نشرت صحيفة لوموند الفرنسية مقالاً للكاتب توماس بيكيتي، يتناول تداعيات قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تحت عنوان "الحقيقة هي أن الولايات المتحدة تفقد السيطرة على العالم".
يشير الكاتب إلى أن فقدان الثقة في الولايات المتحدة بدأ منذ حرب العراق عام 2003، وما نتج عنها من "زعزعة استقرار إقليمية دائمة ومقتل أكثر من 100 ألف شخص، وعودة النفوذ الروسي، وكشف مساوئ الغطرسة العسكرية الأمريكية".
لكن الأزمة الحالية، بحسب الكاتب، تتجاوز ذلك، فهي "تتحدى جوهر القوة الاقتصادية والمالية والسياسية للبلاد. وتبدو الولايات المتحدة مشوشة، يقودها زعيم غير مستقر ومتقلب، يفتقر إلى ثقل موازنة ديمقراطية".
يتناول المقال الوضع الاقتصادي الراهن في الولايات المتحدة، واصفاً ترامب بالزعيم "الاستعماري المحبط".
يذكر المقال أن العجز التجاري الهائل للولايات المتحدة (الذي بلغ في المتوسط نحو 3-4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً من عام 1995 حتى عام 2025) يشبه العجز التجاري للقوى الاستعمارية الأوروبية الكبرى بين عامي 1880 و1914.
لكن الفرق، وفقاً للكاتب، هو أن تلك الدول كانت تمتلك أصولاً خارجية ضخمة تدرّ عليها فوائد وأرباحاً تغطي عجزها التجاري وتسمح لها بتراكم المطالبات المالية في بقية أنحاء العالم.
يشرح الكاتب أن ارتفاع أسعار الفائدة قد يجبر الولايات المتحدة على دفع تدفقات فوائد كبيرة لبقية العالم.
ويضيف أن الولايات المتحدة "أفلتت من هذا الأمر حتى الآن بفضل سيطرتها على النظام المالي العالمي".
يفسر توماس بيكيتي اقتراح اقتصاديي ترامب بفرض ضرائب على مدفوعات الفوائد لحاملي الأوراق المالية الأمريكية الأجانب بأنه محاولة "لإعادة ملء خزائن بلاده بالاستيلاء على المعادن الأوكرانية، إلى جانب غرينلاند وبنما".
يختتم الكاتب مقاله بالقول: "إذا كان أنصار ترامب ينتهجون هذه السياسة الوحشية واليائسة، فذلك لأنهم لا يعرفون كيفية التعامل مع التدهور الاقتصادي للبلاد".
ويضيف: "يريد الرئيس الأمريكي أن يُحافظ على السلام الأمريكي من خلال دفعات الجزية من بقية العالم لتمويل العجز المالي الأمريكي بشكل لا نهائي. ولكن مع تراجع القوة الأمريكية، يجب أن نبدأ في تخيل عالم بدونها". (بي بي سي)