في العصر الرقمي الذي نعيشه، حيث تلعب الهواتف الذكية دورًا محوريًا في حياتنا اليومية، تُعتبر تطبيقات الصحة الرقمية وسيلة مغرية لتحسين نمط الحياة وتعزيز الصحة النفسية والجسدية. ومع ذلك، كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة شرق فنلندا ونُشرت في مجلة Journal of Medical Internet Research عن مفارقة مثيرة للاهتمام تتعلق بمن يستخدم هذه التطبيقات بالفعل ومن يلتزم بها على المدى الطويل.
الحاجة والالتزام ليسا وجهين لعملة واحدة
شملت الدراسة أكثر من 1600 مشاركًا في منطقة نورث سافو بشرقي فنلندا، حيث خضعوا لتجربة استخدام تطبيق BitHabit للرفاهية الصحية لمدة شهرين في ربيع عام 2023.
أظهرت النتائج أن الأشخاص الذين أبدوا مستويات رضا منخفضة عن حياتهم اليومية أو واجهوا تحديات صحية واجتماعية كانوا أكثر ميلًا لبدء استخدام التطبيق.
لكن المفارقة اللافتة هي أن الالتزام الفعلي والمستمر بالتطبيق كان أعلى بين المستخدمين الذين أبدوا رضا مرتفعًا عن حياتهم منذ البداية.
ثلاثة أنماط رئيسية للمستخدمين
قام الباحثون بتحليل سلوك المستخدمين وخلصوا إلى ثلاثة أنماط رئيسية:
المستخدمون النشطون: غالبًا ما يكونون أكبر سنًا، ويتمتعون برضا عام مرتفع عن حياتهم، وقد نجحوا في دمج التطبيق في روتينهم اليومي.
المستخدمون غير النشطين المستقرون: يتمتعون بنمط حياة صحي ومستقر، ولكنهم لم يجدوا دافعًا قويًا للاستمرار في استخدام التطبيق.
المستخدمون غير النشطين الذين يعانون: هم الأكثر حاجة إلى الدعم، ولكنهم يواجهون صعوبات في المواظبة على استخدام التطبيق أو التفاعل معه.
يؤكد هذا التقسيم أن النجاح في استخدام تطبيقات الصحة الرقمية لا يعتمد فقط على الحاجة أو الدافع الأولي، بل أيضًا على عوامل أخرى مثل الرضا عن الحياة، والوضع الاجتماعي والاقتصادي، والعادات اليومية.
عوامل مؤثرة في استخدام التطبيقات
لاحظ الباحثون أن الرجال، والعاطلين عن العمل، والأشخاص ذوي المستويات العالية من الرضا عن حياتهم كانوا أقل ميلًا لبدء استخدام التطبيق. في المقابل، كانت النساء والأفراد الذين يواجهون تحديات صحية أو اجتماعية أكثر إقبالًا على استخدامه، ولكن دون ضمان استمرارهم في التفاعل الفعلي معه.
وأشارت الباحثة هانا ريكولا، المشرفة على الدراسة، إلى أن "هذه النتائج تستدعي إعادة التفكير في تصميم تطبيقات الصحة الرقمية، لجعلها أكثر جاذبية وفاعلية للفئات الأكثر عرضة للمشاكل الصحية والنفسية".
نحو تطبيقات أكثر شمولية وفاعلية
تتمثل التحديات المستقبلية في تطوير منصات تراعي الفوارق الاجتماعية والاقتصادية وتستجيب بشكل أفضل لاحتياجات الأشخاص الأقل رضا عن حياتهم أو الأكثر عرضة للمشاكل المزمنة.
قد يكون استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي والتوصيات الشخصية خطوة مهمة لتحفيز التفاعل المستمر بين المستخدمين الأكثر حاجة إلى الدعم.
توضح الدراسة أن تعزيز الصحة النفسية والجسدية عبر التطبيقات الرقمية ليس بالأمر البسيط. فالأشخاص الأكثر حاجة إلى المساعدة قد يكونون الأقل التزامًا بها، بينما يستفيد الأشخاص الذين هم في وضع أفضل بالفعل من التطبيقات بشكل أكبر.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _راي اليوم