الجمعة, 30 مايو 2025 06:20 AM

طفرة استثمارية غير مسبوقة: تحليل لأبعاد الـ 41.5 مليار دولار من الاستثمارات العربية في مصر

طفرة استثمارية غير مسبوقة: تحليل لأبعاد الـ 41.5 مليار دولار من الاستثمارات العربية في مصر

في العام المالي 2023/2024، شهدت مصر ارتفاعًا قياسيًا في الاستثمارات العربية الوافدة، مسجلةً 41.5 مليار دولار، وهو رقم يعكس ليس فقط جاذبية السوق المصري، بل أيضًا تحولات اقتصادية وسياسية أعمق في المنطقة.

الإمارات في المقدمة.. وصفقة "رأس الحكمة" تتصدر المشهد

لم يكن مفاجئًا تصدر الإمارات قائمة الدول المستثمرة في مصر، لكن حجم الاستثمارات فاق التوقعات، حيث بلغ 38.9 مليار دولار، منها 35 مليار دولار في مشروع تطوير منطقة "رأس الحكمة" على الساحل الشمالي.

يُعد هذا المشروع من أضخم الاستثمارات العقارية والتنموية في تاريخ مصر الحديث، ويشمل تطوير بنية تحتية متكاملة، ومناطق سياحية وتجارية وسكنية، بالشراكة بين صندوق أبوظبي للتنمية والحكومة المصرية. هذه الصفقة ستعيد تشكيل الساحل المصري، وتحويله إلى وجهة إقليمية جاذبة، مما يعكس رؤية الإمارات الاستراتيجية للاستثمار طويل الأمد في مصر.

السعودية وقطر.. حضور مؤثر واستثمارات متنوعة

بالرغم من ريادة الإمارات، حافظت السعودية وقطر على حضورهما المؤثر. تجاوزت الاستثمارات السعودية 775 مليون دولار، مركزة على البنية التحتية، والخدمات المالية، والزراعة، مع دور متزايد لصندوق الاستثمارات العامة في مشاريع مشتركة مع القطاع الخاص المصري. أما قطر، فقد استثمرت حوالي 618 مليون دولار، خاصة في قطاعي الطاقة والتطوير العقاري، مما يدل على حرص الدوحة على تنويع التعاون مع القاهرة.

توزيع الاستثمارات: هل يخدم التنمية المستدامة؟

على الرغم من ضخامة المبلغ الإجمالي، تركزت الاستثمارات بشكل كبير في قطاع العقارات، خاصة مشروع "رأس الحكمة"، مما يثير تساؤلات حول التنوع الاقتصادي:

  • القطاعان الصناعي والزراعي حصلا على أقل من 5% من الاستثمارات، رغم قدرتهما على خلق فرص عمل.
  • الاستثمار في التكنولوجيا والبنية التحتية الرقمية كان محدودًا، رغم الحاجة الماسة إليه في الاقتصاد المصري الحديث.

هل تدفع هذه الاستثمارات الاقتصاد المصري إلى الأمام، أم تعيد تدويره في قطاعات تقليدية؟

دروس من التجربة الخليجية السابقة

بين عامي 2013 و2022، تدفقت مليارات الدولارات الخليجية على مصر، لكنها لم تحدث تحولات هيكلية كبيرة في الاقتصاد، والعديد من المشاريع لم يكتمل. ما يميز استثمارات 2023/2024 أنها مشروطة وتضمن أرباحًا وأدوارًا إدارية للطرف الخليجي، مما قد يزيد من فعاليتها واستمراريتها. يعكس النمو القوي في الاستثمارات والتبادل التجاري مع الدول العربية استعادة مصر لجاذبيتها الاستثمارية، مع تحسين بيئة الأعمال وتوفير مشروعات استراتيجية ضخمة.

لماذا مصر الآن؟

لماذا تضخ دول الخليج هذه الاستثمارات في ظل الظروف الاقتصادية العالمية الصعبة؟

  • فرص الخصخصة التي تقدمها الحكومة المصرية.
  • موقع مصر الجيوسياسي وقربها من الأسواق الأفريقية.
  • انخفاض قيمة الجنيه المصري.
  • العلاقات السياسية القوية بين القيادة المصرية وحكومات الخليج.

تأثيرات محلية وإقليمية

هذه الاستثمارات قد تعيد تشكيل الاقتصاد المصري، لكنها تطرح تحديات حول كيفية إدارتها لضمان استفادة المصريين، وتهيئة بيئة قانونية وتنظيمية مستدامة. إقليميًا، يبدو أن الخليج يتحول من ممول إلى شريك استراتيجي طويل الأجل، ومصر هي المرشح الطبيعي لهذا التحول.

بداية مرحلة أم طفرة مؤقتة؟

هل نشهد تحولًا هيكليًا في علاقة مصر بدول الخليج، أم مجرد طفرة مؤقتة؟ عام 2023/2024 سيكون علامة فارقة في تاريخ الاستثمار العربي في مصر.

مشاركة المقال: