الخميس, 16 أكتوبر 2025 09:12 PM

نتنياهو يواجه المحاكمة بثلاثة مسارات: من العفو الرئاسي إلى تغيير النظام القضائي

نتنياهو يواجه المحاكمة بثلاثة مسارات: من العفو الرئاسي إلى تغيير النظام القضائي

دخلت محاكمة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، مرحلة حاسمة، خاصة بعد تجديد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، دعوته لنظيره الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، لمنح نتنياهو عفواً رئاسياً يسقط عنه تهم الفساد. وخلال تواجده في «الكنيست»، اقترح ترامب على هرتسوغ قائلاً: «سيدي الرئيس، لماذا لا تمنحه عفواً؟»، مضيفاً: «لم يكن هذا ضمن خطابي، لكنني معجب بهذا الرجل، ويبدو كلامه منطقياً جداً، سواء أحببنا ذلك أم لا، فهو أحد أعظم الرؤساء في وقت الحرب». وقلل ترامب من خطورة الاتهامات الموجهة لنتنياهو، معتبراً أن قضايا مثل «السيجار والشمبانيا» لا تستحق الاهتمام.

استؤنفت جلسات محاكمة نتنياهو في ملفات الفساد، وبعد توقف دام شهراً تقريباً، سارع نتنياهو إلى مطالبة المحكمة بإنهاء إفادته مبكراً، بحجة إصابته بـ«التهاب الشعب الهوائية». وكان قد طلب سابقاً إلغاء الجلسة بحجة زيارة رئيسي إندونيسيا وقبرص، إلا أن إلغاء الزيارتين اضطره للمثول أمام المحكمة. ورغم حضوره وإصراره على أنه «يعاني من الرشح الشديد»، لم يتمكن من التملص من الجلسة، وتلقى مغلفاً دفعه لمغادرة القاعة قبل أن يعود إليها لاحقاً.

هيمنت دعوة ترامب لمنح نتنياهو عفواً على أجواء المحاكمة، وهو ما أثار حفيظة وزير القضاء الإسرائيلي، ياريف ليفين، الذي وصف المحاكمة بأنها «تتعارض مع العدالة ومصلحة الدولة». وأعلن ليفين عن دعمه لمشروع قانون يسمح لوزير الأمن بتقليص أو تقييد عدد جلسات محاكمة رئيس الحكومة في أثناء الحرب، معتبراً أنه «ما كان يجب أن يُقدَّم إلى المحاكمة أصلاً».

ينص مشروع القانون على «تقليص عدد الجلسات لدواعٍ تتعلق بأمن الدولة، مع تخويل وزير الأمن، بالتشاور مع وزير القضاء، التوجه برسالة مفصلة إلى المحكمة خلال 180 يوماً للإيعاز بتقليص الإجراء الجنائي، إذا كانت الجلسات بوتيرتها العادية تمس بأمن الدولة».

وفي سياق الدعم لنتنياهو، وصل أعضاء من «الكنيست» ووزراء إلى المحكمة المركزية في تل أبيب، حيث واجههم متظاهرون هتفوا ضدهم، متهمين رئيس الحكومة بمحاولة منع إجراء انتخابات حرة، وطالبوا المحكمة العليا بإلغاء تعيين رئيس «الشاباك» الجديد، دافيد زيني، وحماية الديمقراطية.

في المقابل، يسعى نتنياهو لحماية نفسه عبر عدة مسارات، أبرزها إحداث تغييرات في الجهاز القضائي. وذكرت مصادر عبرية أن نتنياهو يتجه لإقالة المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف-ميارا، وتعيين بديل لها، يكون أول قراراته إلغاء محاكمة رئيس الحكومة، والتحقيقات في قضية «قطر غيت»، وقضية تسريب مستشاريه وثيقة سرية لصحيفة «بيلد» الألمانية، وإلغاء أي تحقيق مستقبلي يكون نتنياهو ضالعاً فيه.

ستترافق هذه الخطوات مع تشريع أنظمة تضمن فوز ائتلافه في الانتخابات. ونظراً لضيق الوقت، يتجه نتنياهو إلى «إطاحة المستشارة القضائية في الأسابيع القريبة، إذ يصبح من الصعب على الائتلاف إطاحتها وتعيين خلف لها وتنفيذ التشريعات».

المسار الآخر يتمثل في الاستعانة بترامب لحثه على الضغط على المسؤولين في إسرائيل لإصدار عفو عام عن نتنياهو. وكانت صحيفة «هآرتس» قد ذكرت أن الرسالة الهجومية التي وجهها ترامب ضد محاكمة نتنياهو كانت بتنسيق مسبق بينهما، وأن نتنياهو يستغل علاقاته مع الرئيس الأميركي لتوظيف «الإنجازات العسكرية» الأخيرة ضد إيران كورقة ضغط على القضاء الإسرائيلي لإنهاء محاكمته.

وصل الأمر بترامب إلى التهديد بقطع المساعدات الأمنية الأميركية عن إسرائيل في حال استمرت المحاكمة، وهو ما وصفته الصحيفة بأنه «فكرة خطيرة زرعها نتنياهو نفسه في رأس ترامب»، واعتبرتها «أمراً مقززاً» في سياق استغلال العلاقة مع ترامب لأهداف شخصية وداخلية.

المسار الثالث هو محاولة بناء معارضة داخلية للمحاكمة عبر تحشيد قادة «الليكود» وأعضاء الائتلاف الحاكم، وهو ما تجلى في جلسة المحاكمة، حيث تلقى كبار مسؤولي الحزب دعوة عاجلة للحضور إلى المحكمة المركزية للإدلاء بشهاداتهم.

وكان رئيس المحكمة العليا الإسرائيلية، القاضي يتسحاق عميت، والمستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف-ميارا، قد استُبعدا من المراسم الاحتفالية التي ألقى فيها ترامب خطابه في «الكنيست»، وهو ما استنكره هرتسوغ، معتبراً ذلك «مساساً خطيراً بالنهج المؤسساتي واحترام سلطات الحكم».

وصعّد نائب نتنياهو ووزير العدل من لهجته، معتبراً أن «القاضي يتسحاق عميت لم يُنتخب بشكل قانوني رئيساً للمحكمة العليا، والمستشارة بهاراف-ميارا أُقيلت بشكل قانوني بقرار من الحكومة». وأضاف: «أتوقع من رئيس الدولة أن يقف إلى جانب الكنيست والحكومة. لقد ولت الأيام التي كنا فيها نخفض رؤوسنا أمام النظام القضائي، ولن تعود».

مشاركة المقال: