الثلاثاء, 19 أغسطس 2025 05:57 PM

تصاعد المخاوف الكردية من هجوم تركي محتمل: أنقرة ترفض حلول التسوية وتلوح بالتصعيد

تصاعد المخاوف الكردية من هجوم تركي محتمل: أنقرة ترفض حلول التسوية وتلوح بالتصعيد

يبدو الأكراد في شمال شرق سوريا في وضع أفضل مقارنة ببعض الأقليات السورية الأخرى، حيث لم يتعرضوا بعد لعمليات ممنهجة واسعة النطاق كالتي شهدتها مناطق العلويين والدروز، بالإضافة إلى تفجير الكنيسة في دمشق وتهجير المسيحيين. ويعتقد الأكراد أن الحفاظ على أسلحتهم هو ما حال دون وقوع الأسوأ، وأن أحداث الساحل والسويداء منحتهم مبرراً لعدم الاندماج في الجيش الناشئ. وكانوا قد اقترحوا أن تكون "قسد" جزءاً من هذا الجيش، كلواء مستقل نسبياً عن الإدارة المركزية، يقتصر وجوده على مناطق شرق الفرات.

على الرغم من أن الأكراد لا يخشون هجمات القوات الحكومية، إلا أنهم يستعدون لاحتمال قيام الجيش التركي بعمل عسكري ضدهم، بغزو مناطقهم في سوريا، إذا رفضوا تسليم أسلحتهم للسلطة المركزية. فمنذ توقيع اتفاق العاشر من آذار بين الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع والقائد العام لـ"قسد" مظلوم عبدي، تتكرر تهديدات المسؤولين الأتراك، كان آخرها تصريح وزير الخارجية حاقان فيدان بأن "صبر بلاده قد نفد" وأنها "لن تقف متفرجة إذا لم ينفذ الأكراد اتفاق العاشر من آذار".

تزداد في الأوساط الكردية المواقف والتصريحات التي تسلط الضوء على الموقف التركي "العدائي" من الأكراد، وتثير تساؤلات حول مسار حل المسألة الكردية في تركيا وسوريا. ومن بين هذه الشكوك، اعتبار اتفاق الدعم العسكري التركي للسلطة الانتقالية السورية موجهاً بشكل أساسي ضد القوات الكردية في شرق الفرات.

ووفقاً لصحيفة «يني أوزغور بوليتيكا» الكردية، فإن سياسات رجب طيب إردوغان في سوريا تحاكي سياسات بنيامين نتنياهو في ممارسة الهيمنة الاستعمارية بالقوة، مدعومة بتأييد العالم الإمبريالي والأنظمة الملكية العربية. إلا أن الصحيفة ترى أن شن حرب على قوات سوريا الديموقراطية لن يكون في صالح إردوغان، نظراً لتراجع التأييد له بعد إسقاط نظام الأسد بسبب سياسات القتل للأقليات، ومعارضة الدول العربية التي قد تعتبر ذلك توسعاً يهدد مصالحها في سوريا، مما قد يؤدي إلى قطع التمويل العربي عن تركيا.

وتضيف الصحيفة أن أي عدوان تركي على الأكراد سيثير ردود فعل متجددة من الشعب السوري. وتتوقع أن يسعى إردوغان لخلق جو حرب ونشر تشكيلات قتالية لعصابات الجولاني والجيش الوطني السوري (الحر سابقاً) قرب مناطق وحدات الدفاع الكردية، مع الخرق المتواصل لوقف النار وشن غارات جوية جزئية، بهدف الضغط على "قسد" لإخضاعها، أو شن حرب لاحتلال المناطق الكردية إذا فشل ذلك، وهو ما قصده فيدان بقوله: "لقد نفد صبرنا وسنبدأ حربنا". وتختتم الصحيفة بالقول إن تركيا سهلت اجتماعات باكو بين الجولاني وإسرائيل، وأن سوريا ليست سوى مرآة لعداء إردوغان للأكراد.

وفي مقالة أخرى في الصحيفة نفسها، يرى الكاتب زكي عقل أن ممارسات تركيا لا تتفق مع ادعائها السعي وراء الأخوة التركية – الكردية في الداخل التركي، والأخوة العربية – الكردية في الداخل السوري. ويضيف أن تركيا تسعى إلى منع الفرصة التاريخية للشعب السوري للانتقال إلى نظام ديمقراطي، بينما تدعم هيئة تحرير الشام، التي يعتبرها نسخة أخرى من تنظيم القاعدة، وتسعى إلى نظام ديكتاتوري قائم على تفسير ديني صارم. ويرى أن كل ما تفعله هيئة تحرير الشام هو من توصيات وصنع تركيا، وأن مجلس الأمن القومي التركي أوصى بوجود حكومة مركزية أحادية في دمشق.

ويشير عقل إلى أن محاولات إحياء الاتفاق مع دمشق بوساطة توم براك لم تنجح، وأن أنقرة عرقلت اجتماع باريس واستدعت وزيري خارجية سوريا ودفاعها وأجبرتهما على توقيع اتفاق عسكري لاستخدام بلادهما كساحة خلفية لنشاطاتها. ويرى أن تركيا تريد بعد ما حل بالعلويين والدروز، أن يعلن الأكراد استسلامهم، متسائلاً: "هل هذه أخوة تركية – كردية؟ إن ما يقال وما يحدث على الأرض لا يتوافق مع الأخوة، بل هو استمرار للعداء التقليدي ضد الأكراد".

مشاركة المقال: