السبت, 8 نوفمبر 2025 10:14 PM

وهم أم علاج؟ خلطة الشيح والقهوة تثير جدلاً واسعاً حول علاجات السرطان الشعبية

وهم أم علاج؟ خلطة الشيح والقهوة تثير جدلاً واسعاً حول علاجات السرطان الشعبية

اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي في الأشهر الأخيرة موجة من المنشورات ومقاطع الفيديو التي تتحدث بحماس عن "خلطة الشيح مع القهوة"، والتي يزعم مروجوها أنها علاج فعال وسريع للقضاء على الخلايا السرطانية في غضون عشرة أيام فقط. وسرعان ما أصبحت هذه الخلطة موضوع نقاش واسع بين المرضى والمتابعين، خاصة مع انتشار قصص "الشفاء المعجزة" التي يشاركها أشخاص يروون تجاربهم الشخصية مع المرض.

وفقًا لما يتم تداوله في تلك المنشورات، تعتمد الوصفة على مزج كمية من عشبة الشيح المطحونة مع القهوة وتناولها مرتين يوميًا (صباحًا ومساءً) لمدة خمسة أيام، ثم فنجان واحد صباحًا في الأيام الخمسة التالية. ويؤكد أصحاب هذه الوصفات أن نتائج التحاليل الطبية بعد انتهاء "البرنامج العلاجي" تظهر شفاءً تامًا من السرطان.

العلم لا يعرف المعجزات

أكد الدكتور نديم زحلوق، اختصاصي الأورام في مشفى اللاذقية لـ"الحرية" أن عشبة الشيح تحتوي بالفعل على مركبات فعالة أبرزها الأرتيميسينين، وهي مادة تستخدم في أدوية علاج الملاريا. وأضاف أن بعض الأبحاث المخبرية أظهرت دورًا محتملاً لها في إبطاء نمو بعض أنواع الخلايا السرطانية في بيئة مخبرية فقط، وليس في جسم الإنسان. وأشار إلى أنه حتى اليوم لا توجد أي دراسة سريرية موثوقة تثبت أن تناول الشيح بهذه الطريقة قادر على القضاء على السرطان، وأن ما يتم تداوله على الإنترنت لا يتجاوز كونه تجارب فردية غير موثقة علميًا.

وحذر الدكتور زحلوق من أن الإفراط في استهلاك الشيح أو غليه بتركيزات عالية قد يؤدي إلى تسمم الكبد والجهاز العصبي نتيجة احتوائه على مادة الثوجون السامة. وأوضح أن خلطه مع القهوة يزيد من المخاطر، لأن الكافيين قد يضاعف من تأثيراته على القلب والجهاز العصبي، مما يجعل هذه الوصفة محفوفة بالمضاعفات الصحية الخطيرة.

ولفت الدكتور زحلوق إلى أن البحث العلمي يسير بخطوات دقيقة وطويلة قبل اعتماد أي مادة كعلاج، حيث تبدأ من التجارب المخبرية، ثم الاختبارات على الحيوانات، وصولاً إلى التجارب السريرية المعقدة على البشر، والتي قد تستغرق سنوات لضمان الفعالية والأمان. وأكد أن السرطان مرض معقد ومتعدد الأنواع، ولا يمكن لعشبة أو خلطة بسيطة أن تكون علاجًا شاملاً له.

الدور الخطير لمواقع التواصل

من جانبه، يرى الدكتور مرهف خضور، اختصاصي علم الاجتماع، أن انتشار هذه الخلطات "العجيبة" يعكس حاجة الناس إلى الأمل، خاصة في مواجهة أمراض قاسية كالسرطان، حيث يصبح أي خبر عن علاج محتمل شعلة أمل في ظلام المعاناة. وأوضح أن هذه الشعلة، إن لم تضبط بالعلم والمعرفة، قد تتحول إلى وهم حقيقي يدفع البعض إلى ترك العلاج الطبي الموثوق واللجوء إلى وصفات مجهولة المصدر.

وأشار الدكتور خضور إلى أن معظم الدراسات في علم الاتصال الصحي تظهر أن الخطر الأكبر لا يكمن في المعلومة الخاطئة نفسها، بل في سرعة انتشارها عبر وسائل التواصل، خاصة عندما تكون مصحوبة بصور "تحاليل شفاء" أو شهادات مصورة، ما يجعلها أكثر إقناعًا للمستخدم العادي.

مشاركة المقال: