعية إلى اتخاذ موقف وطني موحد يدعم إجراءات وزارة الداخلية في بسط سلطة الدولة وتحقيق الأمن في عموم المحافظة.

كما ناشد قادة الفصائل والمجموعات المسلحة الخارجة عن القانون لوقف أي أعمال تعيق دخول قوات وزارتي الداخلية والدفاع، داعيا للتعاون الكامل من خلال تسليم السلاح للجهات المختصة حفاظًا على السلم الأهلي وصونًا لأمن المواطنين واستقرار البلاد.

وقال حسام النجار، المحلل السياسي السوري، لحلب اليوم، إن الأحداث الجارية في سوريا تشير إلى تناسق وتشابك واتفاق ضمني بين عدة عناصر، مع احتمال وجود مشغل واحد لثلاثة عناصر: الفلول في الساحل السوري، والهجري في الجنوب، وقسد في الشمال الشرقي. ويرى أن هذا المشغل يسعى لعدم استقرار سوريا بشكل كامل، ويعمل بالتبادل لإثارة المشاكل وضرب الأمن العام.

وأضاف أن المجموعات الخارجة عن القانون في السويداء منعت قوات الأمن العام من الدخول والمشاركة في ضبط الأمن، ثم اتهمتها بالتقصير، وتطالب لاحقًا بتسلم أمن الطريق بين السويداء ودمشق، متسائلاً كيف يمكن تحقيق ذلك وهم من منعوا دخولها وهاجموا عناصرها؟

وأشار إلى أن تلك المجموعات حاولت بشتى الوسائل منع دخول أي عنصر أمني، واختلفت في اتفاقاتها فيما بينها، مؤكدًا أن السلاح المنفلت والعشوائي يولد الفوضى ويجب سحبه، وأن تخضع السويداء وباقي المناطق لسلطة الدولة لتحقيق التنمية.

وتساءل: إذا كانت هناك أجندات خارجية تحركهم، فهم إذًا يخدمون مصالحهم الخاصة على حساب استقرار سوريا.

من جانبه، قال المحلل السياسي مصطفى النعيمي: إن بعض المكونات التابعة لمشاريع خارجية تعتدي على الأجهزة الأمنية وتمارس انتهاكات واضحة، في حين تحاول الدولة تطويق الأزمة من خلال البحث عن المشتركات والثوابت لفرض دخول الدولة بشكل كامل وإنهاء حالة الفصائل الميليشاوية التي تتحكم في محافظة السويداء.

أما الكاتب الصحفي عبد الرحيم خليفة، فقد وصف ما حدث في السويداء بأنه أمر مؤسف، مؤكدًا أن أي مطالب مشروعة يجب أن تحل تحت مظلة الوطن ومن خلال الحوار مع مؤسسات الدولة، وأن حمل السلاح في مواجهة الدولة ومحاولة إثارة الفتنة والارتكان إلى أوهام الدعم الخارجي، تحديدًا الإسرائيلي الصهيوني، أمر غير مقبول ومرفوض.

وأكد أن على المجتمعين المدني والأهلي في السويداء، والمرجعيات الدينية والمثقفين، أن يبادروا لتحمل مسؤولياتهم تجاه مستجدات الوضع، وأن الأخطاء الفردية من الأمن العام لا تبرر الانقلاب على الدولة أو عرقلة دخول الجيش والأمن.

وكان المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا، قد أكد أن قوات الداخلية ووزارة الدفاع باشرت انتشارها في محافظة السويداء، وأن الحسم بات قريباً لصالح الدولة السورية، مضيفا أن "المجموعات الخارجة عن القانون تعتمد في انتشارها على اتخاذ المدنيين دروعاً بشرية"، و"تحاول مصادرة رأي التيار المدني الموجود في السويداء".

وشدد على أهمية نزع السلاح من هذه المجموعات "بشكل كامل"، مرحّباً بمن يريد الانضمام لأجهزة الدولة، مشيرا إلى أنّ الدولة تعاملت بإيجابية مع ملف السويداء دون أن تلقى أي استجابة تليق بهذه الإيجابية.

وقال البابا في منشور عبر قناته في تلغرام: "إن الأزمات الأمنية المتلاحقة في السويداء مردها لتعنت التيار الانعزالي، ورغبته بالمقامرة بمصير أهلنا في السويداء عبر سلخهم عن شجرة الوطن، ولا حل للسويداء إلا بحضور هيبة الدولة، وتفعيل أجهزتها، وأخذ المؤسسات الأمنية والعسكرية الرسمية دورها الطبيعي في حماية أهلنا المدنيين، وتأمين معاشهم من كل تهديد داخلي أو خارجي، والحفاظ على السلم الأهلي، والوحدة الوطنية في المحافظة".

مشاركة المقال: