الثلاثاء, 17 يونيو 2025 09:16 AM

حوكمة الشركات في سوريا: مفتاح التنمية المستدامة وجذب الاستثمارات في ظل الانفتاح الاقتصادي

دمشق-سانا: مع استعداد سوريا لمرحلة من الانفتاح الاقتصادي تشمل الاستثمارات وتدفق رؤوس الأموال لإنشاء مشاريع وشركات في مختلف القطاعات، تزداد أهمية تطبيق الحوكمة كنظام شامل لإدارة هذه الكيانات بكفاءة وفعالية، سواء كانت عامة أو خاصة، مع ضمان الشفافية والمساءلة والعدالة في اتخاذ القرارات.

أكد الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم قوشجي في تصريح لمراسل سانا على الدور المحوري لحوكمة الشركات في سوريا كركيزة أساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، وتحسين أداء الشركات، وجذب الاستثمارات، وتعزيز القدرة التنافسية، في مواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، بالإضافة إلى تحقيق التوازن بين مصالح مختلف الأطراف المعنية كالمساهمين والإدارة والعملاء.

وحول تأثير تطبيق الحوكمة على الشركات السورية الخاصة، أوضح الدكتور قوشجي أن هذا القطاع نشأ في بيئة استثمارية غير مثالية، مما أدى إلى ابتعاده عن مفهوم الحوكمة، فضلاً عن التطبيق الخاطئ في العديد من الشركات، حيث يسيطر المالك بشكل كامل على القرارات الإدارية والإنتاجية وحتى تسعير المنتجات، مما يعيق تطبيق مبادئ الحوكمة الحديثة، خاصة وأن مجالس الإدارة تتكون من تحالفات المساهمين، ويتم تعيين المديرين التنفيذيين بما يتوافق مع رغباتهم دون معايير أداء واضحة.

ويرى الدكتور قوشجي أن الشركات الخاصة في سوريا ستواجه مع الانفتاح الاقتصادي تحدياً تنافسياً مع الشركات العالمية، ليس فقط في مجال الإنتاج، بل أيضاً في أساليب الإدارة وفعاليتها وأنظمة الحوكمة المطبقة، مما يؤكد أن الامتثال لمعايير الحوكمة الدولية يساهم في تعزيز التعاون مع المؤسسات والأنظمة المالية العالمية.

ويمكن أن يساهم تطبيق معايير الحوكمة الفعالة في تعزيز بيئة الأعمال وتحفيز النمو، وفقاً للدكتور قوشجي، من خلال تقليل المخاطر التشغيلية عبر وضع آليات رقابية واضحة تضمن اتخاذ قرارات مستندة إلى بيانات موثوقة، ورفع القدرة التنافسية عبر تحسين الأداء الإداري والاستراتيجي، مما يساعد الشركات على مواجهة المنافسة الإقليمية والدولية، وتعزيز الاستدامة الاقتصادية، وضمان استمرارية الشركات وتقليل معدلات الفشل المالي والإداري.

وحول تحديات تطبيق الحوكمة في سوريا، أوضح الدكتور قوشجي أنه على الرغم من الفوائد الكبيرة التي يمكن أن تحققها حوكمة الشركات، إلا أن هناك بعض التحديات التي قد تعيق التطبيق الفعال، ومنها غياب إطار قانوني واضح يدعم تبني الحوكمة في الشركات الخاصة، بالإضافة إلى نقص الوعي بأهمية الحوكمة لدى بعض المؤسسات الاقتصادية، وتأثير الظروف الاقتصادية والسياسية على تطبيق معاييرها.

ولضمان التطبيق الفعال لمبادئ حوكمة الشركات، لا بد من معالجة العقبات التشريعية والمؤسساتية التي تعرقل تبنيها، عبر تطوير إطار قانوني واضح ومتكامل كخطوة أولى نحو تحقيق ذلك، من خلال صياغة قوانين تحفز الامتثال لمعايير الحوكمة، وتضمن فرض عقوبات على الممارسات الإدارية غير الشفافة، وذلك وفق ما بينه الدكتور قوشجي.

بدوره، أشار الخبير في الشؤون الاقتصادية ريمون العبد الله، إلى أهمية الحوكمة في القطاعات الحيوية مثل التعليم والصحة والمياه، والتي يمكن أن تكون إدارتها مشتركة بين القطاع العام والخاص، وتؤدي عند تطبيقها بالشكل الأمثل إلى تحسين جودة الخدمات، وتحقيق التنمية المستدامة، وخلق الثقة بين الجهات المعنية والمواطنين، عبر اتخاذ العديد من الإجراءات، ومنها وضع قوانين ونظم لضمان سير العمل، والتقييم المستمر للأداء، إضافة إلى المساءلة والعدالة في إدارة الموارد.

وشدد العبد الله عند تطبيق الحوكمة على ضرورة الفصل بين الإدارة والشركاء في القطاع الخاص، بحيث تكون إدارة الشركة من خارجها، وليسوا شركاء أو مساهمين فيها، وذلك لضمان تحقيق العدالة والنزاهة في اتخاذ القرارات.

وبين العبد الله أن هناك اختلافاً بين حوكمة القطاع العام والخاص في الأهداف الأساسية، فالقطاع العام أهم أهدافه تكمن في تعزيز ثقة المواطنين في الدولة ومؤسساتها، بزيادة نسبة الرضا عن الخدمات المقدمة لهم، فيما تنحصر الأهداف الأساسية لحوكمة القطاع الخاص، بزيادة الإنتاجية وتحسين الأداء الاقتصادي، عبر تحقيق أكبر قدر ممكن من العوائد على أصول الشركة.

مشاركة المقال: