الثلاثاء, 1 يوليو 2025 07:52 AM

لبنان يتعهد بحصرية السلاح مقابل ضمانات أمريكية تطمئن "حزب الله"

لبنان يتعهد بحصرية السلاح مقابل ضمانات أمريكية تطمئن "حزب الله"

لجنة رئاسية تعد إطاراً أولياً للتطبيق تناقشه مع برّاك

الموفد الأميركي إلى بيروت توماس برّاك خلال مؤتمر صحافي عقده بعد لقائه رئيس البرلمان نبيه بري قبل أسبوعين (إ.ب.أ)

بيروت:

نُشر: 15:56-30 يونيو 2025 م ـ 05 مُحرَّم 1447 هـ TT

كشفت مصادر لبنانية عن تقدم كبير أحرزه الرؤساء الثلاثة استعداداً للقاء السفير الأميركي لدى تركيا، والمبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى سوريا توم برّاك، خلال زيارته الثانية لبيروت، المتوقعة قبل العاشر من يوليو (تموز) المقبل. ومن المقرر أن يناقش الرؤساء مع برّاك مضامين الرد الأولي على الأفكار التي طرحها في زيارته الأولى، بهدف مساعدة لبنان في وضع آلية متكاملة لتطبيق اتفاق وقف النار، والذي يرتكز أساساً على حصرية السلاح بيد الدولة. ويأملون أن يسبق هذه اللقاءات نجاح رئيس البرلمان نبيه بري في إقناع حليفه «حزب الله» بتبني هذه الآلية، بشرط توافر ضمانات أمريكية لتأمين التطبيق على مراحل، بالتوازي مع إلزام إسرائيل بتبادل البرمجة لتنفيذها.

أكدت المصادر أن لجنة موسعة تضم ممثلين عن الرؤساء الثلاثة قد كُلفت بوضع مسودة أولية تشكل الإطار التنفيذي للرد على الأفكار التي طرحها برّاك. وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون تولى شخصياً رعاية هذه اللجنة، ومثله فيها كل من سفير لبنان لدى فرنسا ربيع الشاعر، وجان عزيز، والعميدين المتقاعدين أندريه رحال وطوني منصور. في المقابل، انتدب رئيس المجلس النيابي نبيه بري مستشاره السياسي علي حمدان لتمثيله، وكلف رئيس الحكومة نواف سلام مستشارته للشؤون الدبلوماسية السفيرة فرح الخطيب.

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً الموفد الأميركي توماس برّاك (رويترز)

وأشارت المصادر إلى أن اللجنة عقدت اجتماعاً مطولاً في القصر الجمهوري في بعبدا، انتهى بتوافق أعضائها بالإجماع على مشروع المسودة الأولية التي أعدوها، والتي حظيت بتأييد الرؤساء الثلاثة. وكانت المسودة موضع نقاش بين الرئيس بري وقيادة «حزب الله»، على الرغم من أن الأحاديث التي أدلى بها أخيراً أمينه العام الشيخ نعيم قاسم أثارت تساؤلات حول مدى استعداده للانخراط في التسوية الأولية التي أعدتها اللجنة. وتقضي التسوية بوضع آلية لتطبيق اتفاق وقف النار، وهو أمر لا يمكن أن يتحقق ما لم يُدعم بضمانات أمريكية بإلزام إسرائيل بالتقيد به، على عكس تمرّدها على تطبيق الاتفاق الذي التزم لبنان بحرفيته، والذي رعته الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا دون أن تُلزما إسرائيل بموقف مماثل بتأييدهما لمطالبتهما بنزع سلاح «حزب الله» وحصريته بيد الدولة.

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري يستقبل رئيس الحكومة نواف سلام (رئاسة البرلمان)

وفي هذا السياق، توقفت مصادر سياسية أمام مواقف قاسم في أحاديثه بمناسبة حلول شهر محرم، وقالت إنها أتاحت له لقاء جمهور المقاومة للمرة الأولى، وسعى إلى تعبئته برفع السقوف السياسية لإشعاره بأن لديه القدرة على ملء الفراغ الذي أحدثه اغتيال سلفيه السابقين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين. وتساءلت: هل يتوخى من مواقفه شراء الوقت على قاعدة تمديده للتفاوض مع بري من دون أن يقفل الباب بانتظار ما يمكن أن تؤول إليه المفاوضات الإيرانية-الأميركية في حال تقرر استئنافها في ضوء قول الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه قد يرفع العقوبات عن إيران إذا أبدت حسن النية؟ يطرح السؤال في وقت ليس من ضمانة حتى الساعة باستئناف المفاوضات، وبالتالي يبقى الأجدى للحزب أن يبني موقفه باعتماد التوقيت اللبناني بدلاً من الإيراني، لأن المفاوضات وإن حصلت فقد لا تربط نتائجها بالداخل اللبناني.

الوقت لا يخدم قاسم

ورأت المصادر السياسية أن عامل الوقت لا يسمح لقاسم بالتريث لحسم موقفه في حال حصول لبنان على ضمانات أميركية لقاء موافقته على حصرية السلاح بيد الدولة، على أن تطبّق تدريجياً بالتوازي مع إلزام إسرائيل القيام بخطوات مماثلة لإنهاء احتلالها للمواقع الخمسة، وإطلاق من لديها من أسرى لبنانيين، وامتناعها عن مواصلة اعتداءاتها واغتيالاتها، وانسحابها من الجنوب تمهيداً لتطبيق وقف النار، والشروع في تنفيذ القرار 1701 بالتلازم مع استعداد واشنطن لرعايتها ترسيم الحدود بين البلدين.

وكشفت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن ضيق عامل الوقت لا يسمح لقيادة «حزب الله» بعدم حسم موقفها، لأن واشنطن، بلسان برّاك، تلح على لبنان للإسراع بإعلان موافقته الرسمية على حصرية السلاح، مع أنه في زيارته الأولى لم يطالب بجدول زمني لسحب سلاح «حزب الله»، لكن عدم تحديده لا يعني أن الفرصة مديدة أمام الحزب لحسم قراره. وقالت إن برّاك حذر في لقاءاته من تفويت الفرصة المتاحة للبنان لبسط سيادته على كل أراضيه، ونقلت عنه قوله إن التردد ليس لمصلحته، ولا يضمن إلزام إسرائيل بعدم توسيع الحرب. وأكدت أن لبنان يقترح في المقابل استعداد واشنطن، فعلاً لا قولاً، للضغط على إسرائيل للتوصل لوقف النار، ولو موقتاً، إفساحاً في المجال أمام لبنان لتنقية الأجواء، وتبديد ما لدى «حزب الله» من مخاوف للدخول في مفاوضات يرعاها برّاك، وتؤدي حتماً للإجماع على حصرية السلاح، لأنه من غير الجائز أن تجرى المفاوضات تحت ضغط إسرائيل بالنار.

جانب من لقاء رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام مع الموفد الأميركي توماس برّاك (إ.ب.أ)

ولفتت المصادر إلى أنها تتفهم إصرار قاسم على رفع سقف مطالبه السياسية إذا كان يتوخى منها الحصول على الضمانات الأميركية المطلوبة للتسليم بحصرية السلاح، بدلاً من سحبه أو نزعه لتجنُّب استفزاز الحزب. وأضافت أن الحزب التزم منذ 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بوقف النار بخلاف إسرائيل، ويتعامل معه على أنه أدخل لبنان في مرحلة سياسية جديدة تضع المسؤولية على الدولة التي يتوجّب عليها أن تقول ماذا ستفعل لوقف الاعتداءات الإسرائيلية؟

الثمن السياسي

وقالت المصادر إن الحزب لا يزال يفتح نافذة للحصول على الضمانات، وهذا ما يلقى تجاوباً من الرؤساء الثلاثة لتبرير انعطافه أمام جمهوره نحو حصرية السلاح طالما أنه لم يخرق وقف النار منذ هذا التاريخ، ولو بإطلاق رصاصة واحدة، رغم تلويحه من حين لآخر بأن صبره يكاد ينفد. ويقف الحزب حالياً أمام البحث في خيارات بديلة، وبالتالي هو في حاجة للحصول على ثمن سياسي لاستيعاب حاضنته، وطمأنتها بأن تخليه عن سلاحه واستيعابه ضمن استراتيجية أمن وطني كانا وراء انسحاب إسرائيل واسترداده لأسراه، وإلا سيجد نفسه محرجاً ما لم تؤمّن له سترة النجاة للانخراط بوصفه مؤسسة سياسية مدنية في مشروع الدولة. وفي المقابل يتفهم الحزب موقف الحكومة حيال التزامها بإعادة إعمار البلدات المدمرة التي تبقى مؤجلة إلى حين استكمال لبنان دفتر الشروط الدولية بتطبيق الإصلاحات لتكون مدخلاً للحصول على المساعدات لإعمارها.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الشرق الاوسط

مشاركة المقال: