الخميس, 18 سبتمبر 2025 08:56 PM

نزاع على الأجور يؤخر حصاد القطن في رأس العين وتل أبيض شمالي سوريا

نزاع على الأجور يؤخر حصاد القطن في رأس العين وتل أبيض شمالي سوريا

يشهد محصول القطن في مدينتي رأس العين وتل أبيض شمالي سوريا تأخراً في الحصاد، وذلك بسبب خلافات نشبت بين المزارعين والعمال حول أجور جني المحصول. لم يوافق العمال على الأجور التي حددتها المجالس المحلية في المدينتين للطن الواحد من القطن.

ووفقًا لرصد عنب بلدي، فإن أجرة جني القطن تتراوح بين 60 دولارًا للطن الواحد إذا كان سعره 600 دولار، وتزداد تدريجيًا لتصل إلى 70 دولارًا إذا كان سعر الطن 700 دولار، و80 دولارًا إذا وصل سعره إلى 800 دولار، مع استمرار الزيادة بنفس النسبة.

100 دولار على الأقل

تتكرر الخلافات سنويًا بين المزارعين والعمال حول أجور جني القطن، حيث يتم الاتفاق على المبلغ بين صاحب الأرض ومسؤول الورشة. يتطلب جمع الطن الواحد من القطن ما بين أربعة وخمسة عمال لمدة تصل إلى خمسة أيام.

حميد العرادي، وهو عامل من مدينة تل أبيض يشارك في جني القطن سنويًا، أوضح أن الأجرة الجديدة لا تتناسب مع المجهود البدني الكبير الذي يبذله العمال. وأشار إلى أن هذا المبلغ يعتبر منخفضًا جدًا مقارنة بما يحصل عليه العمال عادةً، مما يجعلهم يشعرون بالضغط والتعب دون تقدير كافٍ لجهودهم. وأكد أن جمع الطن الواحد يتطلب عمل أربعة إلى خمسة عمال لأيام متواصلة، مما يزيد من شعورهم بالظلم بسبب الأجور المتدنية. لهذا السبب، قرر حميد عدم العمل في جني القطن هذا العام والاتجاه للعمل على دراجته النارية في نقل البضائع، لما فيه من توفير أكبر وجهد أقل.

من جهتها، اعتبرت دعاء السلوم أن العمل بهذه الأجور في مدينة رأس العين يشكل "استغلالًا" للعمال، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية وعدم استقرار العملة السورية. وأضافت أنها وبناتها الثلاث يعملن في جني القطن، وأن ما يكسبنه يوميًا بهذه الأسعار لا يكفي حتى لتغطية المصروف اليومي. وأشارت دعاء إلى أن جني القطن بأقل من 100 دولار للطن يصل إلى "حد التجويع"، مؤكدة أنها وبناتها لن يعملن هذا العام إلا إذا تم تحديد أجرة الطن بـ 100 دولار لتغطية احتياجاتهن.

وفي هذا العام، هددت "دودة اللوز" المعروفة بـ "دودة القطن" محصول القطن في رأس العين وتل أبيض، وأثرت بشكل متفاوت في المحاصيل، حيث وصلت نسبة الضرر في بعض الأراضي إلى 40%. تتغذى هذه الحشرة الصغيرة على أوراق وثمار القطن، مما يؤثر على نموها وجودتها. يعود انتشارها إلى عدة عوامل، منها تقلبات الطقس التي وفرت بيئة مثالية لتكاثرها.

تكاليف مرتفعة وآفات

اشتكى مزارعون في مدينتي رأس العين وتل أبيض من التكاليف المرتفعة وأمراض الأقطان، حيث أدت إصابة المحصول بدودة القطن إلى تلف جزء منه، مما أجبرهم على تحديد تسعيرة لجني القطن تتناسب مع التكاليف التي تكبدوها.

المتحدث باسم المزارعين في تل أبيض، عمران قريط، قال لعنب بلدي إنهم حددوا أجور جني القطن وفق أسعار المحصول في السوق، بالتشاور مع المجالس المحلية في تل أبيض ورأس العين. وأوضح أن ما يقارب 40% من المحصول تعرض لضرر شديد بسبب الدودة، مما أثر على جودة الإنتاج وحجمه، وزاد من صعوبة تحقيق أجور مرتفعة للعمال هذا الموسم.

“دودة اللوز” تهلك 40% من محصول القطن برأس العين وتل أبيض

وأضاف أنهم هذا العام وضعوا تسعيرة لجني القطن بما يتناسب مع سعر المحصول في السوق، بحيث ترتفع التسعيرة تلقائيًا مع أي زيادة في سعر القطن، لضمان أن يحصل العمال على أجر عادل يعكس تكلفة الجهد الذي يبذلونه في جني المحصول. وأشار إلى أن زراعة القطن تتطلب مصاريف كبيرة تشمل تكاليف الزراعة والأسمدة ومكافحة الآفات، إضافة إلى قلة الدعم، مما يجعل من الصعب دفع أجور مرتفعة لجني المحصول.

من جانبه، قال المتحدث الرسمي باسم المجلس المحلي في رأس العين، زياد ملكي، لعنب بلدي إنه في العام الحالي تم تحديد تسعيرة جني القطن بالتشاور بين مجلسي تل أبيض ورأس العين، لضمان حق العامل وحماية مصالح المزارعين. وأوضح أن التسعيرة تم اعتمادها وفق الأسعار السائدة في السوق المحلية، بما يحقق العدالة للعمال ويضمن للمزارعين عائدًا مناسبًا يغطي تكاليفهم. وأضاف أن غياب التسعيرة الرسمية في السنوات السابقة كان يسبب خلافات دائمة بين المزارعين والعمال، مما يؤثر على سير العمل والإنتاجية. وأشار إلى أن الهدف من تحديد التسعيرة الرسمية هذا العام هو الحد من النزاعات وتحقيق توازن واضح بين حقوق العمال والمزارعين، وضمان سير موسم القطن بسلاسة وكفاءة.

وأكثر ما يؤرق قطاع الزراعة في رأس العين وجارتها تل أبيض هو التصحّر الذي ضرب مئات آلاف الدونمات، إلى جانب أراضٍ طالتها تكهفات وانهيارات أخرجتها عن الخدمة، وعززتها عوامل اقتصادية من ارتفاع تكاليف الاستصلاح واستخراج المياه، وعوامل بشرية من استنزاف للمياه الجوفية وتقصير الجهات المسؤولة، وعدم اهتمامها بالتربة والفلاح والمحصول.

تقع رأس العين وتل أبيض بمحاذاة الحدود التركية، وتسيطر عليهما الحكومة السورية، بينما تحيط بهما جبهات القتال مع "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، إذ يعتبر منفذها الوحيد نحو الخارج هو الحدود التركية.

مشاركة المقال: