أكد خبراء اقتصاديون أن جذب الاستثمارات، وخاصة من دول الخليج وعلى رأسها السعودية، يتطلب من سوريا تطوير بيئة قانونية ومؤسساتية مستقرة، بالإضافة إلى إصلاحات جذرية في السياسات الاقتصادية والإدارية، بما يظهر جدية الحكومة في فتح الأبواب للاستثمار المحلي والدولي.
وفي تصريح خاص لـ«الوطن»، شدد حزوري على أن الاستثمار في سوريا يجب أن يُبنى على رؤية تنموية متوازنة تراعي العدالة الاجتماعية، والتوزيع الجغرافي، والجدوى الاقتصادية، مشيراً إلى أن "ذلك وحده ما يضمن شراكة حقيقية في إعادة الإعمار والتنمية المستدامة".
أولويات عاجلة للاستثمار
حدد الباحث مجموعة من القطاعات ذات الأولوية، تبدأ بالبنية التحتية والخدمات الأساسية، خاصة الكهرباء والمياه، نظراً لتأثيرها المباشر في القطاعات الأخرى، ثم قطاع النقل والموانئ لربط الإنتاج بالأسواق الداخلية والخارجية، وقطاع الاتصالات الذي يحتاج إلى بيئة رقمية متطورة، بالإضافة إلى قطاع الزراعة والصناعات الغذائية، الذي تتمتع فيه سوريا بميزة تنافسية بفضل الأراضي الخصبة والتنوع المناخي والخبرة الزراعية.
وأكد حزوري على ضرورة دعم سلاسل الإنتاج الزراعي، والتوسع في مشاريع الزراعة الحديثة كالري المتطور، والطاقة الشمسية للمزارع، والزراعة المحمية، بالإضافة إلى تعزيز الصناعات التحويلية، وخاصة الصغيرة والمتوسطة التي "تمثل ركيزة لتعويض التوريد وخلق فرص عمل".
إعادة الإعمار والطاقة المتجددة
في ملف إعادة الإعمار، أشار إلى أن سوريا تواجه حاجة ملحة لبناء وتطوير المدن المتضررة، مما يستدعي تحفيز الاستثمار في الإسكان من خلال صيغ تشاركية مثل (B.O.T) والشراكات بين القطاعين العام والخاص. كما رأى أن الاستثمار في الطاقة المتجددة يمثل ركيزة استراتيجية، موضحاً أن "الشمس والرياح توفران فرصاً واعدة لمشاريع إنتاج الطاقة البديلة".
السياحة كرافعة اقتصادية
تحت مظلة السياحة، نوه حزوري بأهمية تطوير السياحة الدينية والتاريخية والعلاجية، مؤكداً أن الاستثمار في البنية الفندقية، والنقل السياحي، والمرافق الترفيهية يشكل مجالاً مغرياً للمستثمرين.
الإصلاحات المطلوبة
ولكي تنجح هذه المشاريع، شدد الباحث على ضرورة مراجعة قانون الاستثمار الحالي ليصبح أكثر مرونة وشفافية، وتقديم ضمانات قانونية لحماية الملكية والأرباح، واعتماد نظام تحكيم تجاري مستقل وسريع.
وأشار إلى أهمية تقديم حوافز استثمارية تشمل إعفاءات ضريبية مؤقتة (من 5 إلى 10 سنوات)، وتسهيلات في استيراد المعدات والمواد الأولية، ودعم التمويل المحلي للمشاريع الاستراتيجية، بالإضافة إلى تبسيط الإجراءات الإدارية، وإنشاء نافذة واحدة للاستثمار لتقليل الاحتكاك مع الجهات الحكومية.
كما اعتبر حزوري أن رقمنة الخدمات الحكومية في مجالات الترخيص والتخليص الجمركي والضرائب أصبحت ضرورة، داعياً إلى تحسين البيئة المصرفية عبر توفير أدوات تمويل حديثة، وإنشاء صناديق استثمار مشتركة مع دول الخليج وتركيا، بالإضافة إلى تبسيط إجراءات تحويل الأرباح ورؤوس الأموال، ومكافحة الفساد والبيروقراطية، وتفعيل دور الهيئات الرقابية.
وختم بالتأكيد على أن استقرار السياسة النقدية وسعر الصرف يشكل الأساس لطمأنة المستثمرين، مما يستدعي تفعيل أدوات إدارة المخاطر وتقليل تقلبات الليرة السورية قدر الإمكان.
هناء غانم