الأحد, 14 سبتمبر 2025 05:14 AM

مشروع نوفاتيرا للغاز: هل هو استثمار مُنعش أم احتكار مُقنّع لقطاع الطاقة السوري؟

مشروع نوفاتيرا للغاز: هل هو استثمار مُنعش أم احتكار مُقنّع لقطاع الطاقة السوري؟

في الأول من سبتمبر/أيلول 2025، اجتمع وزير الطاقة المهندس محمد البشير مع رجل الأعمال السوري أيمن الأصفري، مالك شركة "نوفاتيرا للطاقة"، لبحث فرص الاستثمار في قطاع الطاقة، وخاصة في مجالي النفط والغاز.

لكن وراء هذا اللقاء الرسمي، قدمت "نوفاتيرا" عرضًا يثير الجدل لوزارة الطاقة لإعادة تأهيل وتطوير حقول الغاز على مدى 25 عامًا، بتكلفة معلنة تصل إلى 5 مليارات دولار. يبدو العرض في ظاهره كطوق نجاة لقطاع الطاقة المتدهور، لكن التدقيق فيه يكشف عن نقاط ضعف خطيرة وشروط غير عادلة.

أول ما يثير الانتباه هو طلب الشركة فترة "حصرية" مدتها 120 يومًا للتفاوض، قابلة للتمديد، بهدف الوصول إلى اتفاق لتقاسم الإنتاج قبل نهاية ديسمبر/كانون الأول 2025. هذا عمليًا يمنح "نوفاتيرا" أفضلية مطلقة على أي منافسين، ويغلق الباب أمام الشفافية والمنافسة الحرة.

تسوق الشركة خطتها على أنها ستضيف 15 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا بحلول السنة الثالثة، لكنها تطلب في المقابل ضمانات حكومية لدفع حصتها من الغاز إذا لم تكفِ العوائد لتغطية نفقاتها. هذا يعني ببساطة تحميل الدولة مخاطر الاستثمار، بينما تحتفظ الشركة بحقوق المكثفات والسوائل المرتبطة لتحقيق أرباحها.

تبدو الأرقام الضخمة التي طرحتها الشركة جذابة في ظاهرها، لكنها مبنية على تقديرات أولية "عالية المستوى" كما وصفتها الوثيقة نفسها، مما يجعلها أقرب إلى وعود غير مؤكدة. وحتى بعد ضخ مليارات الدولارات، يبقى الإنتاج المستهدف عند 15 مليون متر مكعب يوميًا، وهو رقم لا يرقى إلى الطموحات الوطنية.

الأخطر من ذلك أن العرض يتضمن سعي "نوفاتيرا" للاستحواذ على حصص شركات أجنبية مثل "بترو كندا/ سَن كور" و"آينا" في حقول حيان وإيبلا - لها عقود سابقة واستحقاقات مالية ضخمة، وخرجت من سوريا بالقوة القهرية في زمن الأسد -، مع تخصيص 100 مليون دولار لذلك. خطوة كهذه تفتح الباب أمام احتكار شبه كامل للقطاع من قبل شركة واحدة يقودها رجال أعمال مرتبطون تاريخيًا بشبكات النفط العالمية وشركات الخدمات الغربية.

باختصار، ما تطرحه "نوفاتيرا" ليس مجرد برنامج استثمار، بل مشروع طويل الأمد يمنحها سيطرة تشغيلية ومالية على أهم موارد البلاد، مع تحميل الحكومة السورية جانبًا كبيرًا من المخاطر وضمان أرباح المستثمرين.

يبقى السؤال: هل ستتعامل وزارة الطاقة مع هذا العرض كفرصة استثمارية حقيقية، أم ستخضعه لمراجعة علنية شفافة تضع مصلحة السوريين فوق مصالح الشركات؟

زمان الوصل

مشاركة المقال: