في أول ظهور له منذ انشقاقه عن نظام الأسد، أعاد العميد مناف طلاس طرح فكرة تأسيس "المجلس العسكري" التي سبق وأن اقترحها في عام 2012. وأكد طلاس أن الهدف من المجلس هو توحيد البلاد وليس قيادتها كسلطة انتقالية.
سناك سوري-بلال سليطين
خلال حوار استمر قرابة 3 ساعات في المعهد العالي للعلوم السياسية في باريس، بحضور حوالي 200 شخص، بينهم دبلوماسيون وسياسيون ونشطاء أجانب، وغالبية من السوريين، ظهر العميد مناف طلاس بدبلوماسية ملحوظة، على عكس ظهوره في عام 2012. وقد شبّه البعض هذا التطور بالتغير الذي طرأ على مسيرة الزعيم السياسي اللبناني سعد الحريري.
انتقاد الإقصاء والطائفية
انتقد طلاس لغة الإقصاء والخطاب الطائفي السائد في المرحلة الانتقالية، مؤكداً أن سوريا "طريقة تفكير وليست جغرافيا" وترفض أي تفكير طائفي، ومذكراً بأن إسلام سوريا هو الإسلام الصوفي والأشعري. واستعرض تاريخ سوريا قبل 125 عاماً، معتبراً أنها كانت مرحلة بناء سلطات، وأن الثورة انطلقت في عام 2011 لبناء الدولة، لا لإسقاط النظام فقط، وأن تشكيل المجلس الوطني في عام 2012 أنهى الثورة وجعل سوريا تسير وفقاً لأجندات دولية.
المجلس العسكري كما يراه مناف طلاس
أقر طلاس بفشله في حماية المؤسسة العسكرية وتحييدها عن المواجهة في عام 2012، مبيناً أنه اختار منذ البداية عدم حمل السلاح في مواجهة السوريين، لذلك غادر سوريا. وأوضح أن فكرة المجلس العسكري لم تنجح بسبب التدخلات الخارجية والتوافقات الدولية التي منعت انهيار نظام الأسد في عام 2012. وأشار إلى أن إعادة طرحه للمجلس اليوم يأتي بسبب حاجة سوريا لمجلس عسكري وطني يوحد القوى العسكرية، ويضم جميع الأطراف من قسد إلى المجلس العسكري في السويداء وعناصر الجيش السابق وفصائل المعارضة والجيش السوري الحالي، باستثناء من تلطخت أيديهم بدماء السوريين. وكرر عدم رغبته في منافسة أحد، وأن العسكر لا يريدون حكم سوريا، بل توحيد البندقية وتحويلها إلى جيش وطني غير ديني وغير طائفي، يحقق الأمان للجميع ويحمي المرحلة الانتقالية.
انتقاد المرحلة الانتقالية… الدبلوماسية
انتقد طلاس المرحلة الانتقالية بحذر، معبراً عن تمنياته بنجاح الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، لكنه أكد أن النجاح يبدأ باستيعاب الآخر والمشاركة الحقيقية وعدم التفرد بالسلطة.
خارطة طريق.. كما يراها طلاس
حوار طلاس بُني على أسئلة تفصيلية تشكل خارطة طريق للمرحلة الانتقالية، مؤكداً على قرار مجلس الأمن 2254 وضرورة تطبيقه، وأن دور المجلس العسكري هو حمايتها، معتبراً أن الخارطة الأممية هي الأفضل حالياً.
أزمة الثقة.. غياب الأمان والعدل
يرى طلاس أن الاقتصاد يُبنى على الثقة، والثقة غير موجودة، وأن "الكلام الجميل" لا يبني الدولة ولا يجلب الاستثمار، فالمستثمر يحتاج إلى "أمان" و"عدل". ويؤكد أن السوريين في الخارج، خصوصاً ذوي الخبرة المؤسساتية، يجب أن يكونوا أساس المرحلة الانتقالية.
الحريات والانقسام
يرى طلاس أن الحريات في سوريا ليست بحالة جيدة، فهناك قلة ثقة وخوف وانقسام، والبلاد تحتاج إلى أن نكون مصطفِّين مع الحقيقة، وأن نقول كيف نريد بلدنا، وليس ما يقوله الخارج.
اختلال دولي وعمق عربي
يرى طلاس أن الاختلال الدولي فرصة للسوريين لاستغلال المساحات والتناقضات بين الدول، ووضع مشروعهم أولاً، وأن العمق العربي هو الأساس لحماية سوريا وأمنها القومي.
التطبيع مع الاحتلال الاسرائيلي
يرى طلاس أن التطبيع مع الاحتلال "الإسرائيلي" ليس وقته، فكيف يكون التطبيع والسلام وإسرائيل تقصف سوريا كل يوم؟ ويجيب أن سوريا ليست اليوم بوضع يؤهلها لاتخاذ قرارات سليمة بهذا الإطار، وتحتاج لوقت لكي يكون اتفاق السلام من أجل سوريا وليس من أجل السلطة، مؤكداً أنه ليس ضد السلام، لكن السلام لا يأتي مع الخوف ويحتاج أن تكون قوياً.
خطوات انتقالية
يرى طلاس أن الشعب يحتاج خطوات حقيقية من السلطة، في إعادة بناء جيش وطني، والابتعاد عن اللون الواحد، والتأسيس للمشاركة، وبناء دولة المؤسسات وتوحيد سوريا على أساس العدل والأمان والثقة.
التواصل والقدرة على تشكيل مجلس عسكري
أوضح طلاس أنه لا يوجد تواصل بينه وبين السلطة، لكن ليس لديه مشكلة بالتواصل معهم، وأكّد قدرته على تشكيل مجلس عسكري وبناء جيش وطني يمثل الجميع، مؤكداً أنه يتواصل مع الجميع ومن كل الأطراف على الصعيد العسكري ولديه علاقات.
الموقف من اللا مركزية.. وحدة سوريا
كان موقف طلاس من اللامركزية أقرب للمركزية المرنة، معبراً أن توحيد سوريا لا يكون بالقوة بل بتقديم نموذج الحكم الجيد مركزياً وتشكيل الجيش الوطني بحيث تدفع المحليات نحو المركز بالايجابية والسلوك الجيد والثقة، لكنه كان ميّالاً لنظام الحكم المركزي الذي يثق به كل السوريين، وأصر على الإدارة المحلية الموسعة وليس الفيدرالية أو اللا مركزية السياسية. وأشار إلى أن المجلس العسكري يحمي نتائج الانتخابات.
خاتمة
قدّم العميد مناف طلاس مشروعه كمبادرة تُطرح على الطاولة مقابل مشاريع أخرى، يقوم على مجلس عسكري وطني يحمي مرحلة انتقالية مبنية على 2254، وعلى إعادة بناء جيش جامع ودولة مؤسسات. لكن قابلية هذا المشروع للتطبيق، وكيف سيتلقى السوريون والسلطة الانتقالية طرحه، هو ما سيبقى قيد الاختبار في المرحلة المقبلة.