السبت, 5 يوليو 2025 11:40 AM

المركزي السوري يعتمد سياسة "التعويم المدار" ويُعلن عن انفتاح نقدي ومصرفي

المركزي السوري يعتمد سياسة "التعويم المدار" ويُعلن عن انفتاح نقدي ومصرفي

أعلن حاكم مصرف سوريا المركزي، عبدالقادر الحصرية، في مقابلة مع قناة "CNBC عربية" يوم الجمعة 4 تموز، أن سوريا بدأت مرحلة جديدة من الانفتاح النقدي والمصرفي، بالتزامن مع بدء تفكيك العزلة المفروضة على القطاع المصرفي لعقود.

وأوضح الحصرية أن العملة السورية لن تكون مرتبطة بالدولار أو اليورو في المستقبل، بل ستخضع لآلية العرض والطلب في إطار سياسة "تعويم مدار" تهدف إلى تحقيق الاستقرار النقدي التدريجي.

وأشار إلى أن البنك المركزي يعمل على توحيد سعر الصرف خلال الأشهر المقبلة، وأن معدلات الفائدة ستُحدد وفقًا لحركة السوق دون اللجوء إلى فوائد مرتفعة أو محفزات غير مستدامة.

ووفقًا لمنصة "ADSS" للأسواق والتداول الإماراتية، فإن "التعويم المدار" هو سياسة لإدارة سعر الصرف يتم من خلالها ربط هذا السعر بثبات أو بهامش حركة محدود مع عملة رئيسية مثل الدولار الأمريكي أو اليورو، مع تحريك العملة صعودًا أو هبوطًا مقابل العملة الرئيسية بناءً على أداء الاقتصاد الكلي للدولة المصدرة لهذه العملة. وتضيف المنصة أن تحديد سعر الصرف مقابل العملة الرئيسية يتم بقرار إداري من البنك المركزي، ويظل محكومًا بحجم الاحتياطي النقدي الأجنبي وقدرة الاقتصاد على الوفاء بالتزامات الاستيراد وخدمة الديون الخارجية.

فك العزلة المصرفية الدولية عن سوريا

كشف حاكم المصرف المركزي السوري أن النظام المصرفي السوري يشهد للمرة الأولى منذ عام 2012 عودة التحويلات المالية المباشرة وغير المباشرة من قبل البنوك السورية، بالتزامن مع استعادة الوصول إلى نظام "سويفت" العالمي بعد فك العزلة التقنية، ما يشير إلى بداية دمج القطاع المصرفي السوري في النظام المالي الدولي، بعد عزلة دامت نحو 50 عامًا بفعل العقوبات الأمريكية والأوروبية.

وأشار الحصرية إلى أن المركزي السوري يعكف على تعزيز استقلاليته بما يتوافق مع المعايير الدولية، وأكد أن الحكومة السورية بأمر من الرئيس السوري، أحمد الشرع، لن تلجأ إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، وسيتم العمل على الاستفادة من تخفيف العقوبات لدعم الاستقرار النقدي وتيسير الحوالات.

ويجري البنك المركزي السوري مشاورات فنية مع صندوق النقد الدولي، لتبني أفضل الممارسات العالمية في مجال المدفوعات والحوكمة النقدية، ضمن رؤية شاملة لإعادة دمج سوريا تدريجيًا في الاقتصاد العالمي، وفقًا لما قاله الحصرية.

الاقتصاد السوري حر أخيرًا

أكد الدكتور عبد القادر الحصرية أن الاقتصاد السوري يواجه فرصة نادرة للعودة إلى العمل بكل قطاعاته، للمرة الأولى منذ 70 عامًا، مشيرًا إلى أن سوريا تمتلك احتياطيًا من القطع الأجنبي يمكن استخدامه تدريجيًا.

وأضاف أن "الحكومة السورية تسعى إلى بناء اقتصاد صحي قائم على الإنتاج والصادرات، دون الاعتماد على فوائد مرتفعة أو مغريات استثمارية محفوفة بالمخاطر"، لافتًا إلى أن البيئة الاستثمارية باتت مؤهلة لتوفير عوائد مستقرة للمستثمرين، بعد أن دخل الاقتصاد السوري مرحلة استعادة النشاط الكامل.

وفيما يتعلق بتمويل العجز في الموازنة العامة للدولة، أشار الحصرية إلى اعتماد خيار الإصدارات المحلية من الصكوك كأداة تمويل رئيسية، بالتوازي مع استمرار التدفقات النقدية بالقطع الأجنبي من خلال الاقتراض الداخلي والخارجي لمدة تُقدّر ما بين 15 إلى 20 عامًا.

أسعار السلع إلى انخفاض

أوضح حاكم مصرف سوريا المركزي أن السياسة الضريبية الجديدة لن تُثقل كاهل المواطنين، إذ تركز التشريعات المرتقبة على فرض الضرائب على الأرباح لتشجيع الإنتاج، وليس على الاستهلاك.

واعتبر الدكتور عبد القادر الحصرية أن وزارة المالية استطاعت تحقيق إيرادات "لا بأس بها" من خلال رسوم جمركية مخفّضة، بما يسهم في تعزيز الإيرادات دون المساس بالقدرة الشرائية.

وتوقع الحصرية أن تشهد أسعار السلع المستوردة انخفاضًا بنسبة تتراوح بين 25 و30% خلال الفترة المقبلة، بعد إزالة القيود المفروضة وبدء تدفق الواردات بشروط تجارية طبيعية.

المركزي السوري ينفي وجود أزمة ودائع

لفت الدكتور الحصرية إلى تفعيل مؤسسة ضمان الودائع كخطوة أساسية لحماية أموال المودعين، ولكنه نفى وجود أزمة ودائع حاليًا لأن معظمها بالليرة السورية، مبينًا أنه بعد رفع العقوبات أصبحت هناك ودائع مجمّدة يمكن تحريرها وتسييلها لدعم السيولة.

وصدرت قرارات، بعد 7 أيار الماضي، لتعزيز السيولة في القطاع المصرفي وفقًا لما قاله الحاكم، فيما سيتم تفعيل هيئة الإشراف على التمويل العقاري لخلق سيولة مستدامة وسيستخدم الاقتراض الداخلي لخلق سيولة داخلية دون تضخم مفرط.

وكان حاكم مصرف سوريا المركزي، قد صرح لجريدة "فاينانشال تايمز" في 9 حزيران الماضي، بأن إعادة ربط سوريا بالكامل بنظام "سويفت" للمدفوعات الدولية سيجري في غضون أسابيع، وهو ما يعيد ربطها بالاقتصاد العالمي بعد 14 عامًا من الحرب والعقوبات التي جعلتها دولة منبوذة. وأكد أن عودة "سويفت" ستسهم في تشجيع التجارة الخارجية، وخفض تكاليف الاستيراد وتسهيل الصادرات، كما ستجلب العملة الأجنبية الضرورية إلى سوريا، وتعزز جهود مكافحة غسل الأموال، وتخفف الاعتماد على الشبكات المالية غير الرسمية في التجارة عبر الحدود.

مشاركة المقال: