الخميس, 23 أكتوبر 2025 01:15 AM

محمد الطراد: قصة صعود ملياردير سوري من الفقر المدقع إلى قمة النجاح العالمي

محمد الطراد: قصة صعود ملياردير سوري من الفقر المدقع إلى قمة النجاح العالمي

قصة ملهمة لرجل الأعمال السوري محمد الطراد، الذي انتقل من الفقر المدقع إلى عالم المليارديرات. رحلة بدأت في بيئة صحراوية قاسية، حيث الماء نادر والعادات العشائرية متجذرة، وصولاً إلى قصر فرنسي فخم يضم مسابح وسيارات فيراري ولامبورغيني. هذه النقلة النوعية استغرقت 70 عاماً، لكنها تبدو وكأنها 3000 سنة.

محمد الطراد، الذي يُعتبر من أثرى السوريين بثروة تتجاوز 3.4 مليار دولار، يزعجه وصفه بالفرنسي من أصول سورية، ليس تبرؤاً من أصوله، بل لأنه يعتبر هذا التصنيف انتقاصاً من اندماجه الكامل في المجتمع الفرنسي. وصل إلى فرنسا عام 1970 دون أن يتقن اللغة الفرنسية، لكنه ناضل بشراسة ليحظى بالتقدير، فحصل على وسام جوقة الشرف برتبة فارس عام 2005، والجائزة العالمية للمقاول عام 2015، وأصبح أغنى سكان مونبلييه.

منذ زيارته الأخيرة لسوريا عام 1972، لم يعد إليها، ربما بسبب النشأة القاسية التي عانى منها. في لقائه مع "فرانس 24" عام 2015، تحدث بالفرنسية وأشار إلى أنه لا يعرف تاريخ ميلاده بدقة، لكنه يقدره بعام 1948. نشأته كـ "بدوي"، كما يصف نفسه، كانت مؤلمة، إذ وُلد نتيجة اغتصاب والدته من قبل والده، زعيم العشيرة. ربطته علاقة قوية بوالدته التي توفيت وهو في الرابعة من عمره، لتربيه جدته التي قررت أن يكون راعياً، لكنه كافح من أجل التعليم، مدركاً أنه طريقه للخلاص من هذا المصير.

كان يستيقظ مبكراً ليقطع مسافة طويلة سيراً على الأقدام إلى المدرسة. لاحقاً، انتقل للعيش مع أحد أقربائه في مدينة الرقة، مما أتاح له متابعة الدراسة بانتظام، وحصل على منحة دراسية من الحكومة السورية للدراسة في الخارج. كان من بين 12 متفوقاً على مستوى سوريا، وظهر بجلابية بسيطة كأفقرهم، إذ لم يتمكن من شراء ملابس أفضل.

رغب في أن يكون طياراً في الجيش، وكان من المفترض أن يدرس في كييف بأوكرانيا، لكن لم يُتح له هذا الاختصاص، فخُيِّر بين الدراسة في جامعة حلب، أو الانتقال إلى القاهرة لدراسة الطب، أو الحصول على منحة مالية بقيمة 200 فرنك فرنسي للذهاب إلى فرنسا. اختار الخيار الأخير، متأثراً بصورة ذهنية إيجابية عن فرنسا. لكن هذه الصورة تلاشت حينما وصل إلى فرنسا وواجه صعوبات في التواصل ومعاملة غير ودودة.

رغم ذلك، كافح حتى أتقن الفرنسية وحصل على الدكتوراه في المعلوماتية. عمل في عدة شركات فرنسية، ثم في أبوظبي بالإمارات، قبل أن يعود إلى فرنسا ليؤسس شركة للحواسيب المحمولة، ثم اشترى شركة مفلسة للسقالات عام 1985، وكانت هذه بداية مسيرته نحو الثراء. اليوم، يمتلك مجموعة "الطراد العالمية"، إحدى أضخم شركات السقالات في العالم، وتنشط في أكثر من 100 دولة.

وفقاً لتقرير نشرته "فوربس" عام 2015، يعيش محمد الطراد في قصر في مونبلييه، ويعمل في مقر مجموعته 25 شخصاً فقط، يديرون شركة تملك مليون عميل و7 آلاف موظف. يرى الطراد أن نجاح شركته يعود إلى هيكليتها غير المركزية، فهي شركة قابضة انسيابية وشركات تابعة تتمتع بحكم شبه ذاتي. وقد نجحت عمليات استحواذه على 22 شركة في عدة دول، منها قطر والمغرب.

تزوج الطراد من محامية فرنسية – بريطانية لمدة 13 عاماً، ثم انفصلا عام 1995. لديه 5 أبناء. اشتهر في فرنسا بعد استثماراته في مجال الرياضة بشراء فريق مونبلييه للرغبي عام 2011، لينقله من فريق على وشك الإفلاس إلى بطل متوج على مستوى فرنسا.

لا يوجد ذكر لمحمد الطراد فيما يتعلق بسوريا، فلا استثمارات له في بلده الأم، ولم يقم بأي لفتة تجاهها منذ 53 عاماً. ربما بسبب نشأته القاسية هناك. قد تكون محاولة الحكومة السورية التواصل معه ودعوته للاستثمار في بلده الأم لفتة إيجابية ومفيدة، خاصة وأن سوريا مقبلة على حركة إعادة إعمار كبيرة، وستجد في تجربة الطراد الغنية في قطاع البناء مكسباً لها.

مشاركة المقال: