الأربعاء, 12 نوفمبر 2025 01:02 AM

تحذيرات من مجلات "مفترسة" تبتلع جهود الباحثين السوريين: ضياع مئات الأبحاث العلمية

تحذيرات من مجلات "مفترسة" تبتلع جهود الباحثين السوريين: ضياع مئات الأبحاث العلمية

كشف الدكتور مروان الراعي، مدير مكتب التصنيف في جامعة دمشق، في حديث لعنب بلدي، عن خسارة مئات الأبحاث لطلاب الماجستير والدكتوراه في الجامعات السورية، وذلك بسبب نشرها في مجلات علمية تم تصنيفها حديثًا على أنها "مفترسة".

أوضح الراعي أن عدد هذه الأبحاث يتجاوز 200 بحث في ثلاث مجلات فقط، وهي: مجلة العلوم الطبية والآذرية والمجلة الأفريقية للعلوم الحيوية، وتعود هذه الأبحاث لجامعات دمشق وحمص وحلب وإدلب واللاذقية.

وأضاف مدير مكتب التصنيف أن نسبة كبيرة من منشورات جامعة إدلب قد نُشرت في إحدى هذه المجلات، كما أن أكثر من 50% من المنشورات في كلية طب الأسنان بجامعة دمشق نُشرت في مجلة أخرى من المجلات المذكورة.

وأرجع الراعي سبب هذه الخسارة إلى خروج عدد من المجلات العلمية المفهرسة ضمن قواعد بيانات "Web of Science" في التحديث الشهري الأخير، والتي نُشرت فيها مئات الأبحاث لطلاب وأساتذة جامعة دمشق وباقي الجامعات السورية خلال العامين الأخيرين.

وبحسب الراعي، فإن هذه المجلات أصبحت غير معتمدة للترفيع من مرتبة إلى أخرى بالنسبة للأساتذة، ولا للحصول على العلامة المخصصة للنشر عند مناقشة الرسالة بالنسبة للباحثين الطلاب. كما لن يتم الاستفادة منها كشرط للمناقشة في حال كان الناشر طالب دكتوراه، وذلك وفقًا لقرارات مجلس التعليم العالي التي تنص على عدم الاستفادة من نقاط أي بحث منشور في مجلة غير مصنفة أو مفترسة.

وأشار الراعي إلى أن مكتب تصنيف جامعة دمشق قد حذر باستمرار من النشر في هذه المجلات، إلا أن بعض الباحثين أصروا على النشر فيها نظرًا لسرعة قبول ونشر المقالات البحثية فيها، والتي قد تصل إلى يوم واحد فقط، بحجة أنها كانت معتمدة وفقًا للقرارات الناظمة.

وأكد الراعي أنه بخروج هذه المجلات، فإن مئات الأبحاث السورية تعتبر بحكم غير الموجودة، على الرغم من وجودها على مواقع المجلات المذكورة، والتي تصنف حاليًا على أنها "مفترسة".

ما هي هذه المجلات؟

ذكر الراعي أن المجلات التي صنفت كمفترسة هي مجلات متخصصة في العلوم الطبية والأساسية، منها مجلة تنتحل موقعًا وهميًا وتسمى "أذربيجان للعلوم الطبية"، والتي تعرف داخل الجامعة بـ"الآذرية"، ومجلة أخرى تسمى "مجلة العلوم الطبية"، والتي نشر فيها عدد كبير من طلاب كليتي طب الأسنان والعلوم في جامعة دمشق، بالإضافة إلى طلاب من كليات أخرى ولكن بوتيرة أقل.

وبحسب المعلومات المتوفرة، كان الطلاب يدفعون مبالغ لوسطاء (منهم أساتذة) ومبالغ للمجلة نفسها للنشر فيها بسرعة، وهذا أمر غير مقبول أكاديميًا، وفقًا لمدير مكتب التصنيف بجامعة دمشق.

متى تصنف المجلة كـ"مفترسة"؟

يشرح الراعي أن هناك قواعد بيانات عالمية مثل موقع Beall’s List For Black List Journal، تقوم بفحص ومراقبة المجلات العالمية، وفي حال مخالفتها لقواعد ومعايير النشر العلمي الدولي، تصنفها كـ"مفترسة".

ويضيف أن "المجلات المفترسة" تقوم بنشر المقالات أو الأبحاث لواحد من هدفين: إما مقابل دفع مبالغ مالية دون تقييم علمي، أو لسرقة الأبحاث العلمية ذات القيمة.

وبين الراعي أن المنافع التي يجنيها الباحث من النشر تكون على مستويين:

  • مستوى دولي أو عالمي: ففي حال كان للطالب نشر أو مقالة علمية في مجلة عالمية مصنفة على مستوى عالٍ، فإن فرص الطالب في متابعة دراسته تكون عالية جدًا، بالإضافة إلى سهولة تأمين العمل ضمن نفس اختصاصه، خاصة في المستوى البحثي أو الأكاديمي.
  • مستوى محلي: يستفيد منها الطالب في المناقشة والدرجات، خاصة أن بعض الجامعات مثل جامعة دمشق تخصص عشر درجات من مجمل العلامة الكاملة (مئة درجة) للنشر العلمي. أما الأستاذ في الجامعة أو أعضاء الهيئة الفنية فيستفيدون منها في الترفيع الأكاديمي.

وهذا على صعيد علمي، أما على صعيد مادي، فيوجد مكافأة تصل إلى خمسة ملايين ليرة سورية مخصصة للطلاب في حال النشر ضمن مجلات مفهرسة ضمن قاعدة بيانات "سكوبس"، و360 ألفًا مخصصة للأستاذ في حال قام بالنشر في المجلات المصنفة.

نصائح وتوصيات

نصح مدير مكتب التصنيف الطلاب والأساتذة بالنظر إلى المجلة وآلية قبول البحث فيها، بالإضافة إلى التأكد من هدف المجلة إذا كان تجاريًا أم علميًا، لافتًا إلى ضرورة اعتماد الباحث على نفسه في التحقق مما سبق وعدم الاعتماد على أشخاص آخرين في عملية النشر.

وطالب الراعي بتعديل شروط ترفيع الأساتذة وشروط مناقشة الدكتوراه لتكون أكثر صرامة من ناحية النشر العلمي، معتبرًا أن التشدد في هذا الأمر يدفع الباحثين ليكونوا أكثر دقة وجدية.

مشاركة المقال: