الأربعاء, 23 يوليو 2025 05:03 PM

من التنظير إلى الفعل: رؤية نضال رشيد بكور للنهوض الوطني

من التنظير إلى الفعل: رؤية نضال رشيد بكور للنهوض الوطني

المهندس نضال رشيد بكور يرى أن الأوطان ليست بحاجة إلى خطابات رنانة أو عروض مرئية خيالية، بل إلى فعل تأسيسي متجذر في فهم عميق للسيادة ومسؤولية البناء. قضية النهوض الوطني ليست مرتبطة بعجز في العقول أو ندرة الموارد، بل بفجوة بين النظرية والتطبيق.

لبناء تنمية راسخة ومستقلة، يجب إعطاء الأولوية لمنظومة مؤسسية قادرة على تحويل الطاقات البشرية إلى أدوات فعالة للتغيير. لكن في أغلب دول العالم النامي، هناك انشغال بإعادة إنتاج الكلام بدلاً من إعادة بناء الواقع. تتكاثر النخب التي تكرر أفكاراً قديمة بعبارات جديدة، وتبرر العجز عن إيجاد حلول واقعية.

كم من المقترحات تحت مسميات الإصلاح الإداري أو الاقتصادي كانت مجرد محاولات لتدوير الفشل؟ وكم من الابتكارات المزعومة كانت ظلالاً لأفكار ثبت عدم جدواها؟ الحديث عن الكفاءات ليس ترفاً فكرياً، بل هو جوهر الفعل التنموي. يجب أن يكون استدعاء الكفاءة في سياق مشروع وطني واعٍ، يفرق بين الكفاءة الفعلية والموقع المكتسب بالمحاباة.

المؤسسة التي لا تعرف عدد موظفيها أو حجم إنتاجيتها تحتاج إلى صدمة في الوعي الإداري وتحرر من ثقافة التواكل واللامسؤولية. من السذاجة الاعتقاد بأن الفساد يمكن مكافحته بالتصريحات فقط؛ الفساد بنية تتغذى من هشاشة الأجور وضعف الرقابة. ما لم تُربط الكفاءة بالعدالة، وتُعزز الأمانة بعقد اجتماعي جديد يحترم الإنسان ويكافئ العمل، فإن كل حديث عن الإصلاح سيكون مجرد طقوس استهلاكية.

الذكاء الاصطناعي ليس حلاً سحرياً للإدارات المتخلفة، بل هو أداة تحتاج إلى بيئة مؤهلة ومعطيات دقيقة وأجهزة إدارية شفافة وكفؤة. إدخال أدوات حديثة في بيئة متهالكة يشبه تركيب محرك طائرة في عربة خشبية.

الأخطر من فشل المنظرين هو تحولهم إلى سلطة وهمية تكرر الوصايا نفسها، وكأنها في مهمة لإقناع الشعب بالصبر على مشاريع لا تأتي. هم يدعون إلى الخصخصة ودمج المؤسسات وتطبيق ما يسمونه النافذة الواحدة، وكأن هذه الأدوات تحمل خلاصاً مضموناً، رغم أنها في كثير من الأحيان كانت بوابات لانهيار الاقتصادات الوطنية.

ما تحتاجه الدول هو بناء عقل دولة، لا عقل ندوة؛ دولة تستنهض إرادتها بإعادة الاعتبار للواقع المحلي وتحويله إلى مختبر حقيقي للنهضة. لا نهضة بلا خطة، ولا خطة بلا إرادة سياسية، ولا إرادة بلا نخبة مؤمنة بأن التغيير ضرورة وجودية.

الخطر ليس في قلة الموارد، بل في ضياع البوصلة. لقد انتهى زمن المقترحات النظرية، وحان زمن الفعل الجذري. (موقع اخبار سوريا الوطن-2)

مشاركة المقال: