الأحد, 20 أبريل 2025 02:49 AM

تقارب أميركي إيراني: محادثات فنية مرتقبة في سلطنة عمان لبحث الملف النووي

تقارب أميركي إيراني: محادثات فنية مرتقبة في سلطنة عمان لبحث الملف النووي

انتهت الجولة الثانية من المفاوضات الجارية بين مبعوث الرئيس الأميركي ستيف ويتكوف، ووزير الخارجية عباس عراقجي في العاصمة الإيطالية روما، بتفاهم على عقد مباحثات على مستوى الخبراء، وجولة ثالثة من المباحثات في مسقط بعد أسبوع.

وقالت الخارجية العمانية في بيان إن «خلال الاجتماع الذي عقد اليوم في روما، وافق وزير الخارجية الإيراني ومبعوث الرئيس الأميركي، بوساطة وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي، على الانتقال إلى المرحلة التالية من المحادثات التي تهدف إلى التوصل إلى اتفاق عادل ودائم وملزم».

وأشار البيان إلى أن الاتفاق المحتمل يضمن أن «تكون إيران خالية تماماً من الأسلحة النووية والعقوبات»، فضلاً عن «الحفاظ على قدرتها في تطوير الطاقة النووية السلمية».

وأضاف: «قد تم التأكيد أن الحوار والتواصل الواضح هما السبيل لتحقيق اتفاق وفهم متبادل موثوق به يصب في مصلحة جميع الأطراف المعنية على الصعيدين الإقليمي والدولي».

وأشار البيان إلى الاتفاق على أن الجولة المقبلة، ستُعقد في مسقط خلال الأيام القليلة المقبلة.

ومن جانبه، قال وزير الخارجية الإيراني، للتلفزيون الرسمي، المحادثات «تتقدَّم في الاتجاه الصحيح»، مشيراً إلى التوصُّل إلى تفاهم بشأن عقد «الجلسات الفنية على مستوى الخبراء في سلطنة عمان، يليها اجتماع لكبار المفاوضين يوم السبت المقبل».

وقال عراقجي: «عقدنا اليوم جلسةً استمرّت نحو 4 ساعات. كانت جلسةً مثمرةً، والمفاوضات تسير في مسار إيجابي».

وأضاف: «هذه المرة تَمكَّنا من التوصُّل إلى تفاهم أفضل حول مجموعة من المبادئ والأهداف، واتفقنا على استئناف المحادثات والانتقال إلى المرحلة التالية، حيث ستبدأ الجلسات الفنية»، مضيفاً أن «المفاوضات الفنية على مستوى الخبراء ستنطلق في عُمان يوم الأربعاء».

وزاد في السياق نفسه: «سيتمكَّن الخبراء من مناقشة التفاصيل ووضع إطار للتوافق، ثم نلتقي (مع ويتكوف) يوم السبت المقبل في عمان؛ لمراجعة نتائج عمل الخبراء، وتقييم مدى تقدُّمنا في تحقيق المبادئ الأساسية للاتفاق».

«بين التفاؤل والتشاؤم»

وتحفَّظ عراقجي على التسريبات الإعلامية بشأن المفاوضات. وقال: «التكهنات والتحليلات دائماً ما تكون جزءاً من أي عملية تفاوضية، وقد يسعى البعض إلى تقديم تفسيرات لأغراض معينة، لكنني لا أؤيد هذه التكهنات».

ولفت عراقجي إلى أن: «المعيار الحقيقي هو ما يحدث خلف طاولة المفاوضات». ودعا إلى «عدم الانشغال بالتكهنات، وتركنا نواصل هذا المسار في إطار عقلاني حتى نتمكَّن من الوصول إلى نتيجة». وتابع قائلًا: «المفاوضات من مهام وزارة الخارجية، ولا ينبغي أن تُحدث أي ضجة أو توتر في المجتمع. نحن نعمل بهدوء ودقة».

وبشأن النتائج المحتملة، أشار عراقجي إلى تصريحات سابقة للمرشد الإيراني قائلاً: «كما أشار المرشد، لا يوجد سبب للتشاؤم أو التفاؤل المفرطين، ويجب أن نسير في هذا المسار بشكل متوازن وعقلاني». وأضاف: «نأمل أن نكون في وضع أفضل الأسبوع المقبل بعد المحادثات الفنية، لكننا ما زلنا نتعامل بحذر في تقييم إمكانية التوصل إلى تفاهم».

ونوه عراقجي إنه «من وجهة نظرنا، لا يوجد أي موضوع قابل للمفاوضة سوى بناء الثقة في ما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات»، مضيفاً: “الأميريكيون التزموا بهذا المبدأ حتى الآن». لكنه قال «نحن لا نزال نتعامل بحذر، ونأمل أن نكون في وضع أفضل الأسبوع المقبل لتقييم إمكانية التوصل إلى اتفاق».

في نفس السياق، قال عراقجي في تصريح لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» إن «الأميركيون لم يثروا حتى الآن أي نقاش خارج إطار الملف النووي». وأضاف: «أكدنا أن مفاوضاتنا تقتصر بشكل حصري على القضية النووية ولن نقبل التطرق إلى أي موضوع آخر».

وعرض التلفزيون الرسمي لقطات تُظهر مغادرة الوفد الإيراني مقر السفارة العُمانية، حيث جرت المفاوضات غير المباشرة برعاية وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي.

ونفى التلفزيون الرسمي الإيراني في وقت سابق، تعثراً «مؤقتاً»، وذلك بعدما ذكرت وسائل إعلام إيرانية، بعد نحو ساعة من المحادثات، أن عراقجي «أوقف المفاوضات لمدة 15 دقيقة؛ بسبب طرح الطرف الأميركي لقضايا غير نووية، وأعلن أن استئناف المحادثات مشروط بالتركيز على القضايا النووية فقط».

جاء ذلك، بعدما طالبت طهران الوفد الأميركي بـ«تجنب طرح مطالب غير واقعية وغير معقولة تحت تأثير إسرائيل».

ونفى مصدر مطلع في تصريح للتلفزيون الرسمي صحة الأنباء التي أوردتها وسائل إعلامية بشأن تعليق المفاوضات لمدة 15 دقيقة. ووصف التقارير بـ«الزائفة»، وأضاف: «تبيَّن عدم صحتها».

ورغم نفي التوقف، فإن صحافيين مرافقين للوفد الإيراني أكدوا صحة التوقف، لكنهم قالوا إن الوفد الإيراني طلب «التوقف من أجل الصلاة».

وأعلن مسؤولون من كلا الجانبين، الأميركي والإيراني، بدء الجولة الثانية من المحادثات بين المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، والوفد الإيراني برئاسة عراقجي، بشأن البرنامج النووي الإيراني، السبت، في روما.

وأثناء المحادثات، ظهر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، مرتين على شاشة التلفزيون الرسمي، وقال بقائي «إن المفاوضات بدأت نحو الساعة 12 بتوقيت روما، في مقر إقامة السفير العُماني».

وأشار إلى لقاء عراقجي ونظيره الإيطالي أنطونيو تاياني قائلاً إن «إيطاليا أعربت عن تقديرها لهذه الفرصة، كما عبَّر الجانب الإيطالي عن امتنانه لاستضافتها».

وأوضح أن «سير إجراءات المفاوضات مماثل للجولة الأولى، حيث يجلس الوفدان في قاعتين منفصلتين، ويتنقل وزير الخارجية العُماني بين الوفدين، وقبل بدء المفاوضات، أجرينا محادثات مع الوزير العُماني. تُدار المفاوضات بالكامل من قبل عُمان كما كانت الحال في الجولة السابقة».

وقال بقائي: «على وسائل الإعلام عدم الترويج للأخبار الزائفة بشأن المفاوضات، ومتابعة الأخبار الدقيقة عبر وزارة الخارجية».

وأضاف: «الأخبار الكاذبة جزء من محاولات خلق التشويش حول المفاوضات. تركيزنا ينصب على تحقيق مصالح إيران دون الالتفات إلى هذه الجوانب الهامشية».

وأفاد الإعلام الرسمي، نقلاً عن بقائي بعد وصول الوفد الإيراني إلى روما، «في ظل التصريحات المتناقضة التي صدرت عن عدد من المسؤولين الأميركيين خلال الأيام القليلة الماضية، نتوقَّع من الجانب الأميركي أن يقدِّم في المرحلة الأولى توضيحاً يزيل الغموض الخطير الذي أُثير حول نيّته وجديته».

وأضاف: «إن مواقف ومطالب الجمهورية الإسلامية، سواء فيما يخصُّ رفع العقوبات غير القانونية أو الملف النووي، واضحة تماماً، وقد تم إبلاغ الطرف المقابل بها خلال الجولة الأولى من المفاوضات».

وتابع بقائي: «إن العودة إلى الأساليب السابقة لن تفضي إلى نتيجة، ولا يمكن تحقيق أي تقدم فعلي ما لم يتعامل الطرف الآخر بواقعية، ويتجنب طرح مطالب غير واقعية وغير معقولة تحت تأثير إسرائيل».

وفي وقت سابق، أوضح مسؤول أميركي، فضَّل عدم ذكر اسمه، أن المحادثات تتم في السفارة العُمانية بحي كاميلوتشيا، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».

وأجرى عراقجي مشاورات مع نظيره العماني قبيل انطلاق المحادثات. وكان الوزير الإيراني قد أجرى مشاورات مع نظيره الإيطالي أنطونيو تاياني.

وكان ويتكوف وعراقجي باشرا المحادثات بشأن ملف إيران النووي الذي يثير التوتر بين طهران وبلدان غربية، في عُمان يوم 12 أبريل (نيسان).

وقد تُحدِّد قدرة الرجلين على إيجاد أرضية مشتركة في هذه المفاوضات عالية المخاطر مصير المحادثات. وصل كلاهما إلى مقر السفارة العمانية بروما في وقت متأخر من صباح السبت.

وتُعدّ هذه المحادثات لحظةً تاريخيةً في سياق العداء المستمر بين البلدين منذ ثورة 1979، وأزمة رهائن السفارة الأميركية. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد انسحب في عام 2018 من الاتفاق النووي الإيراني، مما أدى إلى سنوات من الهجمات والمفاوضات التي فشلت في استعادة الاتفاق الذي كان قد حدّ من تخصيب إيران لليورانيوم مقابل رفع العقوبات الاقتصادية.

وتكمن المخاطر في إمكانية حدوث هجوم عسكري أميركي أو إسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية، أو في قيام إيران بتنفيذ تهديداتها بالسعي للحصول على سلاح نووي.

وفي الوقت نفسه، تصاعدت التوترات في الشرق الأوسط بسبب الحرب بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، بالإضافة إلى الغارات الجوية الأميركية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، مما أسفر عن مقتل العشرات.

وقال ترمب، الجمعة: «أنا مع منع إيران، ببساطة شديدة، من الحصول على سلاح نووي. أريد أن تكون إيران عظيمة ومزدهرة ورائعة».

وكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، السبت، على منصة «إكس»: «إيران دائماً ما أظهرت بحسن نية وإحساس بالمسؤولية التزامها بالدبلوماسية بوصفها وسيلة حضارية لحل المشكلات».

وأضاف بقائي: «نحن ندرك أن الطريق ليس سهلاً، ولكننا نخطو كل خطوة بعينين مفتوحتين، مستفيدين من التجارب السابقة».

وفي وقت لاحق من صباح السبت، التقى عراقجي بوزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني قبل المحادثات «غير المباشرة» مع ويتكوف.

وسافر كل من عراقجي وويتكوف قبيل المحادثات. وكان ويتكوف في باريس لإجراء محادثات حول أوكرانيا وإيران، في حين وصل عراقجي من طهران بعد زيارة إلى موسكو، حيث التقى بمسؤولين روس، بمن في ذلك الرئيس فلاديمير بوتين.

وقد تشارك روسيا، عضو القوى العالمية الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، بشكل رئيسي في أي اتفاق مستقبلي بين طهران وواشنطن. يشير المحللون إلى أن موسكو قد تتولى مهمة نقل اليورانيوم الإيراني المخصب بنسبة 60 في المائة، وهو مستوى قريب من نسبة 90 في المائة المطلوبة لإنتاج السلاح.

ووصل وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي الذي توسط في الجولة الأولى من المحادثات، أيضاً إلى روما، الجمعة، والتقى بنظيره الإيطالي. وقال بقائي إن البوسعيدي سيتوسط مجدداً بين البلدين.

وتُعد سلطنة عمان، الواقعة على الحافة الشرقية لشبه الجزيرة العربية، لاعباً طويل الأمد في الوساطة بين إيران والغرب. كانت مسقط قد استضافت الجولة الأولى من المفاوضات بين عراقجي وويتكوف في عطلة نهاية الأسبوع الماضي.

إيران تسعى إلى اتفاق استقرار اقتصادي

ولا تزال الاحتجاجات في إيران متصاعدة نتيجة السخط الشعبي من الغلاء المعيشي، في حين أن هناك شائعات عن احتمال رفع تكلفة البنزين المدعوم في البلاد، مما قد يؤدي إلى اندلاع احتجاجات جديدة.

من ناحية أخرى، شهدت العملة الإيرانية «الريال» انخفاضاً حاداً؛ إذ تجاوزت حاجز المليون مقابل الدولار الأميركي في وقت سابق من الشهر، لكنها تحسنت جزئياً مع بدء المحادثات، وهو ما تأمل طهران استمراره.

وفي تطور آخر، وصلت طائرتان من طراز «إيرباص A330 – 200»، واللتان طالما سعت إليهما شركة «إيران للطيران»، إلى طهران، الخميس. كانت الطائرتان تابعتين سابقاً لشركة «هاينان» الصينية، وتمت إعادة تسجيلهما لإيران. وتتطلب الصفقة موافقة وزارة الخزانة الأميركية نظراً للعقوبات المفروضة على إيران، ولم ترد أي تعليقات بعدُ من واشنطن.

وبموجب اتفاق عام 2015، يمكن لإيران شراء طائرات جديدة، وقد أبرمت صفقات كبيرة مع «إيرباص» و«بوينغ»، لكن تلك الصفقات تأثرت بعد تهديدات ترمب بإلغاء الاتفاق النووي.

مشاركة المقال: