د. أكرم خولاني: عظام الفخذ تعتبر من أقوى العظام في جسم الإنسان، ولكنها مع ذلك قد تتعرض للكسر. إن التشخيص السليم لهذه الكسور وعلاجها بشكل صحيح أمر في غاية الأهمية لتجنب حدوث التئام معيب أو تشوه في العظم، مما قد يؤدي إلى قصر في الطرف واضطراب في المشية.
ما هو كسر الفخذ؟
عظم الفخذ هو عظم طويل يقع في منتصف الفخذ، وهو الأطول والأقوى في جسم الإنسان. يُعرف كسر عظم الفخذ بحدوث تصدع أو تشقق في منطقة جسم هذا العظم. توجد أنواع مختلفة من كسور عظم الفخذ، وتشمل:
- كسر مستعرض: يكون خط الكسر أفقيًا ومستقيمًا في عظم الفخذ.
- كسر مائل: يكون خط الكسر بزاوية أو قطريًا عبر عظم الفخذ.
- كسر حلزوني: يكون خط الكسر بشكل غير منتظم ودائري حول عظم الفخذ.
- كسر مفتت: في هذه الحالة، يكون عظم الفخذ قد انكسر إلى ثلاثة أجزاء أو أكثر.
تُلاحظ كسور الفخذ بشكل شائع لدى الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 عامًا (نتيجة صدمة عالية الطاقة)، ولدى الإناث اللاتي تبلغ أعمارهن 75 عامًا أو أكثر (الكسور المرضية بسبب هشاشة العظام والسقوط من مستوى منخفض).
ما هي الأسباب؟
نظرًا لأن عظم الفخذ من أقوى عظام الجسم، فإن كسره يحدث عند التعرض لإصابة حادة بقوة مباشرة على منطقة الفخذ. السبب الرئيسي هو حوادث السيارات، كما أن السقوط من ارتفاع يُعد سببًا شائعًا. يمكن أن تؤدي الانهيارات والإصابات النارية أيضًا إلى الكسر. بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما تحدث كسور عظم الفخذ لدى المرضى المسنين الذين يعانون من مرض هشاشة العظام.
ما هي الأعراض والعلامات؟
العرض الأكثر شيوعًا هو الألم الشديد الذي يمنع حركة الطرف. تشمل الأعراض والعلامات الأخرى ما يلي:
- تشوه والتواء الفخذ.
- قصر الطرف.
- تورم الفخذ.
- كدمات.
في حالة الكسر المفتوح:
- جروح في الفخذ.
- نزيف.
- خروج أجزاء من العظم.
كيف يتم التشخيص؟
يعتمد التشخيص على القصة السريرية والفحص البدني. لتأكيد أو استبعاد كسر في العظم، يتم اللجوء إلى التصوير. تشمل اختبارات التصوير ما يلي:
- الأشعة السينية البسيطة: هذه هي الطريقة الأكثر شيوعًا لتقييم وجود كسر لأنها توفر صورًا واضحة للعظام.
- التصوير المقطعي (CT): يمكن للأشعة المقطعية تقديم معلومات قيمة عن شدة الكسر، خاصة في الكسور الشعرية حيث يصعب رؤيتها على الأشعة السينية.
كيف يتم العلاج؟
يشمل العلاج الجر الهيكلي والتثبيت الخارجي والتثبيت الداخلي عن طريق الجراحة. الجراحة هي العلاج الأساسي. يجب أن تخضع الكسور المفتوحة لعملية جراحية عاجلة لتنظيفها وإصلاحها لإيقاف النزيف ومنع العدوى، ولكن يمكن الحفاظ على الكسور المغلقة حتى يصبح المريض مستقرًا وجاهزًا للجراحة.
- الجر الهيكلي: يتم جر جزء عظم الفخذ المكسور ليعود إلى مكانه الصحيح. قد يكون الجر مفيدًا لأنه يضاد قوة العضلات التي تجذب الجزأين المنفصلين معًا، وبالتالي قد يقلل النزيف والألم. عادة ما يكون الجر مجرد تدبير مؤقت يستخدم قبل الجراحة، لكنه يعتبر العلاج النهائي للمرضى الذين يعانون من الأمراض المصاحبة المهمة التي تتعارض مع التدخل الجراحي.
- المثبتات الخارجية: يمكن استخدام المثبتات الخارجية للحيلولة دون حدوث مزيد من الضرر للطرف حتى يكون المريض مستقرًا بدرجة كافية لإجراء الجراحة. يستخدم بشكل شائع كتدبير مؤقت، ومع ذلك فإنه في بعض الحالات المختارة يمكن استخدامه كبديل للتثبيت الداخلي كعلاج نهائي.
- التثبيت الداخلي (التسمير داخل النخاع): يقوم الجراح بعمل شق في الجلد بجوار العظام المكسورة، ثم يثبت العظام في موقعها باستخدام أجهزة معدنية تعرف باسم المثبتات الداخلية. يدخل الجراح قضيبًا معدنيًا أو مسمارًا كبيرًا داخل نخاع العظم، ويتم تثبيت القضيب بالمسامير في أي من الطرفين، ما يوفر الدعم اللازم حتى تلتئم العظام بشكل كامل.
تستغرق عملية التثبيت الداخلي لعظم الفخذ عادة بين ساعة إلى ساعتين، ويعتمد ذلك على شدة الكسر وموقعه. بعد العملية، يحتاج المريض إلى فترة من المراقبة في المستشفى قد تمتد من عدة ساعات إلى يوم كامل، لضمان استقرار حالته وتجنب أي مضاعفات.
تختلف فترة التعافي بشكل عام حسب حالة المريض، وقد تستغرق من 4 إلى 6 أشهر، ريثما يحدث التئام العظم المكسور. تتأثر فترة التئام العظم المكسور بعدة عوامل، منها:
- شدة الكسر: كلما كانت الإصابة أكثر خطورة، قد تطول مدة الشفاء.
- وجود جروح جلدية: مدى شدتها يؤثر أيضًا على التئام العظام.
- إصابات الأعصاب والأوعية الدموية: إذا كانت متضررة، فقد تزيد من فترة التعافي.
- تغذية المصاب: تلعب دورًا مهمًا في تعزيز عملية الشفاء.
- التدخين: يعتبر عاملًا سلبيًا يؤثر على التئام العظام.
- الأدوية: بعض الأدوية قد تؤثر على سرعة الشفاء.
- الحركة المفرطة: يمكن أن تؤخر الشفاء إذا تم استخدام العظم المكسور بشكل مفرط.
كما يجب على المريض الالتزام بالعلاج الطبيعي خلال فترة التعافي لتحسين الحركة واستعادة القوة في المنطقة المصابة.
إزالة السيخ من الفخذ بعد الشفاء: تعتبر عملية إزالة السيخ من الفخذ إجراء جراحيًا يجرى عادة بعد التئام العظام المكسورة، حيث يكون الهدف منها إزالة الأجهزة المعدنية (مثل المسامير أو القضبان) التي تم استخدامها لتثبيت العظام. تجرى العملية عادة تحت تأثير التخدير العام أو الموضعي حسب الحالة، ثم يقوم الجراح بعمل شق صغير بالقرب من موضع السيخ أو المسمار الذي سيتم إزالته، ويتم استخراج السيخ أو القضيب بعناية (قد يتطلب الأمر استخدام أدوات خاصة للتأكد من عدم إلحاق ضرر بالأنسجة المحيطة)، وبعد إزالة المثبتات يُغلق الشق باستخدام غرز جراحية، ويحتاج المريض إلى فترة من المراقبة في المستشفى بعد العملية، ولكن يُسمح له بالعودة إلى المنزل في نفس اليوم أو في اليوم التالي.
تتفاوت فترة التعافي بعد إزالة السيخ حسب الحالة، لكنها عادة ما تتراوح بين أسبوعين وأربعة أسابيع.