في خطوة تعكس محاولة النهوض بالقطاع الصناعي في مدينة حلب، انطلقت فعاليات معرض "خان الحرير" التخصصي للألبسة الرجالية، بمشاركة 40 شركة متخصصة في صناعة الألبسة الرجالية والنسائية والأطفال، وسط حضور لافت من الزوار القادمين من مختلف المحافظات السورية.
ويشكّل المعرض نقطة تحوّل للصناعة النسيجية في حلب، التي عانت سنوات طويلة من التقييد والركود. اليوم، يتحدث الصناعيون المشاركون عن انطلاقة جديدة تحمل الأمل بإحياء قطاع الألبسة وتوسيع آفاق التصدير.
بكري أسود، صاحب علامة "بلاك" التجارية، عبّر عن تفاجئه بالإقبال الكثيف هذا العام، قائلاً: "لم أكن أتوقع هذا الحضور اللافت. الأجواء مشجعة"، متمنيًا أن يمهّد هذا المعرض لولادة مدينة معارض دائمة في حلب، ومؤكدًا الحاجة إلى مساحة تليق بالصناعيين والزوار، وتدعم تصدير الألبسة السورية.
سامر حمامي، صاحب محل ألبسة رجالية، أشار إلى أن البضائع والموديلات المعروضة هذا العام جديدة كليًا، مؤكدًا وجود انفتاح حقيقي في السوق بعد سنوات من التضييق، قائلاً: "في السابق، كانت هناك قيود مشددة على التجار والتصدير.. اليوم نشهد بداية عهد جديد، ونتمنى أن نرحب بزوار من كل دول العالم".
عبد القادر عيسى، صاحب محل ألبسة آخر، وصف المعرض بأنه "ممتاز من حيث التنظيم والإقبال"، مشيرًا إلى جهود التجار في تأمين وسائل النقل والإقامة للزوار من المحافظات الأخرى، قائلاً: "في أيام النظام السابق، لم يكن مسموحًا بالطيران ولا التصدير، واليوم الوضع مختلف. أصبحنا نعمل على استيراد الأقمشة ونعيد تشغيل الورش".
محمد غرين، صاحب شركة "الحسين" للألبسة الرجالية، تحدث عن سنوات التوقف التام خلال الحرب، قائلاً: "في فترة الثورة، توقفت الصناعة كليًا، كنا نعمل في الخفاء، واليوم نعود إلى الواجهة.. بدأنا بفتح معارض ونأمل من الحكومة دعمنا بإنشاء مدينة معارض وتسهيل التصدير للدول العربية".
تُعد صناعة الألبسة من أبرز القطاعات الصناعية في سوريا، وتتمركز تقليديًا في مدن كبرى مثل حلب ودمشق. كانت هذه الصناعة تشكّل أحد أعمدة الاقتصاد الوطني، وتغطي السوق المحلي بالإضافة إلى التصدير نحو عدد من الدول العربية.
إلا أن سنوات الحرب أدت إلى تدمير عدد كبير من المصانع والورش، ما تسبب بانخفاض حاد في الإنتاج تجاوز 70%، بحسب تقديرات رسمية. كما تعمل المعامل المتبقية بأقل من 20% من طاقتها الإنتاجية، نتيجة لصعوبات تشغيلية متزايدة؛ من أبرز التحديات التي تواجه القطاع اليوم نقص الطاقة الكهربائية وارتفاع تكاليف تأمينها، إضافة إلى محدودية توفر المواد الأولية مثل الأقمشة والغزول.
محمود نجار، من غرفة صناعة حلب والمشرف على المعرض، أوضح أن المعرض الحالي يضم 40 شركة مشاركة، وتم تنظيم نقل جماعي من عدة محافظات عبر 15 بولمانًا، إلى جانب تأمين الإقامة الفندقية لنحو 450 شخصًا من المشاركين والزوار. وقال: "جمّعنا أصحاب الجودة العالية تحت سقف واحد.. نطمح لأن يتحوّل هذا النشاط إلى تظاهرة اقتصادية دورية، ونضع خطة لإنشاء مدينة معارض حقيقية في حلب خلال عام واحد، تعيد للتصدير السوري مجده، خصوصًا نحو بغداد وأوروبا".
تأثر قطاع صناعة الألبسة بتراجع إنتاج القطن محليًا، الذي انخفض من نحو مليون طن عام 2010 إلى أقل من 120 ألف طن خلال العقد التالي، ما أدى إلى الاعتماد على الاستيراد. وتستمر هذه العوامل مجتمعة في الحد من تعافي صناعة الألبسة في البلاد.
ويأتي هذا المعرض كمؤشر على محاولة للتعافي في الصناعة الحلبية، التي لطالما كانت عاصمة الصناعة السورية، في وقت يأمل فيه الصناعيون أن تكون هذه الانطلاقة بداية حقيقية نحو استعادة دورهم الريادي في الأسواق العربية والدولية.