الخميس, 17 يوليو 2025 05:19 PM

الإرهاق الكظري: كيف يؤثر التوتر المزمن على صحة المرأة وما هي أعراضه وكيفية علاجه؟

الإرهاق الكظري: كيف يؤثر التوتر المزمن على صحة المرأة وما هي أعراضه وكيفية علاجه؟

في عصر تتزايد فيه الضغوط اليومية، أصبح التوتر المزمن جزءًا لا يتجزأ من حياة العديد من النساء، سواء كان ذلك بسبب العمل، أو المسؤوليات الأسرية، أو الضغوط العاطفية، أو حتى التحديات الاجتماعية. غالبًا ما تتجاهل النساء التأثير العميق لهذا التوتر المستمر، الذي لا يؤثر فقط على الحالة النفسية، بل يمتد أيضًا إلى أجهزة الجسم، وخاصة الغدة الكظرية، المسؤولة عن تنظيم هرمونات التوتر، وعلى رأسها الكورتيزول.

تقع الغدتان الكظريتان فوق الكليتين، وتلعبان دورًا أساسيًا في توازن الجسم عن طريق إفراز هرمونات مثل الكورتيزول، والأدرينالين، والألدوستيرون. عند التعرض لضغط مفاجئ، تفرز الغدة الكظرية هذه الهرمونات لمساعدة الجسم على التكيف. ومع ذلك، عندما يستمر التوتر لفترات طويلة دون انقطاع، تُرهَق هذه الغدد، وتبدأ متلازمة الإرهاق الكظري في الظهور.

متلازمة الإرهاق الكظري هي حالة غير معترف بها رسميًا من قبل جميع المؤسسات الطبية، ولكنها توصف سريريًا بأنها خلل في إفراز الكورتيزول نتيجة للإجهاد طويل الأمد. تعاني منها نسبة كبيرة من النساء دون تشخيص دقيق، حيث تبدأ الأعراض تدريجيًا وغامضًا، مما يجعل الكثيرات يعتقدن أنهن "مرهقات فقط" أو "يمررن بفترة صعبة".

تشمل الأعراض الشائعة لهذه المتلازمة الشعور الدائم بالتعب حتى بعد النوم، وضعف التركيز، وانخفاض القدرة على تحمل الضغط، والرغبة المستمرة في تناول السكريات أو الكافيين، وتقلب المزاج، وزيادة الوزن (خاصة في منطقة البطن). بالإضافة إلى ذلك، تعاني بعض النساء من تساقط الشعر، واضطرابات في الدورة الشهرية، وانخفاض الرغبة الجنسية، وهي أعراض قد تُنسب خطأً إلى أسباب أخرى مثل فقر الدم أو خلل الغدة الدرقية.

أكثر ما يميز النساء المصابات بهذه المتلازمة هو التزامهن المستمر بالعطاء وتحمل الأعباء دون راحة حقيقية، مما يجعل أجسادهن في حالة استنفار داخلي دائم. وبينما قد يظهرن متماسكين خارجيًا، إلا أن نظامهن الهرموني يكون في صراع مستمر للحفاظ على التوازن.

غالبًا ما يكون التشخيص صعبًا، لأن اختبارات الكورتيزول التقليدية قد لا تظهر المشكلة بوضوح. يستخدم بعض الأطباء اختبارات اللعاب أو البول لقياس مستويات الكورتيزول على مدار اليوم، وهي أكثر دقة في الكشف عن النمط غير الطبيعي للإفراز.

لا يعتمد العلاج على الأدوية فقط، بل على نمط حياة شامل يعيد للجسم توازنه. يشمل ذلك تعديل النظام الغذائي ليشمل وجبات غنية بالبروتين والدهون الصحية والمغذيات الدقيقة مثل فيتامين C والمغنيسيوم، وتقليل استهلاك الكافيين والسكريات التي تزيد من إرهاق الغدة الكظرية، وممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل والتنفس العميق واليوغا. بالإضافة إلى ذلك، يجب النوم بانتظام وفي أوقات مبكرة، لأن الكورتيزول يتبع نمطًا يوميًا يبدأ بالارتفاع صباحًا وينخفض مساءً، ووضع حدود واضحة في العلاقات والعمل لتقليل التعرض المستمر للتوتر.

أخيرًا، متلازمة الإرهاق الكظري ليست حالة يجب تجاهلها أو التقليل من شأنها. فكلما طال تجاهل الأعراض، زاد العبء على الجسم والعقل. لذلك، من الضروري أن تبدأ المرأة بالاستماع إلى إشارات جسدها وأن تمنح ذاتها حق الراحة، لا كرفاهية، بل كضرورة بيولوجية للحفاظ على توازنها الجسدي والنفسي. فالتعافي يبدأ من الاعتراف بأن الصحة ليست فقط غياب المرض، بل أيضًا وجود التوازن والهدوء الداخلي.

مشاركة المقال: