الجمعة, 18 يوليو 2025 12:02 AM

السويداء في عين العاصفة: مقاطعة اقتصادية ووساطات دولية في أعقاب القصف الإسرائيلي

السويداء في عين العاصفة: مقاطعة اقتصادية ووساطات دولية في أعقاب القصف الإسرائيلي

السويداء – نورث برس

في تطور يعكس تصاعد التوترات في المشهد السوري، أعلنت شركات الحوالات والصرافة في حلب ودرعا وإدلب ودمشق تعليق تعاملاتها مع تجار السويداء، وذلك على خلفية الأحداث الأخيرة والقصف الإسرائيلي على دمشق. وأصدر تجمع تجار حلب في الداخل والخارج بياناً وصف فيه ما قامت به فصائل درزية في المدينة بأنه "خيانة بحق الوطن"، محذراً من أن أي تاجر يتعامل مع صناديق السويداء سيتم كشفه واستبعاده من غرف الصرافة والحوالات.

ماذا جرى في السويداء؟

تأتي هذه المقاطعة الاقتصادية بعد تطورات أمنية متسارعة شهدتها مدينة السويداء، جنوبي سوريا، منذ الأحد الماضي، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بين القوات الحكومية وفصائل محلية درزية، مما أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من 300 شخص. وبعد التوصل إلى اتفاق حول دخول القوات الحكومية إلى السويداء، أعلن الشيخ حكمت الهجري، الرئيس الروحي لطائفة الدروز الموحدين، في بيان مصور، أن القوات الحكومية أخلت بالاتفاق وأنهم يتعرضون لحرب إبادة، داعياً إلى مواجهة القوات الحكومية بالسلاح بعد ارتكاب الأخيرة انتهاكات وجرائم قتل وإهانات بحق مدنيين.

وشن الطيران الإسرائيلي سلسلة غارات جوية على مواقع في دمشق والسويداء ودرعا، مستهدفاً مواقع عسكرية وأمنية، بما في ذلك القصر الرئاسي ومبنى قيادة الأركان. ورد الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، في كلمة متلفزة، قائلاً إن إسرائيل تسعى لتقويض وقف إطلاق النار، واصفاً ما جرى بأنه "محاولات لجر سوريا إلى ساحة حرب". وأضاف: "اخترنا حماية الوطن عبر تمكين أبناء السويداء ومشايخهم من التفاهم بدلاً من حرب أهلية شاملة"، مشيراً إلى أن الدولة ستضمن حقوق الدروز وتعتبرهم جزءاً أساسياً من نسيج البلاد.

وساطات دولية لتفكيك التصعيد

في ظل تصاعد الأحداث، تدخلت الولايات المتحدة الأميركية عبر قنوات دبلوماسية لإيقاف الضربات الإسرائيلية، مقابل سحب القوات الحكومية من السويداء. وأعقب ذلك انسحاب الجيش وآلياته الثقيلة، مساء الأربعاء، وهو ما أشار إليه الشرع في كلمته المصورة إلى وجود وساطات عربية وأميركية وتركية لإنهاء النزاع. وفي وقت سابق، أفادت مصادر ميدانية، لنورث برس، أن الجيش أكمل انسحابه من مدينة السويداء، بالتزامن مع بدء سريان وقف إطلاق النار في المحافظة.

من جانبها، ذكرت وكالة أنباء "سانا" الحكومية أن "فرنسا أكدت دعمها للجهود التي تضطلع بها الحكومة السورية مع المعنيين في منطقة السويداء من أجل استئناف الحوار، معربةً عن أملها بالتوصّل إلى اتفاق مستدام من أجل تعزيز الوحدة وإرساء الأمن وبسط السيادة في سورية وحفظ أمن السوريين جميعاً". وأعربت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان نشرته على موقعها الرسمي عن قلقها إزاء التطورات الراهنة في محافظة السويداء، داعيةً جميع الجهات الفاعلة إلى بذل الجهود لضمان أمن المدنيين واستعادة الهدوء وتعزيز السلام بين جميع مكونات المجتمع السوري. وجددت التأكيد على حرصها على الالتزامات والمبادئ المندرجة في البيان المشترك الصادر في الـ13 من شباط الماضي، مشيرةً إلى تواصل اتصالاتها مع جميع الجهات الفاعلة، داعية جميع الجهات إلى احترام وقف إطلاق النار وإلى وضع حدٍّ للانتهاكات التي تستهدف المدنيين.

السويداء "مدينة منكوبة"

أعلنت الرئاسة الروحية للطائفة الدرزية، الخميس، السويداء مدينة منكوبة، وجاء في بيانها: "في هذه اللحظات العصيبة، وبعد تطهير السويداء من الإرهابيين، نعلن الحداد العام على أرواح الشهداء". ودعت الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين الدروز إلى فسح المجال أمام الفرق الطبية وفرق توثيق الانتهاكات للتحرك داخل مدينة السويداء. كما طالبت بفتح الطرق المؤدية إلى مناطق شمال شرقي سوريا، وناشدت العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، بفتح معبر حدودي بين السويداء والأردن، مؤكدة على "الأهمية الإنسانية لهذه الطرق في هذه اللحظات الحرجة"، معربة عن أملها في اتخاذ خطوات عاجلة تيسّر التنقل وتخفف من معاناة المواطنين، بحسب ما ورد في البيان.

وأعلنت الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا إرسال مساعدات عاجلة إلى السويداء، مؤكدة أنها "خطوة أولى ضمن سلسلة مبادرات قادمة"، ودعت إلى حماية المدنيين وتجنب تحويلهم إلى ضحايا لصراعات سياسية وعسكرية. وأعربت الإدارة عن التضامن الكامل مع أبناء محافظة السويداء، وشددت على ضرورة احترام حرمة المدنيين وتجنيبهم ويلات الصراع والاقتتال.

بين المقاطعة الاقتصادية من الداخل والجنوب، وإرسال المساعدات من الشمال، والتدخلات الخارجية المتعددة، تقف السويداء اليوم كنقطة تقاطع لكل خطوط النزاع السوري.

تحرير: خلف معو

مشاركة المقال: