الخميس, 27 نوفمبر 2025 11:48 PM

جفاف يضرب درعا: محصول الزيتون يسجل أدنى مستوياته

جفاف يضرب درعا: محصول الزيتون يسجل أدنى مستوياته

تراجع حاد في إنتاج الزيتون في درعا بسبب الجفاف

شهد إنتاج الزيتون في سوريا هذا العام تراجعاً كبيراً نتيجة أسوأ موجة جفاف منذ 60 عاماً. وفي محافظة درعا الجنوبية، انخفض المحصول بنسبة 68% مقارنة بعام 2024، و86% مقارنة بعام 2011.

أبو حسام، مزارع زيتون من درعا، يصف حجم خسائره هذا العام بعد انتهاء موسم الحصاد. حيث أنتجت أرضه بالقرب من إنخل، في محافظة درعا الجنوبية، 1.5 طن فقط من الزيتون، أي ما يعادل 6% فقط من الـ 25 طناً التي أنتجها في عام 2024.

ويشير مزارعون وخبراء زراعيون إلى أن التغيرات المناخية في جنوب سوريا، مثل الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، هي من الأسباب الرئيسية لهذا التراجع، بالإضافة إلى نقص الموارد الزراعية وتضرر القطاع الزراعي نتيجة سنوات الحرب.

موفق شيخلي، استشاري إدارة الموارد الطبيعية، يؤكد أن تراجع إنتاج الزيتون ليس محصوراً بمحافظتي درعا والسويداء، بل أصبح ظاهرة متكررة في معظم مناطق إنتاج الزيتون في سوريا.

تقلص المحاصيل

معاوية الزعبي، الذي يدير بستان زيتون في شرق درعا، يصف الموسم الحالي بأنه من الأسوأ منذ أكثر من 20 عاماً، حيث انخفض إنتاج الشجرة الواحدة إلى النصف مقارنة بالعام الماضي.

ويضيف الزعبي أن أشجار الزيتون تأثرت بالقصف والمقذوفات خلال سنوات الثورة السورية، وأن الأولوية كانت للسلامة وليس للعناية بالأشجار.

أحمد الناصيف، الذي يستأجر بساتين زيتون من المزارعين في مدينة إنخل، يؤكد أن محصول هذا الموسم لم يتجاوز ربع محصول الموسم الماضي، وأن بعض المزارع لم تنتج ما يكفي للاستهلاك الشخصي.

ويشير الناصيف إلى أن المشكلة الرئيسية هي نقص الأمطار وموجات الحر الشديدة التي تزامنت مع فترة الإزهار، مما أدى إلى تساقط الأزهار.

نتيجة لانخفاض الإنتاج، ارتفع سعر زيت الزيتون بشكل كبير، حيث وصل سعر التنكة (16 كيلوغرام) إلى 111 دولاراً، مقارنة بـ 50 دولاراً في العام الماضي.

وينصح الناصيف المزارعين بعدم زراعة أصناف جديدة من الزيتون، والتي تحتاج إلى ري وعناية أكثر من الأصناف التقليدية المحلية، مثل الجلط والكلاماتا لزيتون المائدة، والصوراني والإستانبولي والمنزلينا للزيت.

على الرغم من التراجع العام في المحصول، إلا أن إنتاج زيتون المائدة الذي يزرعه نايف النايف في بستانه في إنخل كان استثناءً هذا الموسم، حيث حافظ على إنتاج جيد للعام الثاني عشر على التوالي، ويعزو النايف نجاحه إلى الاهتمام المستمر بالأشجار والري الجيد.

تحولات مناخية

شهدت سوريا هذا العام أسوأ موجة جفاف منذ أكثر من 60 عاماً، حيث سجلت الأمطار أدنى مستوياتها منذ عام 1997. وفي درعا، لم تتجاوز كمية الأمطار 151 مليمتر هذا العام، مقارنة بـ 293.5 مليمتر في عام 2024.

ويؤكد الزعبي أن الأشجار لم تعد تنتج كما كانت في السابق، وأن توزيع الأمطار غير مناسب، وأن الأشجار تحتاج إلى عناية وجهد أكبر لإنتاج أقل مما كانت تنتجه في الماضي.

ويشير مهندس زراعي في مديرية زراعة درعا إلى أن هناك أشجاراً لم تنتج على الإطلاق، خاصة في المناطق الوسطى والشرقية من درعا، وأن الإنتاج كان منخفضاً جداً في المنطقة الغربية.

ويوضح شيخلي أن انخفاض الإنتاجية في السنوات الأخيرة يعود بشكل أساسي إلى التغيرات المناخية الحرارية، وخاصة موجات الرياح الحارة التي تهب على البلاد في وقت مبكر من المعتاد، خلال فترة الإزهار.

ويضيف شيخلي أن هذه الرياح تتسبب في جفاف سريع للأزهار، مما يؤدي إلى تساقطها، وأن الأشجار تصبح مرهقة بسبب الجفاف والحرارة، مما يؤثر على إنتاج الزيت.

الأمراض والآفات

يشير مصدر في مديرية زراعة درعا إلى أن أشجار الزيتون في درعا تتمتع بصحة جيدة نسبياً، خاصة بعد اتفاق التسوية عام 2018، حيث أعاد المزارعون زراعة أراضيهم بأشجار زيتون جديدة.

ومع ذلك، انتشرت هذا الموسم عدد من الأمراض والآفات في منطقة حوران، بما في ذلك الأمراض الفطرية، مثل ذبول أجزاء من معظم الأشجار، وخاصة صنف النبالي، بالإضافة إلى انتشار محدود لعين الطاووس وحشرة بسيلا الزيتون وعثة الزيتون.

ويضيف المهندس الزراعي أن نقص العناصر الغذائية يظهر على الأشجار، وأن المزارعين نادراً ما يقومون بتسميد الأشجار بالأسمدة العضوية.

ويؤكد شيخلي أن سنوات الحرب والعقوبات والتدهور الاقتصادي ساهمت في تدهور الخدمات الزراعية لأشجار الزيتون، وأن التربة استنفدت من العناصر الغذائية اللازمة لعملية التمثيل الضوئي.

ويشير الزعبي إلى أن الجفاف واستنزاف المياه الجوفية أدى إلى ارتفاع تكاليف الري، مما يترك المزارعين يدفعون تكاليف أعلى مقابل عوائد اقتصادية ضعيفة.

ويوضح المهندس الزراعي أن مستويات المياه الجوفية انخفضت في مناطق وادي اليرموك وتل شهاب والمزيريب وزيزون والعجمي والأشعري وطفس وجلين في غرب درعا، وأن العديد من الآبار جفت، مما دفع المزارعين إلى الانتقال والاستثمار في المنطقة الشرقية.

ويختم المهندس الزراعي بالإشارة إلى أن بعض المزارعين يتخلون عن زراعة الزيتون، ويتجهون إلى أشجار أخرى، مثل المشمش والخوخ، للتكيف مع الواقع الجديد.

مشاركة المقال: