الأحد, 17 أغسطس 2025 05:57 PM

انتخابات سوريا البرلمانية المرتقبة في أيلول: هل تحمل تغييراً حقيقياً؟

انتخابات سوريا البرلمانية المرتقبة في أيلول: هل تحمل تغييراً حقيقياً؟

يتناول تقرير جديد نشرته صحيفة “ذا ناشيونال” الانتخابات البرلمانية غير المباشرة التي ستجريها السلطات السورية في شهر أيلول المقبل.

يشير التقرير، الذي ترجمه “لبنان24”، إلى أن هذه الانتخابات هي الأولى من نوعها منذ سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، وبعد عقد من الحرب والتشرذم وفشل جهود السلام، يرى التقرير في إحياء الحياة البرلمانية نقطة تحول حاسمة وبصيص أمل.

يضيف التقرير أن هذه العملية تقدم تحسينات متواضعة، ولكنها ذات مغزى، مقارنة بالجهود الانتقالية السابقة، حيث تعد بتمثيل أوسع، ومراحل تشاورية متعددة، ومحاولة لتعزيز مشاركة المرأة.

ومع ذلك، يرى التقرير أن هذه العناصر الواعدة تكتنفها غموضات هيكلية وتساؤلات عالقة، مثل كيفية اختيار اللجان الفرعية الانتخابية النافذة، وبأي معايير، وكيف ستطبق حصص التمثيل، وما هو الصوت الذي ستتمتع به المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق، والأهم من ذلك، من سيضمن الإشراف المستقل لضمان الصدقية؟

يذكر التقرير أنه خلال حزيران الماضي، أعلن الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع تشكيل لجنة عليا لانتخابات مجلس الشعب مؤلفة من 11 عضواً، ومن مهامها تصميم نظام انتخابي غير مباشر والإشراف عليه، يقوم على الهيئات الانتخابية وليس على التصويت العام، وذلك لتشكيل المجلس الجديد.

كان أعضاء المجلس محدداً في الأصل بـ150 عضواً، ثم توسع إلى 210 أعضاء بموجب مشروع قانون انتخابي قُدِّم إلى الشرع في 26 تموز الماضي. وسيتم اختيار ثلثي الأعضاء من خلال عملية تقودها اللجنة، بينما سيعين الرئيس المؤقت الثلث المتبقي مباشرة.

يشير تقرير “ذا ناشيونال” إلى أنه بمجرد إقرار مشروع القانون، ستُمنح اللجنة العليا أسبوعاً واحداً لتشكيل لجان فرعية من عضوين في كل محافظة من محافظات سوريا الـ14، ثم يُمنح لهذه الهيئات 15 يوماً لتشكيل هيئات انتخابية على مستوى الدوائر، يعتمد حجمها على عدد المقاعد المخصصة لكل دائرة، ويعتمد توزيع المقاعد على مستوى المحافظة والدائرة على بيانات تعداد عام 2010. ولا يحق إلا لأعضاء الهيئة الانتخابية الترشح والتصويت في انتخابات الدوائر، فيما من المقرر إجراء انتخابات مجلس الشعب في الفترة ما بين 15 و20 أيلول.

يلفت التقرير إلى أن تشكيل اللجنة ونهجها التشاركي يمثلان تحولاً عن الجهود الانتقالية السابقة، والأهم من ذلك، أنها تبتعد عن هيمنة جهة فاعلة واحدة – أبرزها هيئة تحرير الشام – التي اتسمت بها المبادرات السابقة. وتتميز الهيئة الحالية، المؤلفة من 11 عضوًا، بتنوع أكبر: سبعة أعضاء كانوا تابعين سابقاً للمعارضة الرسمية، واثنان مرتبطان بحكومة الإنقاذ بقيادة هيئة تحرير الشام، وشخصيتان مدنيتان مستقلتان. ورغم أن إشراك امرأتين فقط لا يرقى إلى مستوى المساواة، إلا أنه يمثل خطوة متواضعة نحو مشاركة نسائية أوسع.

من الناحية الإجرائية، اعتمدت اللجنة موقفًا أكثر شفافيةً وتشاوراً من العديد من اللجان السابقة، حيث عقدت منتديات عامة واجتماعات توعية على مستوى المحافظات لعرض إطارها الانتخابي المقترح وطلب الملاحظات. كذلك، وُضعت عدة ضمانات إجرائية، منها فترة لتقديم الاعتراضات المتعلقة باختيار الهيئات الانتخابية وترشيحات المرشحين، بالإضافة إلى إنشاء لجان استئناف لمراجعة هذه الطعون. أيضاً التزمت اللجنة بتطبيق حصص التمثيل، بما في ذلك نسبة 20% كحد أدنى للنساء و2-3% للأشخاص ذوي الإعاقة.

يعتبر التقرير أن إعادة بناء النظام التشريعي في سوريا أمر ضروري بشكل عاجل للتحرر من الإرث القانوني والسياسي للمؤسسة السابقة، لكن في الخفاء، لا تزال العملية محفوفة بغموض كبير. فرغم جهود التواصل التي تبذلها اللجنة، لا تزال هناك أسئلة جوهرية عالقة، لا سيما في ما يتعلق بتشكيل اللجان الفرعية الانتخابية على مستوى المحافظات.

يرى التقرير أن صغر حجم هذه اللجان الفرعية المكونة من شخصين يفاقم المخاوف، فمسؤولية اختيار الهيئات الانتخابية على مستوى الدوائر الانتخابية والتشاور مع المجتمعات المحلية لضمان شمولية كل عضو، تجعل من المتوقع أن يتولى شخصان هذه المسؤوليات لمقاطعة بأكملها خلال أسبوعين أمراً مُرهقًا للصدقية. كذلك، فإن صغر حجمها يجعلها أكثر عرضة للتلاعب السياسي، لا سيما في سياقٍ تُشكّله الولاءات الفصائلية المتجذرة وديناميكيات القوة الإقليمية.

يشير التقرير إلى غموض يكتنف كيفية تطبيق حصص التمثيل، مثل 20% للنساء و70% للكفاءات والوجهاء التقليديين، ويُصعّب تخصيص المقاعد، على مستوى الدائرة الانتخابية بدلًا من مستوى المحافظات، تحقيق هذه الأهداف. أيضاً، ستُخصص في معظم الدوائر الانتخابية مقعد واحد فقط، مما يزيد من احتمال هيمنة النخب على حساب الكفاءات الفنية المؤهلة، ويترك النساء دون عتبة الـ 20% المطلوبة بكثير.

يتابع التقرير أن عدم وضوح كيفية اختيار الأعضاء من المناطق الخارجة عن سلطة دمشق، وخاصة السويداء والشمال الشرقي، يفاقم هذه التحديات. إن اختيار ممثلين من هذه المناطق من دون اتفاقات سياسية تضمن موافقة السلطات الفعلية المعنية يُهدد بترسيخ تجزئة سوريا.

يختتم التقرير بأن إعادة بناء النظام التشريعي في سوريا أمر ملح للتحرر من الإرث القانوني والسياسي للنظام السابق، ولوضع البلاد على مسار نحو إصلاح حقيقي، لكن هذه العملية ليست مجرد إنجاز بيروقراطي، بل هي اختبار للإرادة السياسية للسلطات الانتقالية في رسم مسار شامل حقيقي للبلاد.

مشاركة المقال: