تواصل فرق الدفاع المدني السوري، مدعومة بفرق إطفاء محلية ودولية ومتطوعين، تحقيق تقدم ملحوظ لليوم السابع على التوالي في عمليات إخماد الحرائق التي اندلعت في الغابات والمناطق الزراعية بريف اللاذقية الساحلي.
أفاد رائد الصالح، وزير الطوارئ وإدارة الكوارث، عبر حسابه على “إكس”: “في اليوم السابع من مكافحة الحرائق في غابات اللاذقية، تمكنت فرق الإطفاء من تقليل عدد البؤر المشتعلة”. وأضاف أن الفرق تتعامل حالياً مع بؤر نيران جديدة، وتم تقسيم المناطق المتضررة لتسهيل السيطرة عليها.
وأوضح الصالح أن فرق الإنقاذ بدأت بفتح طرق عازلة لمنع انتشار النيران وعزل الكتل الحراجية، للحد من امتداد الحرائق.
من جهته، أكد عبد الكافي كيال، مدير الدفاع المدني السوري، في تصريح لوكالة “سانا” الرسمية، أنه من المتوقع إعلان السيطرة الكاملة على الحرائق والبدء في عمليات التبريد الموسعة خلال الساعات القادمة. وأشار إلى أن الفرق المختصة تعمل على تقليل نقاط الاشتعال وتبريدها، وتواصل جهودها لإخماد ما تبقى منها لمنع انتشارها.
وأكد كيال أن الفرق تمكنت من تقسيم مواقع الاشتعال وفتح مسارات جديدة خلال الليل للسيطرة على انتشار النيران.
أبو الفضل اليازجي، عضو مجلس إدارة في الدفاع المدني السوري، صرح لمنصة إخبارية بأن اليوم كان من أصعب الأيام بسبب سرعة الرياح التي ساهمت في انتشار النيران في أماكن يصعب الوصول إليها. وأضاف أنهم يتعاملون مع ثلاث مناطق رئيسية تتعرض للحريق، معظمها في منحدرات شديدة الانحدار، مما استدعى استخدام الطيران المروحي التركي والأردني واللبناني في عمليات الإطفاء الجوي.
وأكد اليازجي أن الفرق تواجه تحديات كبيرة، تشمل نقص إمدادات المياه وبُعد مصادرها، إضافة إلى طبيعة المناطق المتضررة التي تحتوي على مخلفات حرب، مما يشكل خطراً إضافياً على كوادر الإنقاذ.
في المقابل، أعلن محافظ اللاذقية محمد عثمان عن خطة شاملة للتعامل مع الكارثة وتجنب تكرارها مستقبلاً. وقال: “نعمل بكل طاقاتنا لإيقاف النيران وإعادة تشجير المنطقة بشكل أفضل. سنبدأ بفتح خطوط النار في كل الجبال بالتنسيق مع وزارة الطوارئ والكوارث ووزارة الزراعة، لتسهيل حركة الآليات في حال حدوث أي كارثة مماثلة”.
وأضاف المحافظ أن محافظة اللاذقية أطلقت حملة إعادة تأهيل المناطق المتضررة باسم “بأيدينا نحييها”، والتي تستهدف زراعة المساحات المحترقة واستعادة الحياة الطبيعية.
من جانب آخر، حذّر الدفاع المدني السوري من تأثيرات غير مباشرة للحرائق، مثل فرار الحيوانات البرية من غابات الساحل، مشيراً إلى احتمالية ظهور ذئاب وضباع وخنازير برية في حالة هياج أو جوع في المناطق القريبة من التجمعات السكانية. ودعا الدفاع المدني الأهالي إلى توخي الحذر الشديد، وعدم الخروج ليلاً، والانتباه لسلامة الأطفال، ووضع الحيوانات الأليفة في أماكن محمية، وعدم الاقتراب من أي حيوان بري يظهر في تلك المناطق، والتواصل الفوري مع الجهات المختصة.
على الصعيد الدولي، أعلن الاتحاد الأوروبي عن تفعيل برنامج “الفضاء الأوروبي”، الذي يستخدم صور الأقمار الصناعية لدعم جهود الاستجابة المحلية، مؤكداً أن الحرائق تسببت في نزوح آلاف السكان وأدت إلى أضرار كبيرة في الخدمات الحيوية والمجتمعات الريفية. وأوضح الاتحاد أن هذا الدعم يأتي ضمن إطار تعزيز قدرة الجهات المحلية على التنبؤ باتجاهات النيران وتوجيه الموارد بدقة أعلى.
تزامناً مع تصاعد الأزمة، برزت استجابة شعبية واسعة من المجتمع المحلي ومن رجال أعمال ومؤسسات مدنية، أطلقت حملات تطوعية لمساعدة العائلات المتضررة وتوفير الاحتياجات الأساسية لهم. ومن أبرز هذه المبادرات، مبادرة “أيادي حلب البيضاء” التي أطلقها عدد من رجال الأعمال والتجار في حلب، والتي بدأت بإرسال شاحنة دعم لوجستي مجهزة باحتياجات ميدانية ضرورية لفرق الدفاع المدني، لا سيما في ظل الظروف المناخية الصعبة والجبال الشاقة.
كما أعلنت فرق إطفاء من محافظات الرقة والحسكة، انطلاقها نحو اللاذقية للمشاركة في مكافحة الحرائق، في خطوة تجسد الوحدة الوطنية أمام الكوارث. وقالت مراسلة صحفية، إن القافلة تضم ثلاث وحدات إطفاء مجهزة بكوادر مدربة ومعدات متكاملة، إلى جانب سيارة إسعاف طبية، مشيرة إلى أن هذه الجهود تأتي في سياق التنسيق بين مختلف المناطق السورية لمواجهة الكارثة.
من جانبه، أكد وزير الداخلية السوري، أنس الخطاب، أن السلطات تحقق فيما إذا كانت هناك أي جهة متورطة في إشعال الحرائق بشكل متعمد، لكنه أوضح أنه “لم يتم حتى الآن العثور على أي دليل يشير إلى أن الحرائق كانت مفتعلة”. وأشار الوزير إلى نشر حواجز على الطرق الفرعية المحيطة بمناطق الحريق، بالإضافة إلى توفير الحماية الكاملة لفرق الإنقاذ المحلية والدولية المشاركة في جهود إخماد النيران.
وتستمر جهود الإطفاء في ظل تحديات كبيرة، بينما تتجه الأنظار إلى الحملات التطوعية والإنسانية التي تحاول لملمة جراح منطقة فقدت آلاف الهكتارات من غاباتها ومزارعها، في واحدة من أخطر الكوارث الطبيعية التي تضرب الساحل السوري منذ سنوات.