تعاني منطقة باب جنين، الواقعة في قلب مدينة حلب على الطريق الممتد من أمام القصر البلدي باتجاه ساحة السبع بحرات، من اختناقات مرورية شبه دائمة. السيارات المتداخلة مع الأرصفة والبسطات أصبحت مشهداً مألوفاً، حيث وصف ناشط إعلامي الوضع قائلاً: "السيارات تسير على الأرصفة والبسطات في الطرقات".
أفاد مصدر خاص لـ "" أن قيادة الشرطة في حلب كانت قد بدأت منذ أشهر العمل على إزالة البسطات من هذه المنطقة الحيوية لتخفيف الضغط المروري وتسهيل وصول المواطنين إلى الخدمات، نظراً لوجود عدد من المؤسسات الحكومية الهامة في المنطقة. ووفقاً للمصدر، فقد تم تنفيذ حملة لإزالة جميع البسطات ونقلها إلى مركز بديل مجهز مسبقاً، مما انعكس إيجاباً على الحركة المرورية، حيث تداول ناشطون صوراً تُظهر الفرق الواضح بين الازدحام الخانق قبل الإزالة والانسيابية الواضحة بعد تنظيم الشارع.
ذكر المصدر ذاته أن اجتماعاً رسمياً عُقد في حلب قبل عدة أشهر، بحضور اللواء أحمد لطوف، بصفته حينها رئيساً لفرع الشرطة في المحافظة (قبل تعيينه معاوناً لوزير الداخلية)، ورئيس مجلس مدينة حلب وعدد من الجهات المختصة. أسفر الاجتماع عن اتفاق على اتخاذ إجراءات صارمة لحل أزمة باب جنين، بما في ذلك حجز العربات المخالفة وتغريم أصحابها بمبالغ تصل إلى 50 دولاراً. تم إعداد مشروع قانون خاص وإرساله إلى دمشق للمصادقة عليه، لكن لم يتم إقراره من قبل الحكومة، مما أدى إلى تجميد الإجراءات وعودة الفوضى تدريجياً.
عبّر عدد من سكان حلب لـ "" عن استيائهم من تراجع الالتزام بالإجراءات التنظيمية بعد ظهور بوادر أمل بتحسن الحركة المرورية. وأشار أحدهم إلى أن "يوماً واحداً فقط بعد إزالة البسطات شعرنا وكأن المدينة استعادت جزءاً من نظامها، لكن الفوضى عادت بسبب غياب المتابعة"، مؤكداً أن "الحلول المؤقتة لا تكفي ما لم تترافق مع إرادة حقيقية في فرض النظام وحماية المصلحة العامة".
من جانبهم، أكد أصحاب بسطات تم نقلهم إلى المركز البديل أنهم "لم يتلقوا الدعم الكافي" من البلدية، سواء من حيث البنية التحتية أو الترويج للمكان، ما أدى إلى عودة عدد منهم للعمل بشكل غير نظامي في شوارع باب جنين، تحت ضغط الحاجة اليومية وغياب البدائل الفعالة.
ورغم محاولات منصة للتواصل مع الجهات المعنية في محافظة حلب ومجلس المدينة وقيادة الشرطة لنقل وجهة النظر الرسمية، باءت هذه المحاولات بالفشل. وأكد بعض الموظفين أنهم غير مخوّلين بالتصريح للإعلام، بينما لم تتلقَّ المنصة أي رد من الجهات الأخرى. هذا الغياب في التواصل يترك فراغاً في توضيح موقف السلطات ويزيد من تساؤلات المواطنين حول جدية التعامل مع الأزمة.
أزمة باب جنين المرورية تعكس تحديات أعمق تتعلق بالتخطيط الحضري، وغياب التنسيق المستمر بين الجهات المحلية والمركزية، وغياب الإرادة الجادة لتنفيذ القرارات. وبينما تستمر المعاناة اليومية للسكان والعاملين في المنطقة، يبقى السؤال: متى تُترجم القرارات إلى إجراءات دائمة وفاعلة؟