أ. د. جورج جبور
عقدت جلسة مع رئيس الاتحاد المنتخب بعد أيام من تداول أخبار عن تغيير القيادة بقرار سيادي. كما كانت لي جلسة مع الصديق القديم د. الزعبي، عضو المكتب التنفيذي. خرجت من الاتحاد آنذاك مقتنعاً بسلامة ترتيب عملية الانتقال.
يوم أمس الأحد 27 نيسان، قررت أن الوقت قد حان للتعرف على وجوه القيادة الجديدة.
مهدت للزيارة باتصال هاتفي مع زميل اتحادي أثق به هو د. عبدالله شاهر. كان في الاتحاد، في المكتب الجديد للرئيس السابق. إذن ثمة من أتحدث إليه من المجموعة القيادية السابقة.
كانت خطوات قليلة في البهو المخصص للقيادة. ثمة مكتب ذو باب مفتوح كأنه يرحب بالزوار. على المكتب وجه جديد. قلت: ربما هو من القيادة الجديدة. تقدمت. نهض مرحبا. عرفته باسمي فكانت منه إجابة حسنة. دعاني إلى الجلوس. بدأت عملية التعارف مع القيادة الجديدة، أو، على نحو أدق، مع المسؤول الثاني في القيادة الجديدة: أ. محمد منصور.
على مكتبه إعداد قديمة من مجلة "الموقف الأدبي". عامنا هذا هو مئوية الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان الأطرش. قلت لنفسي: فوالله إنها لسانحة. قبل أيام قليلة، سألني صديق أن ينشر، على هيئة كراس متواضع الحجم، بضعة مقالات قصيرة لي عن الثورة السورية الكبرى. قلت له: لكن لا تنسى. لدي في أحد الإعداد الأولى من مجلة "الموقف الأدبي" مقال أراجع به ما خطه الأديب أ. سلامة عبيد عن أبي صابر، الثائر المنسي مرتين. حاول أن تجد المقال.
إنها لسانحة إذن في أول لقاء لي مع القيادة الجديدة، وأمام مسؤول فيها، ها هي الإعداد القديمة من الموقف الأدبي. إذن، فلأبحث بنفسي فيها عن المقال.
قبل التوقف مع مجلة الموقف الأدبي، أو بعده، لا أذكر بالضبط، سألت مضيفي أن يحدثني عن نفسه.
دراسته في المعهد العالي للفنون المسرحية. ومن مديره؟ غسان المالح. وانطلق أ. منصور يتحدث بإعجاب عن ذلك الأستاذ المتميز الذي غادرنا إلى بلاد الشمال نتيجة ظروف متعددة. أعلمت صاحب المكتب أن د. غسان، المدير الأسبق للمعهد، مقيم حاليا في جنيف، وأنني التقيت به عام 2008 إذ أطل علي من كوة المترجمين الفوريين خلال ندوة شاركت بها عن حقوق الإنسان بدعوة من مجلس حقوق الإنسان.
يفتخر محمد منصور بأنه تتلمذ على العلامة غسان المالح. كيف يمكن له ألا يكون منفتحا على العالم، على ثقافة العالم؟
ازداد ارتياحي في مجلس المسؤول الجديد.
ثم ما لبث أن وضع بين يدي ورقة أنيقة. هي دعوة إلى كتابة مادة لمجلة الموقف الأدبي في عدد خاص عن تجربة البعث خلال ثمانية عقود.
دهشت وسررت. هي فكرة عملت عليها القيادة القديمة، قبل مدة وجيزة، حين عقدت ندوة تحدث فيها كما أذكر د. مهدي دخل الله والصديق القديم جدا د. منير الحمش.
تقييم تجربة البعث.
ولم لا؟ من الجهة الأجدر من الاتحاد للقيام بعملية التعرف على الذاكرة السورية وعلى التعريف بها.
ما تنوي القيام به يا أ. محمد عمل كبير بل جليل. حاذر من المطبات. هذا ما لم أقله له. ما لم أقله له بعد.
في وقت لاحق بعثت إليه بالرسالة التالية:
أحييك أ. محمد وأشكرك على حفاوة الاستقبال.
يتجه تفكيري إلى كتابة نص عن مشروعي مؤسستين فكريتين كانتا موضع ترحيب لكنهما لم تنجزا. ثم أكمل بالصعوبات التي واجهتني من "مفكري" الحزب لدى محاولتي نشر رسالتي للدكتوراه عن سورية.
هل لديك اطلاع على ملف أصدرته مجلة الآداب اللبنانية عن الرقابة في سورية؟
مودتي وتقديري. جورج جبور.
فكانت منه الإجابة التالية:
إذا دكتور. سيكون نصك في باب الشهادات الشخصية. وهو الأجمل في العدد كما أتصور لأنه ينتقد ثقافة البعث عبر سرد التجارب. أتمنى عليك في هذه الحال أن يكون النص مكثفا وأن يخلو من المقدمة بحيث يأخذ شكل الشهادة عن التجربة الشخصية.
أعود إلى واقعة الزيارة الأولى. وافاني د. عبد الله شاهر إلى مكتب أ. منصور. وضع المضيف بين يديه الدعوة ذاتها التي وضعها بين يدي. غادرت وصديقي مبنى الاتحاد وهو يقول لي: ما أكثر المرات التي قلت فيها للمسؤولين: "علينا تقييم مسيرة البعث!"
… وفاتني ذكر أنني لم أشأ مغادرة جناح القيادة في الاتحاد دون لقاء د. الحوراني في مكتبه الجديد، لأحييه على الواقف قبل أن أغادر الطابق مختتما الزيارة الأولى إلى الاتحاد في عهد القيادة الجديدة.
ملاحظة ختامية. كتبت النص إعلاه بروح أدبية، وسأوزعه بتلك الروح. يعني ذلك عمليا أنني لن أسأل من ورد ذكرهم في النص أن يجيزوه أو ينقحوه. باختصار: لم أحترم خصوصية حديث ثنائي. ولكل من يشاء الاعتراض.
الكاتب: عضو الاتحاد بين 1971 و 1996, المتقاعد فيه منذئذ وإلى أن يشاء الله.
صباح الاثنين. 28 نيسان 2025.
(موقع أخبار سوريا الوطن-١)