كتب : مصطفى المقداد
هل يعمل الرئيس الشرع على إقامة دولة قابلة للحياة والاستمرار، أم أنه يعتقد أن ما قام به خلال الشهور الخمسة الماضية كاف لفرض أو تقديم المنتج الحكومي الراهن كدولة متكاملة الأركان؟ وهل ثمة رؤية للبحث عن قارب خلاص يقوده لتحقيق مشروعه في الدولة المنتظرة خلال السنوات الخمس الانتقالية؟
بدايةً، يحظى الرئيس الشرع وإدارته بدعم دولي، وأوروبي بشكل خاص، مدعومًا بدعم خليجي (سعودي، إماراتي، قطري) تحت نظر وموافقة الإدارة الأمريكية، مما يمنحهم قوة دافعة لتوقيع اتفاقيات تخرج سوريا من مرحلة الدولة الفاشلة.
زيارة فرنسا والاستقبال الحافل، والمؤتمر الصحفي، واتساع التأييد الشعبي، كلها رسائل مهمة. أولها، أن دعوات الحماية الدولية لا تجد آذانًا صاغية في أوروبا، وفرنسا هي بوابة الدخول الأوروبي. أما التوصيفات الشعبوية التي تقلل من أهمية الاستقبال فهي محض ترهات.
النقطة الأساسية هي الموقف الوطني العام المؤيد للشرع منذ اللحظة الأولى لإسقاط حقبة الأسد. لكن الإجراءات اللاحقة، مثل تشكيل الحكومة الانتقالية وما رافقها من تجاوزات أمنية، تسببت بتراجع الدعم الشعبي بسبب الإقصاء والاستئثار بالسلطة.
بالعودة إلى المواقف الدولية، هناك رضا خارجي بتجاوز قرارات مجلس الأمن (2254 و 2253)، والحديث عن مرحلة انتقالية بإدارة سورية بمشاركة جميع السوريين بإشراف دولي. بدأت الوفود العربية والدولية تتوافد إلى قصر الشعب، مباركةً الخطوات وتطالب برفع العقوبات الأمريكية والأوروبية.
زيارة فرنسا تعطي ردًا رافضًا للمطالبة بالحماية الدولية. السؤال الصعب الذي يتناوله السوريون بتخوف هو: هل هناك إمكانية لمواجهة التحديات المتزايدة والحفاظ على المقدمات التاريخية الناتجة عن إسقاط الاستبداد، والحفاظ على دولة العدالة والمساواة؟ وهل من قارب نجاة يمكن للشرع استخدامه؟
استبعاد الجمهور الأكبر من المشاركة السياسية والاقتصادية والإدارية هو الخطأ الأول للعهد القادم. فالجسم البيروقراطي للحكومة كفيل بتنظيم عمل المؤسسات بعيدًا عن الخلفية العقائدية والسياسية. التصريحات عن إعادة الموظفين وفق سياسات مؤقتة لا تقنع أحدًا.
العمل السياسي الجامع هو مفتاح الحل داخليًا ودوليًا. القوى الوطنية لم تغب يومًا، وما زالت طليعتها موجودة على كامل الجغرافية السورية، وهي الكفيلة بالرد على دعاة الاستقواء بالخارج. كل ما تحتاجه هو تأطير عملها والنسيق لعقد مؤتمر حوار وطني حقيقي، يمتد شهورًا، ويصوغ الركائز المتينة بمشاركة فاعلة من إدارة الشرع.
إن عقد مؤتمر وطني جامع، تتم مناقشاته في العلن، يعطي القوى الوطنية حقها ومكانتها ودورها، ويستفيد من أخطاء الماضي، ويضع أسس البناء المستقبلي لوطن عزيز. بذلك، فإن طوق نجاة البلد بأكملها محصور بيد الرئيس أحمد الشرع وإدارته، للنظر بواقعية وفهم للتهديدات القائمة. فهل يضع ذلك القارب في مجراه الصحيح، ويختار طريق النجاة لبلد كان حاضراً وفاعلاً في كل مراحل التاريخ؟
(أخبار سوريا الوطن ١-صفحة الكاتب)