في جلسة لمجلس الأمن الدولي حول الأوضاع في سوريا، برز توافق ملحوظ بين الدول الأعضاء حول أهمية دعم العملية السياسية، ورفع العقوبات المفروضة على البلاد، بهدف تحقيق مرحلة انتقالية ناجحة وتعاف اقتصادي وإنساني.
في بداية الجلسة، أكد مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، إبراهيم علبي، أن سوريا اليوم حاضرة وفاعلة، تستمع وتتحاور وتقرر بنفسها. وأشار إلى أن الانتخابات الأخيرة مثلت فرصة للمشاركة السياسية لأول مرة منذ عقود، بما يتناسب مع الواقع الموروث من حقبة النظام البائد. وأضاف أن الحكومة السورية مستمرة في مكافحة المخدرات ومواجهة الإرهاب بالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين، مؤكداً أن سوريا لن تكون مصدر تهديد لأي دولة في العالم. كما أشار إلى عودة أكثر من مليون لاجئ، معتبراً ذلك رسالة ثقة بسياسات الحكومة وجهودها في تحقيق الاستقرار. ودعا المجتمع الدولي إلى دعم سوريا وشعبها من خلال شراكة حقيقية ووضع حد للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة. وتحدث علبي عن جهود ترميم القرى المتضررة وجبر الضرر في السويداء، مشيراً إلى حملة "السويداء منا وفينا" التي جمعت أكثر من 14 مليون دولار دعماً للأهالي، ومؤكداً ثقة الدولة بأبناء المحافظة ورفضها لأي "مغامرات لا أفق لها".
من جهتها، قالت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، نجاة رشدي، إن انتخابات مجلس الشعب جرت في بيئة سليمة ومنظمة، مشددة على ضرورة رفع العقوبات على نطاق أوسع وأسرع لمنح المرحلة الانتقالية فرصة للنجاح.
في مداخلة لافتة، أعلن المندوب الأمريكي دعم بلاده لتخفيف العقوبات الأممية على سوريا، مؤكداً أن واشنطن ستواصل التعاون مع دمشق لمنع عودة الإرهاب ودعم عودة اللاجئين، ومثمناً تعاون الحكومة السورية مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، ومرحباً بجهود دول المنطقة لدعم العملية السياسية.
بدوره، شدد مندوب الجزائر، عمار بن جامع، على أن استقرار سوريا شرط لاستقرار الشرق الأوسط، مديناً الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة ومطالباً بالانسحاب الكامل من الجولان السوري المحتل. كما دعا إلى تمويل خطة الاستجابة الإنسانية التي لا تزال ممولة بنسبة 19 بالمئة فقط.
أما المندوب الفرنسي، جيروم بونافو، فأكد أن تنوع الشعب السوري هو أعظم رصيد للبلاد، مشيراً إلى أن العملية الانتقالية تبعث الأمل، وعلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي دعمها لضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.
وفي السياق نفسه، وصف المندوب البريطاني، جيمس كاريوكي، انتخابات مجلس الشعب بأنها حدث مهم في المسار السوري، مؤكداً دعم بلاده للحكومة السورية خلال المرحلة الانتقالية، فيما دعا مندوب بنما إلى رفع العقوبات واحترام سيادة سوريا وتحسين الظروف المعيشية للشعب السوري.
كما رحبت اليونان وسلوفينيا وكوريا وباكستان بإجراء الانتخابات البرلمانية، معتبرين إياها خطوة إيجابية نحو التمثيل الوطني والتعافي السياسي والاقتصادي، ودعوا إلى رفع العقوبات وتسريع المساعدات الإنسانية.
وفي موقف داعم، شدد المندوب الروسي، فاسيلي نيبينزيا، على أن سوريا بحاجة إلى دعم المجتمع الدولي ومساعدات متعددة الأوجه، مؤكداً ضرورة رفع العقوبات التي تعرقل إعادة الإعمار والتنمية المستدامة، وداعياً إلى وقف الاعتداءات الإسرائيلية.
واختتم مندوب تركيا، أحمد يلدز، بالتأكيد على أن انخراط سوريا في المجتمع الدولي يتقدم بخطى ثابتة، وأن الانتخابات البرلمانية الأخيرة تعكس التزام الحكومة بحوار وطني شامل، داعياً إلى انسحاب إسرائيل ودعم وحدة الأراضي السورية.
الجلسة، التي اتسمت بتقارب في المواقف الدولية أكثر من أي وقت مضى، أبرزت تحولاً ملموساً في الخطاب الدولي تجاه دمشق، مع إجماع متنامٍ على أن رفع العقوبات ودعم العملية السياسية هو السبيل لتحقيق استقرار سوريا والمنطقة بأسرها.