الخميس, 21 أغسطس 2025 10:07 PM

سوريا تواجه تحديات في تأمين القمح: مخزون يكفي 5 أشهر وسط أزمة جفاف وتمويل

سوريا تواجه تحديات في تأمين القمح: مخزون يكفي 5 أشهر وسط أزمة جفاف وتمويل

تواجه سوريا تحديات كبيرة في تأمين احتياجاتها من القمح، حيث يهدد أسوأ موجة جفاف منذ 36 عامًا بإنتاج محصول أقل بنسبة 40%، مما يزيد الضغوط على الحكومة المثقلة بالأعباء المالية. وحذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من أن نحو ثلاثة ملايين سوري قد يواجهون جوعًا حادًا، مع معاناة أكثر من نصف السكان البالغ عددهم 25.6 مليون نسمة من انعدام الأمن الغذائي.

أكد مسؤول سوري وثلاثة تجار وثلاثة عمال إغاثة ومصدرون صناعيون لوكالة "رويترز" على حاجة البلاد الماسة إلى المزيد من الواردات والتمويل لتخفيف النقص المتوقع.

المهندس حسن عثمان، المدير العام للمؤسسة السورية للحبوب، صرح لعنب بلدي بأن الحكومة اشترت 373,500 طن من القمح من المزارعين هذا الموسم، وهو ما يقارب نصف حجم العام الماضي، مع الحاجة إلى استيراد نحو 2.55 مليون طن هذا العام. وأشار عثمان إلى أن سوريا تستورد القمح من دول مثل أوكرانيا ورومانيا لسد الفجوة، وأن المؤسسة تستدرج عروضًا بشكل مستمر للحصول على الكميات المطلوبة، مع استدراج عروض لـ 200 ألف طن في الأيام القادمة. وأكد أن المخزون الحالي يكفي حاجة سوريا لخمسة أشهر تقريبًا، وأن لدى المؤسسة عقود توريد مع شركات مختلفة.

تمويل استيراد القمح ذاتيًا

وصلت آخر باخرة محمّلة بالقمح الطري المستورد إلى مرفأ طرطوس في 17 آب الحالي. وأوضح مازن علوش، مدير العلاقات في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، لعنب بلدي أن هذه الباخرة هي الـ 13 ضمن سلسلة بواخر القمح التي وصلت إلى المرفأ، بإجمالي كميات مستلمة بلغ نحو 136 ألف طن من القمح المستورد حتى 17 آب.

أكد المهندس حسن عثمان أن جميع الشحنات التي تم استلامها خلال الأشهر الماضية تم تسديد ثمنها بشكل فوري، وأن المؤسسة لا يوجد عليها أي استحقاق مالي لأي شركة. وأضاف أن سوريا لم تحصل على دعم من أي من المنظمات أو الدول، باستثناء المنحة العراقية التي تم توريد 146 ألف طن منها، وأن باقي تمويل شراء القمح في سوريا يتم ذاتيًا.

الدكتور سليم النابلسي، الخبير في الاقتصاد الزراعي بجامعة "الزيتونة" الدولية، أوضح لعنب بلدي أن التحديات التي تواجه سوريا في استيراد القمح تتوزع على ثلاثة جوانب: مالية (محدودية التمويل)، وسياسية (العقوبات والقيود المصرفية)، ولوجستية (ظروف النقل والاستيراد). وأشار إلى ضرورة قيام المنظمات الدولية مثل منظمة "الفاو" و"برنامج الغذاء العالمي" بدور أكبر في تقديم الدعم الفني والمالي لسوريا.

دعوى روسية ضد البنك المركزي

رفعت شركة "بالادا" الروسية لتجارة وتصدير الحبوب دعوى قضائية لدى محكمة موسكو للتحكيم ضد مصرف سوريا المركزي والمؤسسة العامة لتجارة وتخزين وتصنيع الحبوب التابعة لوزارة التجارة الداخلية، بمطالبات بلغت 5.6 مليار روبل (69 مليون دولار). وأكد حسن عثمان أنه لا ديون على المؤسسة السورية للحبوب، وأن ثمن الشحنات يتم دفعه مباشرة.

استئناف استيراد القمح من روسيا

نشرت كاترينا ياريسكو، الصحفية في مشروع "SeaKrime"، أن روسيا استأنفت شحنات الحبوب إلى سوريا من شبه جزيرة القرم. وذكرت أن السفينة Damas Wave (المسجلة تحت علم جزر القمر) تبحر بانتظام بين ميناء فيودوسيا في القرم وميناء طرطوس السوري، وأن شركة تركية تتولى إدارة شؤونها الأمنية.

يرى نوار شعبان، الباحث في مركز حرمون للدراسات المعاصرة، أن هذه التطورات تأتي في سياق اتفاقات قائمة مسبقًا بين روسيا والدولة السورية، وأنها ليست بالضرورة مؤشرًا على تحسن في العلاقات، بل هي إعادة تعريف للعلاقات وفق المعطيات السابقة.

يعد القمح المحصول الاستراتيجي الأول في سوريا، حيث كان الإنتاج قبل عام 2011 يتجاوز أربعة ملايين طن سنويًا. لكن الحرب وتراجع الدعم الحكومي وتضرر البنية التحتية الزراعية والعقوبات والجفاف أدت إلى انهيار الإنتاج المحلي، ليتقلص إلى نحو 1.5 مليون طن في السنوات الأخيرة، مقابل حاجة سنوية تقدر بأكثر من أربعة ملايين طن، مما يزيد الاعتماد على الاستيراد.

مشاركة المقال: