الأربعاء, 14 مايو 2025 05:53 PM

هل تلوح في الأفق فرصة اقتصادية جديدة لسوريا؟ رفع العقوبات يثير الآمال والتحديات

هل تلوح في الأفق فرصة اقتصادية جديدة لسوريا؟ رفع العقوبات يثير الآمال والتحديات

بات التفكير بمستقبل أفضل حلماً مشروعاً للسوريين اليوم، بعد إعلان الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” نيته رفع العقوبات عن سوريا، فكيف يمكن لرفع العقوبات أن يساعد البلاد ومواطنيها؟

قبل الإجابة عن هذا السؤال، لا بد من التوقف عند واقع هذه العقوبات وآليات رفعها، إذ أن الصورة ليست بالبساطة التي قد توحي بها التصريحات السياسية. في هذا السياق، أشار الخبير الاقتصادي المقرب من الحكومة، كرم شعار، في فيديو نشره عبر صفحته الشخصية على فيسبوك، إلى أن كثيراً من العقوبات مرتبطة بقوانين لا يمكن رفعها بقرار رئاسي منفرد، بل تتطلب إجراءات تشريعية معقّدة، واستشهد بقانون “قيصر”، موضحاً أن الرئيس الأميركي يمكنه إيقاف العمل به مؤقتاً، لكن رفعه بشكل دائم يحتاج إلى تصويت من الكونغرس.

وتساءل “شعار”، هل يستهدف رفع العقوبات النظام السابق والنظام الحالي، وهل يشمل الإعلان رفع العقوبات عن “أحمد الشرع”، وقال إن هناك عقوبات أممية مرتبطة بهيئة تحرير الشام، وهي عقوبات تحتاج إلى 4 مسارات قانونية لرفعها.

كرم شعار: كثير من العقوبات مرتبط بقوانين لا يمكن رفعها بقرار رئاسي منفرد، بل تتطلب إجراءات تشريعية معقّدة

ولم يخض “شعار” بالمسارات، إلا أنه قال بإنه وبكل المسارات هناك حاجة لتصويت في مجلس الأمن لرفع العقوبات، لافتاً أن أميركا تستطيع لعب دور مهم بالضغط على شركائها، لكن دول مثل الصين وروسيا من الممكن أن يكون لهم موقف مختلف.

وفي ختام حديثه “أبدى “شعار” تفاؤلاً، ووصف الخطوة بالممتازة في طريق التعافي الاقتصادي. بدوره، قال المحلل الاقتصادي عابد فضيلة لموقع “العربية.نت” إن التخفيض الأميركي ، في حال أعقبه قرار أوروبي مماثل، لا يعني بالضرورة تحوّلاً فورياً إلى الرفاه الاقتصادي والاجتماعي، لكنه «سيمهّد الطريق لمناخ استثماري إيجابي وواعد، يفتح الباب أمام المستثمرين السوريين والأجانب على حد سواء».

فرصة لإقلاع اقتصادي طال انتظاره

ورغم التحفّظات القانونية التي أشار إليها “شعار” حول آليات رفع العقوبات وتعقيداتها، فإن مجرد بدء هذه الخطوة ووجود نية سياسية واضحة قد يشكلان مؤشراً هاماً على مرحلة جديدة من الانفتاح الاقتصادي، وهنا تبرز تساؤلات جوهرية حول كيفية الاستفادة من هذا التغيير المحتمل، وخاصة فيما يتعلّق بإعادة بناء الاقتصاد السوري المنهك.

في هذا السياق، يرى الخبير الاقتصادي والمستشار في وزارة الاقتصاد، “جورج خزام”، أن دخول الشركات الخليجية والأوروبية والأميركية والصينية إلى السوق السورية كشركاء في المشاريع الحكومية وليس كمنافسين، هو الطريق الأمثل لإحياء القطاع العام وتحديثه.

وزير الاقتصاد: في اللحظة التي ستعود فيها سوريا إلى النظام المالي العالمي “سويفت”، ستبدأ نتائج رفع العقوبات بالظهور

ويقول إن دخول هذه الشركات بصفة شريك تجاري وصناعي مع القطاع العام في الشركات والمصانع الحكومية وصالات السورية للتجارة، والتي تعاني من تقادم وسائل الإنتاج والأزمات المتراكمة، هو الفرصة الحقيقية لتحديث وتطوير هذا القطاع، ليأخذ دوره الحقيقي بالتدخل البناء في ، وخاصة في مرحلة الإقلاع الاقتصادي التي طال انتظارها.

ويضيف “خزام” أن الدخول في شراكات جزئية مع هذه الشركات يوفر الزمن والجهد مقارنة بالبدء من الصفر، مشيراً إلى أن الخصخصة الجزئية القائمة على نقل التكنولوجيا الحديثة والخبرة الإدارية تُعد بديلاً أكثر استدامة من الخصخصة الكاملة التي قد تهمش القطاع العام وتضعه في موقع المنافسة الخاسرة.

بوابة التدفق المالي والتحوّل الحقيقي

وإذا كانت الشراكات مع الشركات الأجنبية تمثّل حجر الأساس في مشروع الإقلاع الاقتصادي كما يرى “خزام”، فإن وزير الاقتصاد السوري، نضال الشعار، يذهب خطوة أبعد نحو التفاصيل العملية التي ستُحدث هذا التغيير، فبالنسبة له، الانفتاح الاقتصادي لن ينجح دون عودة سوريا إلى المنظومة المالية العالمية، حيث يبدأ المال بالتدفق وتبدأ العجلة بالدوران فعلاً.

وأضاف أنه في اللحظة التي ستعود فيها سوريا إلى النظام المالي العالمي “سويفت”، ستبدأ نتائج رفع العقوبات بالظهور، وستبدأ التدفقات المالية من المستثمرين والمغتربين، ومعها تبدأ العجلة الاقتصادية بالدوران مجدداً.

واعتبر في لقاء مع مساء أمس، أن الأبواب باتت مفتوحة للمستثمرين وكل من يرغب بالحضور من دون أي قيود، وهذا سينعكس على السوريين بالراحة النفسية، ومن ثم التدفق المالي وسهولة التحويلات على المستوى الفردي، وقال إن الابن سيكون قادراً على تحويل الأموال بسلاسة لمساعدة أهله في سوريا.

“الشعار” وصف قرار رفع العقوبات، بالقرار الحق الذي انتظره ملايين السوريين، وقال إنهم في الحكومة يحضرون لهذا اليوم منذ 5 أشهر، ولديهم الإمكانات الكبيرة والطاقات اللازمة لتحقيق نهضة سوريا.

وفي دراسة تحليلية أصدرها مركز جسور للدراسات، توقّع الباحثون أن يشكّل رفع العقوبات نقطة تحوّل حقيقية في مسار الاقتصاد السوري، مع ترجيحات بانخراط النظام المصرفي السوري في النظام المالي الدولي، ما يفتح المجال أمام التعامل مع المؤسسات المالية العالمية، وتنشيط الحركة التجارية، وجذب استثمارات أجنبية طال انتظارها.

كما أشارت الدراسة إلى أن رفع القيود الاقتصادية من شأنه أن يُفعّل عدداً من القطاعات الحيوية مثل النفط والغاز، والاتصالات، والتكنولوجيا، وهو ما يتيح فرصة حقيقية لتسريع عجلة التطور التقني في بلد أنهكته سنوات الحرب والبنى التحتية المتهالكة.

رغم التعقيدات القانونية والسياسية المحيطة برفع العقوبات، فإن مجرّد طرح الفكرة أطلق موجة من التفاؤل والأمل في أوساط الاقتصاديين والمواطنين على حد سواء، فبين التحليلات المتفائلة والدعوات الواقعية للحذر، يبقى الأكيد أن أي انفتاح اقتصادي حقيقي يحتاج إلى إرادة سياسية، واستعداد داخلي، واستثمار خارجي واعٍ، ليُترجم إلى واقع ملموس في حياة السوريين.

مشاركة المقال: