السبت, 1 نوفمبر 2025 12:48 AM

تركيا تدفع بمسار السلام مع حزب العمال الكردستاني: دمج "قسد" وتفكيك السلاح أبرز الملفات

تركيا تدفع بمسار السلام مع حزب العمال الكردستاني: دمج "قسد" وتفكيك السلاح أبرز الملفات

شهدت تركيا تحركات سياسية وأمنية وإعلامية مكثفة في الأيام الأخيرة، بدأت بإعلان حزب العمال الكردستاني (PKK) عن سحب قواته من الأراضي التركية باتجاه شمال العراق. يأتي ذلك في إطار مسار تفاوضي غير معلن، يتم عبر قنوات سياسية واستخباراتية مباشرة بين الدولة التركية وعبد الله أوجلان، الزعيم التاريخي للحزب المعتقل في جزيرة إمرالي.

تبع ذلك حدثان مهمان في أنقرة: أولهما لقاء وفد إمرالي من حزب "ديم" الموالي للأكراد، والمكون من السياسيين بيرفين بولدان ومدحت سنجار، مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهي المرة الثالثة منذ بدء مسار السلام. ثانيهما اجتماع لجنة "التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية" في البرلمان التركي، حيث قدم وزير الخارجية هاكان فيدان ووزير العدل يلماز تونج عرضين أمام اللجنة، بشكل مغلق أمام الصحافة.

في البيان الذي تلاه القيادي في حزب العمال الكردستاني، صبري أوك، أُعلن عن بدء سحب القوات من تركيا إلى "مناطق الدفاع" في شمال العراق، دون الحديث عن "تسليم السلاح". البيان حمل دلالة سياسية، وترك الباب مفتوحاً أمام إمكانية الاحتفاظ بقدرات قتالية خارج الأراضي التركية، بانتظار ضمانات سياسية وقانونية من أنقرة. البيان ذكّر بقرارات المؤتمر الثاني عشر للحزب، الذي شهد إعلاناً رمزياً عن "حرق السلاح" في تموز/ يوليو الماضي.

المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية عمر جليك رحب بحذر بالخطوة، مؤكداً أنها "في إطار خريطة الطريق نحو تركيا خالية من الإرهاب". سرعة الردّ ومستواه السياسي يشيران إلى أن الدولة كانت على علم مسبق بمضمون البيان وتوقيته.

وفقاً لمعلومات حصلت عليها "النهار"، أطلع وزير الخارجية فيدان اللجنة على عملية اندماج قوات سوريا الديموقراطية "قسد" ضمن الجيش السوري الجديد، فيما أطلع وزير العدل تونج اللجنة على الخطوات القانونية المُخطط لها تجاه حزب العمال الكردستاني بعد إتمام عملية نزع السلاح. وبعد إنهاء اللجنة لقاءاتها تم اتخاذ قرار البدء بإعداد تقريرها الذي سيتضمن أيضاً لوائح قانونية مُحتملة على شكل توصيات لتنظيم الإطار القانوني والعدلي لعملية السلام.

تشمل خطوات السلام تقديم إحداثيات مخازن أسلحة في جبال قنديل، وتسليم عدد محدود من المقاتلين للسلطات، وعودة شخصيات سياسية كردية من الخارج محكومة بأحكام قضائية، ضمن عفو خاص يعلنه الرئيس التركي.

تظلّ مشكلة الذاكرة الشعبية من أعقد التحديات أمام أنقرة، إذ أدت عقود الصراع إلى سقوط أكثر من خمسين ألف قتيل. تسعى الدولة التركية إلى ضبط الإيقاع الصوري للعملية، وتجنّب مشاهد دخول مقاتلين حاملين رايات الحزب.

تتمثل "معضلة مركزية" تتجاوز الحدود التركية في موقف "قسد" في سوريا، التي أكّدت رفضها لطرح أنقرة المتمثّل بتسليم سلاحها وحلّ نفسها بشكل كامل. في المقابل، تصرّ أنقرة على أن أي تسوية في تركيا لن تكون مكتملة ما لم تتقاطع مع تسوية أوسع في سوريا، تشمل مستقبل الإدارة الذاتية الكردية.

أفاد موقع "نورث برس" بأن "قسد" سلّمت التحالف الدولي قائمة تتضمّن نحو سبعين اسماً من قادتها العسكريين الذين سيشاركون في عملية الاندماج المرتقبة ضمن الجيش السوري، بثلاث فرق عسكرية سيتم ضمّها كفرق ضمن مناطق سيطرة الإدارة الذاتية في كلّ من الحسكة ودير الزور والرقة، إضافة إلى قادة ثلاثة ألوية خاصة تابعة لهيئة الأركان السورية، مع تخصيص نحو ثلاثين في المئة من مناصب قيادة الأركان لشخصيات من "قسد".

صرح قائد "قسد" الجنرال مظلوم عبدي بأنها ستشكّل جزءاً أساسياً من الجيش السوري قيد التشكيل.

تقف تركيا اليوم أمام منعطف شبيه بما جرى قبل ستة عشر عاماً، فيما ستشكّل الأسابيع المقبلة اختباراً حقيقياً لمدى قدرة الدولة والحزب على تجاوز عقد الماضي، والوصول إلى معادلة أمنية وسياسية جديدة.

مشاركة المقال: