تعتبر فترة المراهقة تحديًا للعديد من الأسر، حيث يجدون صعوبة في التعامل مع أبنائهم. ولمناقشة هذه المرحلة العمرية وكيفية تجاوزها بنجاح، التقت مراسلة صحيفة الحرية في طرطوس بالدكتورة تهامة المعلم، المتخصصة في التربية وعلم النفس، والتي قدمت تعريفًا للمراهقة كمرحلة انتقالية بين الطفولة والبلوغ، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن عمر المراهقة يتراوح بين 10 و 19 عامًا وقد يمتد حتى 24 عامًا. تختلف الآراء حول تعريفها، فالبعض يعتبرها مرحلة طبيعية، بينما يصفها آخرون بأنها مرهقة وتترافق مع سلوكيات وتغيرات معينة. وبحسب علم النفس، تعرف د. المعلم المراهقة بأنها مرحلة انتقالية بين الطفولة والرشد، تتميز بتغيرات جسدية ونفسية واجتماعية، تبدأ عادة مع بداية البلوغ (10-12 سنة) وتنتهي بالنضج الفسيولوجي والعصبي، وقد تمتد إلى أوائل العشرينات.
أشارت د. المعلم إلى أهم صفات المراهقين، مثل محاولة تكوين آراء في مجالات مختلفة، والتشبث بالرأي وعدم الإنصات لآراء الآخرين، وعدم الاستقرار في التصرفات، والتمرد على الأهل، والتعلق المبالغ فيه بالأصدقاء، والشعور بالملل والغضب والخوف والحب، وظهور الخيال الخصب وأحلام اليقظة. وأوضحت أن الصفات الانفعالية تختلف بين المراهقين كالذكور والإناث، بالإضافة إلى إثبات الاستقلالية.
أكدت د. المعلم أن مرحلة المراهقة المبكرة، التي تتراوح بين 12 و 14 عامًا، هي الأصعب بالنسبة لمعظم المراهقين، حيث يواجهون تغيرات جسدية ونفسية وعاطفية تجعلهم أكثر حساسية وعرضة لتقلبات المزاج الحادة والعدوانية في كثير من الأحيان، كما يميلون إلى تحدي سلطة الأهل والبحث عن الاستقلالية وتجربة أشياء جديدة وعدم تقدير الكثير من المواقف الحياتية والتعامل بشكل عشوائي مع الأحداث.
أوضحت د. المعلم أن وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر بشكل كبير في سلوك المراهقين بشكل معقد ومتنوع، وهناك آثار إيجابية وسلبية، فالإيجابية كتوفير فرص للتواصل مع الآخرين، وتكوين صداقات جديدة مع ميول ومهارات متشابهة يمكن تطويرها، بالإضافة للحصول على معلومات متنوعة تتناسب مع ميوله وطموحه، والقدرة على التعبير عن الذات، والتعلم واكتساب المعرفة والدعم والمساندة. أما التأثير السلبي، فيكون المراهق أكثر عرضة للتنمر الإلكتروني، وتأثيرات سلبية على الصحة العقلية، وازدياد حالات القلق والاكتئاب، وتشتت الانتباه، وعدم التركيز الدراسي، وتأثيرات على النوم وعدم تقبل الواقع والإنغماس بالخيال وأحلام اليقظة.
وعن كيفية تعامل الأسرة مع المراهق، أكدت د. المعلم أنه يتوجب على الأهل الاستماع لأبنائهم والانتباه لما يقولونه وإعطاؤهم مساحة من الاهتمام، وتفهم وجهة نظرهم ومشاعرهم، حتى وإن لم نتفق معهم، والمحافظة على النصيحة والرأي حين يطلبونها، والاتصال البصري بمحاولة النظر إلى عينيه بشكل دائم ما يشعره بالأمان ويساعد على تفهم ما يشعر به.
وشددت د. المعلم على ضرورة الانفتاح والحديث مع المراهق بشكل من التعاطف والتفهم فهو بحاجة إلى أهل منفتحين صادقين رصينين وأن لا تكون هناك عدائية، تعصب وتجنب السخرية والتنمر لأنه يضعف من شخصيته. وتابعت الدكتورة حديثها بضرورة تجنب تحطيم مشاعره، فكثيراً ما يستخدم بعض الأهل كلمات وجمل تسهم في تحطيم أطفالهم وجعلهم يشعرون أنهم فاشلون، كما أن الحوار والنقاش مهم جداً حيث يشعره بأهميته، ولا يُمنع من أخذ رأيه بمسائل معينة، ومحاولة طرح مشكلات تعاني منها العائلة لتمكينه من الوصول إلى القدرة على اتخاذ القرارات فيما بعد، وعدم مناقضة الأقوال والأفعال، والتأكد من النصائح التي نقدمها بحيث لا تتناقض مع أفعالنا وتصرفاتنا وأخيراً مشاركتهم أنشطة مختلفة.
وعن سؤالنا عن بعض الأخطاء التي يرتكبها الأهل في تعاملهم مع أبنائهم أشارت د. المعلم إلى أنّ الأهل يرتكبون أخطاء عديدة، منها أسلوب المحاضرات بدلاً من لغة الحوار فهم يعتقدون أن الابن طائش غير عقلاني فيستخدمون عبارات ( لا تناقشني أنا والدك أو والدتك وأنا أدرى بمصلحتك وما زلت صغيراً )، وبالتالي سيمنع هذا الأسلوب من أن يفكر ببدء حديث معهم لأنه يعلم مسبقاً بأن نتيجة ذلك الحوار ستنتهي بأوامر ونصائح . وأيضاً التجاهل وضعف القدرة على التواصل، فعلى الرغم من أن الأهل يدركون الهوة العميقة مع أولادهم المراهقين بحجة عدم فهم أبنائهم ، والتركيز على سلبياتهم وتجاهل الإيجابيات و يتعمدون تذكيره بأخطائه ، وهنا على العكس يجب أن نعتبره حافزاً إيجابياً وقد تكون نقطة تحول للأفضل وعلينا عدم المبالغة بالمشاعر والدلال الزائد . وأشارت في النهاية إلى حالة الضبابية بالتعامل مع المراهق حسب الحالة المزاجية، في حالة السعادة يتم تقبل أي تصرف أو سلوك، وإذا كانت غير ذلك فسييتم التعامل معه بقسوة وعنف، فيجب الانتباه إلى الحالة المزاجية والنفسية وأن نكون متوازنين ولا نربط انفعالاتنا بطريقة التعامل مع الأبناء.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية