الثلاثاء, 21 أكتوبر 2025 03:07 PM

واشنطن تسعى لتسريع التطبيع السعودي الإسرائيلي: ما هي الدوافع والتحديات؟

واشنطن تسعى لتسريع التطبيع السعودي الإسرائيلي: ما هي الدوافع والتحديات؟

بعد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، تصاعدت التصريحات الأمريكية حول قرب تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل. وعلى الرغم من غياب أي تصريحات سعودية رسمية حول هذا الأمر، تشير تحركات الإعلام السعودي إلى أن هذا المسار لا يزال قائماً، وأن الإعلان عن هذه الخطوة هو مسألة وقت.

تأمل واشنطن وتل أبيب في أن يكون هذا التطبيع بمثابة نقطة انطلاق لسلسلة من اتفاقيات التطبيع العربية والإسلامية، مما يعزز الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية على الشرق الأوسط باعتراف عربي وإسلامي رسمي، بعد المكاسب العسكرية التي حققتها أمريكا وإسرائيل في العامين الماضيين.

هناك العديد من المؤشرات على ذلك، بما في ذلك تصريحات ترامب نفسه، الذي قال في مقابلة مع «فوكس نيوز» إن الرياض أكدت له استعدادها للدخول في «اتفاقات آبراهام». بالإضافة إلى ذلك، أكد المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توم براك، أن السعودية تقترب من مسار التطبيع الكامل، مما سيجعل دول المشرق العربي تتبعها، مشيراً إلى لبنان وسوريا وربما العراق.

كما أن عودة جاريد كوشنر، صهر ترامب ومهندس «اتفاقات آبراهام»، إلى المشهد من خلال اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، تعتبر دلالة بارزة على تنشيط مسار التطبيع عبر السعودية، خاصة وأن وقف العمليات العسكرية كان شرطاً ضرورياً لانضمام المملكة إلى هذا المسار، مع الأخذ في الاعتبار مسألة الدولة الفلسطينية التي وردت بشكل غامض في أحد بنود الاتفاق.

من بين الشروط الأخرى للتطبيع السعودي هو ما تروج له الولايات المتحدة للمملكة بشأن تراجع قوة إيران وحلفائها، الذين تعتبرهم الرياض تهديداً لها. ومع ذلك، لا تزال لدى السعودية أسباب للحذر، بالنظر إلى أن الضربات التي تعرضت لها طهران وحلفاؤها لم تكن حاسمة، خاصة في اليمن، الذي يبدو أقوى مما كان عليه قبل 7 أكتوبر.

هناك سباق بين توافر الشروط اللازمة والمسهلة للتطبيع، والتغيرات المتسارعة في المنطقة التي ترى المملكة أنها تتطلب ترتيب أوضاعها. وهذا يفسر ما ذكرته صحيفة «فايننشال تايمز» عن مفاوضات سعودية أمريكية للتوصل إلى اتفاقية دفاعية ثنائية تعتبرها الرياض بوليصة تأمين للنظام، وتأمل أن يتم توقيعها عندما يزور ولي العهد، محمد بن سلمان، واشنطن الشهر المقبل.

على الرغم من تصريحات مسؤولين أمريكيين بأن التفاصيل لم تنجز بعد، فإن الاتفاقية، إذا تم توقيعها، قد تتضمن ضمانات أمريكية بالدفاع عن المملكة، على غرار تلك التي وقعها ترامب لقطر بعد العدوان الإسرائيلي على الدوحة. وفي حين بررت هذه الضمانات بالمخاطر التي تتعرض لها قطر بسبب أدوارها الدبلوماسية في عدد من النزاعات الحساسة، ترى المملكة أيضاً أن التطبيع يرتب مخاطر عليها، مما يستدعي إجراءات مماثلة.

يشير تزامن التصريحات والتسريبات الأمريكية حول التطبيع والاتفاقية الدفاعية إلى وجود ترابط بين الأمرين، حيث سبق للولايات المتحدة أن ربطت تلك الاتفاقية بتطبيع سعودي مع إسرائيل، مما يضفي جدية أكبر على التحركات الحالية. لكن المؤشر الأبرز يأتي من قطاع غزة، حيث تبدو الحماية الأمريكية لوقف النار، والتي ظهرت بوضوح بعد الغارات الإسرائيلية الأخيرة، مرتبطة بالمفهوم الأوسع الذي وضعه ترامب للاتفاق، خاصة وأن حرب غزة هي التي أوقفت تطبيعاً سعودياً إسرائيلياً بدا وشيكاً عشية عملية أكتوبر.

بالنسبة للأمريكيين، فإن التطبيع السعودي ليس مجرد تطبيع سعودي؛ فالهدف الأمريكي هو أن يكون ذلك فاتحة لتطبيع دول منخرطة أو كانت منخرطة بشكل مباشر أو غير مباشر في صراعات عسكرية مع إسرائيل ولديها أراض محتلة، ستكون في أحسن أحوالها، إذا تم هذا السيناريو، مدى حيوياً للأمن الإسرائيلي، وبالتأكيد منزوعة من السلاح، وربما من سكانها أيضاً، علماً أن المسار المشار إليه يلقى في سوريا ولبنان، دعماً سعودياً واضحاً، ويُراد له أن ينهي لمرة أخيرة الكفاح المسلّح كوسيلة لتحرير الأرض.

بالنتيجة، ترى السعودية وغيرها من دول الخليج أن المخاطر المحيطة بها، أو التهديدات الآتية من داخلها، لا تحتمل التأجيل، وتحتّم الحصول على ضمانات أمنية أمريكية أقوى من تلك القائمة حالياً. لكن المفارقة الدالة هنا، أن مَن هو غير مستعجل على التطبيع هو إسرائيل، التي ترى أن مجموعة كاملة من الخيارات فُتحت أمامها نتيجة تطورات العامين الماضيين، وعلى رأسها تمزيق كل دول المنطقة وإعادتها إلى زمن التناحر القبلي والطائفي، وإفراغ الأراضي التي تريد السيطرة عليها من سكانها الأصليين تماماً.

حسين إبراهيم - أخبار سوريا الوطن

مشاركة المقال: