أثار تصريح وزير المالية السوري، محمد يسر برنية، عن تحقيق فائض "مريح" في ميزانية الدولة، جدلاً واسعاً وتساؤلات عديدة، خاصة في ظل استمرار معاناة البلاد من آثار الحرب وتحديات اقتصادية كبيرة.
أكد الوزير في لقاء تلفزيوني أن الحكومة نجحت في زيادة الرواتب وتأمين الخدمات الأساسية دون الحاجة إلى قروض أو دعم خارجي، مرجعاً الفضل إلى مكافحة الفساد والإدارة الرشيدة. لكنه حذر من احتمال حدوث عجز بسيط في الأشهر القادمة بسبب التوسع المخطط له في الإنفاق، مؤكداً أن هذا العجز سيكون تحت السيطرة ولن يؤثر على الاستقرار المالي.
الخبير الاقتصادي إياد الجعفري وصف الفائض بأنه "نسبي"، نتيجة لتحسن الإيرادات الضريبية بفضل حركة الاستيراد النشطة مؤخراً، مقارنة بفترة التقشف السابقة. وأوضح أن هذا الفائض لا يكفي لتمويل مشاريع الإعمار الكبرى، بل هو تحسن محدود مقارنة بموازنة 2025 التي وضعت في عهد النظام السابق.
وأشار الجعفري إلى أن استمرار الفائض في موازنة 2026 يعتمد على تحول حقيقي في مصادر الدخل، خاصة من خلال تنشيط الإنتاج المحلي، وليس فقط الضرائب على الاستيراد.
من جهته، يرى الأكاديمي فراس شعبو أن توقف الإنفاق العسكري والأمني، بالإضافة إلى مكافحة الفساد، ساهم في تقليل النفقات الحكومية. وأضاف أن الإيرادات الجمركية والصناعية شهدت تحسناً ملحوظاً، بعد توقف عمليات النهب التي كانت تذهب إلى جيوب المتنفذين وعودتها إلى خزينة الدولة.
واعتبر شعبو أن تحقيق فائض في ظل النظام الجديد أمر طبيعي، لأن غيابه كان يعني أن النظام السابق كان يدير البلاد دون فساد، وهو ما يخالف الواقع.
في المقابل، شكك الخبير رضوان الدبس في دقة تصريحات الوزير، معتبراً إياها جزءاً من حملة دعائية. وأشار إلى أن الوزير تجاهل ذكر المساعدات الخارجية، مثل المنح القطرية، التي ساهمت في دعم الميزانية. وأضاف أنه من غير المنطقي اقتصادياً أن تحقق دولة خارجة من حرب طويلة فائضاً مالياً بهذه السرعة، دون دعم خارجي أو طفرة إنتاجية حقيقية.
ختاماً، الفائض المالي الذي تتحدث عنه الحكومة السورية قد يكون مؤشراً على تحسن نسبي في إدارة الموارد، لكنه لا يعكس بالضرورة قدرة الدولة على تجاوز التحديات الاقتصادية الكبرى. فالإعمار والاستقرار المالي وتحقيق التنمية المستدامة تتطلب أكثر من مجرد فائض مؤقت، بل تحتاج إلى تحول جذري في بنية الاقتصاد السوري.
عربي21