اختُتمت في مدينة حلب أعمال مؤتمر "عنصرة وطن"، الذي أقيم تحت شعار "مسيحيون سوريون: أصالة، شراكة، رسالة"، واستمر لثلاثة أيام على مسرح جمعية التعليم المسيحي. وجمع المؤتمر شخصيات دينية، مدنية، ثقافية وأكاديمية من مختلف المحافظات، لمناقشة قضايا مفصلية تتعلق بالهوية السورية، ودور المكوّن المسيحي في الماضي والحاضر، إضافة إلى محاور العدالة الانتقالية، والعقد الاجتماعي، والإعلان الدستوري المنتظر.
وفي تصريح خاص لـ"سوريا 24″، أكّد المهندس جميل عصباتي، أحد المشاركين، أن المؤتمر "شكّل نقطة تلاقٍ ثقافي ومدني مهمة"، وأضاف: "كان هناك نقاش حقيقي بين الفاعلين في القضايا الدستورية والحضور، مما ساعد في بناء جسور من الثقة والشعور بالقدرة على التأثير في مستقبل البلاد". كما شدّدت مارسلة، المشاركة في جلسات اليومين الأخيرين، في حديثها لـ"سوريا 24″، على أن المؤتمر "فتح بابًا مهمًا لفهم الإعلان الدستوري، من حيث إيجابياته وسلبياته"، مشيرة إلى أن التنوع في خبرات المحاضرين أتاح حوارًا حقيقيًا حول شكل الدولة المنتظرة، وسبل صياغة دستور يعكس تطلعات السوريين.
ثقافة وهوية: معارض فنية وموسيقية ترافق الحوارات السياسية
ومن جانبه، استذكر المصوّر الحلبي فارس بدوي، في حديث مع "سوريا 24″، مشاركته في معرض الصور المصاحب للمؤتمر بعنوان "إرث وأثر"، قائلًا: "حاولنا من خلال الصور أن نعقد مقارنة بصرية بين حلب القديمة والحديثة، لإبراز أثر ما ورثناه من آبائنا وأجدادنا، وللتأكيد على ضرورة الحفاظ على هذا التراث ونقله للأجيال القادمة". أما الموسيقي هاني العمري، عازف الغيتار وعضو فرقة "طقّطوقة الحلبية"، فقد قال لـ"سوريا 24" إن الموسيقى التي قُدّمت خلال المؤتمر "ليست فقط فقرة فنية، بل رسالة تربط السوريين بجذورهم الثقافية، وتستحضر الذاكرة الجماعية لحلب"، مضيفًا أن "التراث الموسيقي يشكّل أحد عناصر الهوية الجامعة التي يمكن البناء عليها في مشروع سوريا المستقبل".
وفي ختام المؤتمر، أوضح المنسّق الإعلامي حنّا الناحي لـ"سوريا 24" أن الرسالة العامة للمؤتمر انطلقت من ثلاث محاور مترابطة: "أصالة الماضي، شراكة الحاضر، ورسالة المستقبل"، مشيرًا إلى أن جلسات العدالة الانتقالية والإعلان الدستوري شهدت مشاركة أسماء فاعلة ضمن لجان العمل، ما أعطى النقاش بعدًا تطبيقيًا وواقعيًا، وساهم في تحفيز الحضور على طرح أسئلة جوهرية حول المواطنة والدولة. واختتمت فعاليات المؤتمر بندوة حول دور التعليم في ترسيخ القيم المدنية والعدالة والمساواة، وسط اتفاق عام بين المشاركين على أن مثل هذه المبادرات تمثل خطوة ضرورية على طريق تعزيز التماسك الاجتماعي، وصياغة مشروع وطني جامع يستوعب التنوع السوري ويؤسس لسوريا ديمقراطية وشاملة.