الجمعة, 26 سبتمبر 2025 05:12 PM

خطة ترامب لوقف الحرب: هل هي محاولة لإنقاذ نتنياهو أم مجرد وهم جديد؟

خطة ترامب لوقف الحرب: هل هي محاولة لإنقاذ نتنياهو أم مجرد وهم جديد؟

يرى عبد الباري عطوان أن الاجتماع الذي عقده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع ثمانية من الزعماء والمسؤولين العرب والمسلمين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، كان بمثابة استدعاء لتمرير مشروع من 21 نقطة لا يحمل أي جديد. هذه النقاط نفسها جرى تداولها على مدى 23 شهراً من المفاوضات التي رعتها الإدارة الأمريكية في القاهرة والدوحة تحت عنوان وقف الحرب في قطاع غزة.

لتوضيح الأمر، يمكن تلخيص هذه النقاط المتكررة في الإفراج عن جميع الأسرى دفعة واحدة، ووقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية، وتشكيل إدارة لحكم القطاع في مرحلة ما بعد الحرب دون أي وجود لحركة "حماس"، وتمثيل محدود للسلطة، وإشراف قوة عسكرية رمزية من دول عربية وإسلامية وفلسطينية، وأخيراً تمويل عربي وإسلامي لإعادة إعمار غزة، دون أي مساهمة من أمريكا أو الدول الأوروبية. بمعنى آخر، إسرائيل تدمر والمال العربي يعيد الإعمار، كما حدث في لبنان، مع عدم وجود أي حديث أو إشارة إلى حل طويل الأمد، بما في ذلك حل الدولتين المتداول حالياً.

هذا المشروع الأمريكي لا يهدف إلى الرأفة بالفلسطينيين أو وقف ما يحدث في قطاع غزة، وإنما لإنقاذ دولة الاحتلال الإسرائيلي من خطر العزلة الدولية المتزايدة. الرئيس ترامب ذكر ذلك صراحة، ولم يشر إلى حرب الإبادة أو التجويع لأنه لا يعترف بحدوثهما.

كيف يمكن الوثوق بخطة كهذه وضعها توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني السابق، الذي تلطخت يداه بدماء العراقيين، وجاريد كوشنر، صهر الرئيس ترامب وتلميذ نتنياهو، الذي هندس "صفقة القرن" ويرى الوطن العربي كصفقة عقارية لجني المليارات، بما في ذلك قطاع غزة، أما المشرف الرئيسي على هذه الخطة فهو رون ديرمر، وزير الشؤون الاستراتيجية في الحكومة الإسرائيلية.

يثير الاستغراب خروج بعض الزعماء العرب والمسلمين الذين شاركوا في الاجتماع مع ترامب بابتسامات على وجوههم. حتى الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وصف الاجتماع بأنه كان "مثمراً"، وكرر الانطباع نفسه كل من العاهل الأردني عبد الله الثاني، والشيخ تميم بن حمد أمير دولة قطر، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي لم يحضر الاجتماع، واستند على معلومات نقلها اليه السيد مصطفى مدبولي رئيس وزرائه. فما هو الأساس لهذا التفاؤل في حين أن المجازر مستمرة؟

لا نعرف لماذا دعي رئيس إندونيسيا السيد برابوو سوبيانتو لحضور هذا الاجتماع دون غيره من الدول الإسلامية الأخرى، وهي دعوة تثير القلق والريبة. فهل هذه الدعوة تؤكد الأنباء عن استعداد إندونيسيا لقبول مئات الآلاف من أبناء قطاع غزة المهجرين، وفق الخطة الأمريكية الإسرائيلية لتفريغ القطاع من أهله؟ أم لإرسال آلاف الجنود لاحتلال القطاع والقضاء على المقاومة؟

إنها مصيدة تضليل وخداع أمريكية جديدة، تعتبر فصلاً من فصول المفاوضات التي استمرت 23 شهراً، وربما غطاء لإعادة استمرارها، لتوفير الذرائع لنتنياهو وجيشه لمواصلة الإبادة، وإكمال مشروع التهجير.

كيف تقيم أمريكا "عرساً" عربياً إسلامياً يغيب عنه العروس والعريس وأهلهم، أي حركة "حماس"، وحتى السلطة الفلسطينية المستسلمة التي سحبت حكومة ترامب تأشيرة الدخول من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومنعته من حضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، امعانا بالإهانة والاذلال، رغم تنازله عن 80 بالمئة من ارض فلسطين التاريخية، وتوظيف 60 الفا من قواته لحماية المستوطنات والمستوطنين، والتصدي للمقاومة المشروعة في جنين وطولكرم ونابلس وكل المدن الفلسطينية المحتلة، وكان الوحيد في العالم الذي هنأ رئيس إسرائيل بمقدم السنة اليهودية الجديدة.

لو كان الرئيس ترامب جاداً في خطته هذه، لأوقف المجازر الإسرائيلية فوراً في قطاع غزة لإثبات حسن نواياه، ولوجه دعوة للمجاهد خليل الحية، رئيس وفد حركة "حماس" المفاوض، للمشاركة في الاجتماع. فلا يوجد أي مبرر لاستبعاده، فمبعوثوه التقوا بممثلي حركة "حماس". ولكن ترامب الذي اعطى الضوء الأخضر لنتنياهو و"موساده" لقصف لدوحة بالصواريخ لا يريد حضوره، بل اغتياله وجميع رفاقه.

وعلى ذكر ويتكوف، المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، فقد استوقفنا تصريحه الذي قال فيه "ان الاتفاق بات وشيكا جدا، وقد نعلنه في الأيام القليلة المقبلة"، وقد حصّينا له اكثر من 7 تصريحات مماثلة تقريبا وبالحرفية نفسها على مدى 9 أشهر على الأقل، أي منذ توليه لمهامه، مما يكشف حجم الخديعة والتضليل والكذب.

كنا نتمنى على الزعماء العرب والمسلمين الذين سارعوا بالإعراب عن تفاؤلهم بنقاط ترامب الـ 21 أن ينتظروا قليلاً، ويحتفظوا برأيهم وتقويمهم للقاء مع ترامب حتى يوم الاثنين المقبل، حتى يقول نتنياهو الذي سيلتقي ترامب في البيت الأبيض رأيه في هذه النقاط. وللأسف، فإن تسرعهم هذا يكشف أنهم لا يعرفون ترامب الكاذب المتقلب، ولا معلمه الحقيقي نتنياهو، الذي بات الحاكم الفعلي للولايات المتحدة وصاحب الكلمة الأخيرة.

الأيام بيننا.

أخبار سوريا الوطن١-رأي اليوم

مشاركة المقال: