الأحد, 14 سبتمبر 2025 02:33 AM

السوريون في ألمانيا: أرقام مفصلة حول الاندماج، التجنيس، والتوظيف والتحديات

السوريون في ألمانيا: أرقام مفصلة حول الاندماج، التجنيس، والتوظيف والتحديات

بين الإلزام بالمغادرة ومسار التجنيس، يتجدد الجدل في ألمانيا حول أوضاع السوريين بعد سقوط نظام الأسد، بينما تشير الأرقام إلى أن الغالبية تُمنح الجنسية الألمانية. فعبارة المستشارة السابقة أنغيلا ميركل الشهيرة في 31 أغسطس/آب 2015 «نستطيع فعل ذلك» أصبحت عنوانًا لسياسة اللجوء الألمانية، حيث أدت حرب سوريا إلى وصول مئات الآلاف عامي 2015 و2016، معظمهم عبر «طريق البلقان». وحتى 31 يوليو/تموز 2025 يعيش في ألمانيا 954,938 سوريًا وفق المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (BAMF).

على الرغم من نجاح شرائح واسعة في الاندماج، أعادت سلسلة هجمات – منها ما وقع في زولينغن – إشعال النقاش حول اللجوء والأمن. وتظهر الإحصاءات الجنائية لعام 2024 تسجيل 114,889 مشتبهًا بهم من الجنسية السورية، لتكون الأكبر بين الفئات الأجنبية. وفي هذا السياق تعلو المطالب بإبعاد من ارتكبوا جرائم، ومع سقوط نظام الأسد اكتسبت النقاشات راهنية إضافية: ماذا تعني احتمالات عودة أعداد كبيرة من السوريين لألمانيا بعيدًا عن زاوية الجريمة؟

في 31 ديسمبر/كانون الأول 2024 بلغ عدد السوريين 975,060 (584,990 رجلًا و390,070 امرأة). ويظل السوريون في صدارة مقدمي طلبات الحماية: ما بين يناير/كانون الثاني وأغسطس/آب 2025 قُدّم 17,650 طلب لجوء سوري، مقابل 76,765 في عام 2024 (BAMF). ومن رُفضت طلباتهم يصبحون ملزمين بالمغادرة؛ فإن لم يغادروا طوعًا ضمن المهلة، ولم توجد موانع قانونية أو «إقامة متحمّلة» (Duldung)، تتولى السلطات المختصة ترحيلهم. في 2024 جرى ترحيل 1,255 سوريًا وفق مركز التثقيف السياسي، بينما يبلغ عدد الملزمين بالمغادرة حاليًا 10,842 شخصًا، بينهم 9,912 يحملون «دولدونغ» (BAMF لـEuronews).

يدعم الاتحاد «العودة الطوعية» عبر برامج إعادة الإدماج، غير أنّ الإحصاء الاتحادي سجّل في الأشهر الخمسة الأولى من 2025 فقط 1,562 مغادرة مُسجّلة إلى سوريا، مع الإشارة إلى أنّ عدم تبليغ البعض عن سفرهم يؤخر تحديث البيانات. ويظل حاملو «الدولدونغ» ملزمين بالمغادرة لكن ترحيلهم مُعلّق لأسباب قانونية أو واقعية؛ وقد مُنحت «الدولدونغ» عام 2023 في الأغلب وفق §60a من قانون الإقامة بسبب نقص وثائق السفر. وتوضح د. لاورا بيتس (BAMF) أنّ إنهاء الإلزام بالمغادرة يحدث غالبًا عبر العودة الطوعية أو نيل إقامة محددة المدة.

تميل احتمالات المغادرة للتراجع كلما طال أمد الإقامة؛ فـ«حق الإقامة بالفرصة» يمنح ترخيصًا لـ18 شهرًا يُشترط خلالها ـ عادة ـ تعلم اللغة وتأمين سبل العيش، تمهيدًا لفرصة إقامة دائمة. على الضفة الأخرى، سجّل التجنيس مستوى غير مسبوق منذ مطلع الألفية: في 2024 حصل 291,955 شخصًا من أصول غير ألمانية على الجنسية، بزيادة 46% (91,860) عن 2023 (Destatis). وكان السوريون الشريحة الأكبر؛ إذ شكّلوا أكثر من ربع المُجنّسين، بمتوسط إقامة 7.4 سنوات. للمقارنة، شهد 2023 نحو 200,100 تجنيس من 157 جنسية، بينهم 75,500 سوري (38% من الإجمالي)، أي أكثر بـ27,100 (+56%) عن 2022.

يعزى الارتفاع إلى «قانون تحديث الجنسية» (StARModG) الذي دخل حيّز النفاذ في 27 يونيو/حزيران 2024، وخفّض مدة الإقامة اللازمة إلى خمس سنوات، ويمكن تقليصها إلى ثلاث عند إنجازات اندماجية مميزة. سوق العمل يرسم منحنى تحسّن واضح: حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2024 عاش 974 ألف سوري في ألمانيا، منهم 685 ألفًا في سنّ العمل (70%). وفي سبتمبر/أيلول 2024 كان نحو 287 ألف سوري وسورية على رأس عملهم، بينهم 236 ألفًا خاضعون للتأمينات الاجتماعية. ومنذ 2016 ارتفعت نسبة التوظيف — شاملاً الأعمال البسيطة — بنحو 30 نقطة إلى 41.7% في سبتمبر/أيلول 2024، فيما بلغت نسبة التشغيل بين الوافدين في 2015 بعد سبع سنوات من الإقامة أكثر من 60%.

يشكّل السوريون الآن 4.5% من مجمل العمالة الأجنبية، بزيادة 23 ألف عامل مؤمّن اجتماعيًا (+11%) عن سبتمبر/أيلول 2023، مسهمين بـ10% من نمو توظيف الأجانب. ويُناقش أثر أي «تراجع عددي» محتمل للسوريين — في ضوء التحول الديمقراطي في ألمانيا — على قطاعات بعينها. مهنيًا، مارس نحو 6 من كل 10 عاملين سوريين مؤمّنين اجتماعيًا أعمالًا مؤهّلة في مايو/أيار 2024: 41% كمعاونين، 48% كعمّال مهرة، و11% كمتخصصين/خبراء. ويُفسَّر ثبات النسب خلال خمس سنوات بأنّ ذوي الإقامة الأطول يرتقون مهنيًا، بينما الوافدون الجدد يعملون غالبًا في فئات المساعدة.

يتركز نحو 60% من العاملين السوريين في التصنيع، والنقل واللوجستيات، والقطاع الصحي، مع تباينات بين الجنسين: فالرجال يغلب عليهم النقل واللوجستيات (18%) وقيادة المركبات (10%) وصناعات الأغذية (6%) والهندسة الميكانيكية والسيارات (6%) والمهن الصحية الطبية (5%)، في حين تعمل النساء في المهن الصحية الطبية (22%) والاجتماعية/التربوية (16%) والبيع (11%) والصحية غير الطبية (8%) والتنظيف (7%). الأدوار الحرجة (Engpassberufe) تُظهر أثرًا اقتصاديًا معتبرًا: اثنان من كل خمسة (نحو 54 ألفًا) من العاملين السوريين المؤهّلين اشتغلوا في مايو/أيار 2024 في مهن تعاني نقصًا هيكليًا؛ منهم قرابة 4,200 في مهن السيارات والتقنية (3.2%)، و3,600 سائقي باص/ترام (2.8%)، و3,200 في الرعاية (2.4%)، و3,100 كسائقي شاحنات (2.4%)، و2,600 مساعدين أسنان (2.0%).

مع الشيخوخة السكانية وتراجع قوة العمل الألمانية، يغدو إسهام السوريين في سدّ فجوات القطاعات أوضح، إذ يعمل أكثر من نصفهم كعمّال مهرة وكثيرون في المهن الحرجة. دخليًا، ارتفع الوسيط الشهري الإجمالي للعاملين السوريين بدوام كامل من 1,900 يورو (12/2017) إلى 2,300 يورو (12/2023)، وارتفعت نسبته إلى وسيط أجور جميع العاملين المؤمّنين اجتماعيًا من 57% إلى 70% في المدة نفسها. أما على صعيد الإعانات، فتلقى 518 ألف سوري في أغسطس/آب 2024 مساعدات وفق SGB II، بينهم 353 ألفًا بسنّ العمل ونحو 165 ألف طفل دون 15 عامًا، بمعدل استفادة 54.9% — وهو المستوى ذاته في 2023، بعد أن كان أعلى بكثير من 80% في 2018.

رغم بقاء المعدل مرتفعًا، تُفسَّر جزئيًا هذه النسبة بضمّ شرائح إلى الجنسية الألمانية (ما يصغّر قاعدة القياس)، وباستمرار تدفق الوافدين الجدد؛ إذ بدأ 93 ألف سوري لأول مرة تلقي إعانات SGB II بين أغسطس/آب 2023 ويوليو/تموز 2024. ومع ذلك تُسجّل منذ منتصف 2016 خطوات ملموسة: توظيف أعلى، بطالة ومعدلات SGB II أدنى. وتُشير وكالة العمل الاتحادية إلى حاجة خاصة لتعزيز إدماج النساء السوريات في سوق العمل، إذ إن قرابة خُمس المبلغ عنهنّ بوصفهنّ قادرات على العمل خارج سوق العمل بسبب رعاية الأطفال؛ كما أنّ 30% من غير المسجلات كعاطلات يَقُمن بأعمال رعاية منزلية وأسرية، مقابل 1% فقط لدى الرجال.

بين تجنيسٍ متسارع وإدماجٍ مهنيٍ متنامٍ من جهة، ونقاشاتٍ محتدمة حول الأمن والإبعاد من جهة أخرى، يبقى السؤال مفتوحًا: هل نحن فعلًا أمام انعطافة في سياسة الهجرة تجاه السوريين بعد تبدّل المعادلات السورية، أم أنّ مسار الاندماج والتجنيس سيظل الغالب على المشهد الألماني؟

مشاركة المقال: