الأربعاء, 30 أبريل 2025 05:55 AM

اتفاق بين الحكومة السورية ودروز جرمانا لتهدئة التوتر بعد اشتباكات دامية

اتفاق بين الحكومة السورية ودروز جرمانا لتهدئة التوتر بعد اشتباكات دامية

توصل ممثلون للحكومة السورية ودروز جرمانا ليل الثلاثاء إلى اتفاق نص على محاسبة المتورطين في هجوم دام تعرضت له المنطقة، والحد من التجييش الطائفي، وفق ما أفاد مصدر درزي مشارك في الاجتماع ووكالة الانباء السورية الرسمية.

قتل 14 شخصا على الأقل بينهم سبعة مسلحين محليين دروز، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، في اشتباكات ذات خلفية طائفية اندلعت ليل الاثنين الثلاثاء في ضاحية جرمانا قرب دمشق، وتعهدت السلطات “ملاحقة المتورطين” فيها.

وأتى هذا التوتر بعد أكثر من شهر على أعمال عنف دامية في منطقة الساحل السوري قتل خلالها نحو 1700 شخص غالبيتهم العظمى من العلويين، سلطت الضوء على التحديات التي تواجهها السلطات الجديدة في سوريا بقيادة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، في سعيها لتثبيت حكمها ورسم أطر العلاقة مع مختلف المكونات عقب إطاحة الرئيس بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر.

ووقعت اشتباكات جرمانا عقب انتشار تسجيل صوتي نسب الى شخص درزي يتضمن إساءات الى النبي محمد. ولم تتمكن فرانس برس من التحقق من صحة هذا التسجيل.

وأفاد سكان وكالة فرانس برس بسماع أصوات إطلاق رصاص وقذائف خلال الليل، مؤكدين تراجع حدتها صباحا. وفتح بعض المحال والأفران أبوابها، لكن الحركة بقيت خفيفة في الشوارع على وقع التوتر.

وليل الثلاثاء، عقد مسؤولون عن محافظة ريف دمشق وأعيان جرمانا اجتماعا، تم بموجبه “التوصل الى اتفاق” لاحتواء التصعيد، وفق ما قال ربيع منذر، عضو مجموعة العمل الأهلي في جرمانا وأحد ممثليها في الاجتماع.

ونص الاتفاق، الذي اطلعت فرانس برس على نسخة منه ونشرته وكالة سانا لاحقا، على “تعهد بالعمل على محاسبة المتورطين بالهجوم الأخير والعمل على تقديمهم للقضاء العادل”، إضافة الى “توضيح حقيقة ما جرى إعلاميا والحد من التجييش الطائفي والمناطقي”.

وبحسب الاتفاق، يتعين على الجهات الحكومية “العمل مباشرة” على تنفيذ كافة بنوده.

وقتل 14 شخصا، هم سبعة مسلحين دروز وسبعة من قوات الأمن ومقاتلين تابعين لها، خلال اشتباكات، اندلعت بحسب المرصد السوري، على خلفية “توتر تسبّب به انتشار تسجيل صوتي منسوب لمواطن درزي، تضمّن إساءات” الى النبي محمد.

وهاجم المدينة مسلحون من خارجها، بحسب السلطات ومصادر محلية والمرصد. وتحدّثت وزارة الداخلية عن “اشتباكات متقطعة” بين مسلحين “بعضهم من خارج المنطقة وبعضهم الآخر من داخلها”، أسفرت عن “قتلى وجرحى من بينهم عناصر من قوى الأمن المنتشرة في المنطقة”.

وفي حين أشار المرصد الى أن المهاجمين كانوا “عناصر (من قوات) أمن ومسلحين تابعين لها”، لم تحدّد المصادر الأخرى هويتهم.

وخلال ساعات النهار، شاهد مصوّر في فرانس برس انتشارا كثيفا لمسلحين محليين عند مداخل جرمانا، بينما انتشر عناصر تابعون لوزارتي الداخلية والدفاع على أطرافها في عربات مدرعة وأخرى مزودة رشاشات ثقيلة. كذلك، حلّقت في الأجواء مسيّرات تابعة لوزارة الدفاع.

وتعهدت وزارة الداخلية “ملاحقة المتورطين ومحاسبتهم وفق القانون … وحماية الأهالي والحفاظ على السلم المجتمعي”، مضيفة أن “التحقيقات لكشف هوية صاحب المقطع الصوتي المسيء لنبينا محمد” متواصلة.

وأكدت وزارة العدل من جهتها في بيان “أهمية اللجوء إلى القضاء كسبيل مشروع لمحاسبة المجرمين ومثيري الفتن”. وقالت إنها “لن تتهاون في ملاحقة الاعتداءات”، داعية “المواطنين إلى الالتزام بأحكام القانون وتجنب الانجرار نحو خطاب الفتنة والتجييش”.

وأفاد سكان تواصلت معهم فرانس برس عبر الهاتف، بأن الحركة كانت شبه معدومة في جرمانا الثلاثاء. وقال شاهد تحفظ عن ذكر اسمه خشية على سلامته، إن الاشتباكات اندلعت خلال الليل، تبعها إطلاق رصاص وقذائف بشكل متقطع.

وقال “حوصرنا في منازلنا مع استمرار سماع رشقات متقطعة.. خلت الشوارع في حيّنا صباحا (الثلاثاء) من أي حركة”. وقال أحد المسلحين المحليين المنتشرين قدّم نفسه باسم جمال، إنهم يطلبون من الناس ملازمة المنازل “حرصاً على حياتهم”. أضاف “لم تشهد جرمانا يوما كهذا منذ سنوات طويلة، المدينة عادة مزدحمة وحيوية ولا تنام لكنها اليوم مدينة ميتة والجميع في بيته”.

ونددت الهيئة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين الدروز في جرمانا بـ”هجوم غير مبرر”. ورأت في بيان أن “حماية أرواح المواطنين وكرامتهم وممتلكاتهم هي من أبسط مسؤوليات الدولة والأجهزة الأمنية”، محمّلة “السلطات المسؤولية الكاملة عما حدث، وعن أي تطورات لاحقة أو تفاقمٍ للأزمة”.

ودان الشيخ حكمت الهجري، أحد أبرز الزعماء الروحيين للدروز في سوريا، “الاعتداءات الإرهابية المقيتة على الأبرياء الآمنين”. واعتبر أن سوريا لا تزال “تحت وطأة فكر اللون الواحد والإقصاء أو الفرض وعدم الاستماع… كما كان النظام البائد الذي لا تزال مفاسده مخيمة على الأداء الحالي، بل وأكثر عمقا وفتنة في الوضع الراهن لما تأخذه من عناوين طائفية ممنهجة”.

وتقطن ضاحية جرمانا الواقعة جنوب شرق دمشق، غالبية من الدروز والمسيحيين، وعائلات نزحت خلال سنوات النزاع الذي اندلع في سوريا عام 2011. وسبق للمنطقة أن شهدت توترات عقب إطاحة الأسد في الثامن من كانون الأول/ديسمبر على يد تحالف فصائل مسلحة تقوده هيئة تحرير الشام بزعامة الشرع الذي كان يعرف حينها باسمه الحركي أبو محمد الجولاني.

وانتشر عناصر أمن تابعون للسلطات الجديدة مطلع آذار/مارس في جرمانا عقب اشتباكات مع مسلحين من الدروز. وإثر تلك المعارك، هددت إسرائيل بالتدخل لحماية أبناء هذه الأقلية. وقال وزير دفاعها يسرائيل كاتس حينها “أصدرنا أوامرنا للجيش بالاستعداد وإرسال تحذير صارم وواضح: إذا أقدم النظام على المساس بالدروز فإننا سنؤذيه”.

ويقيم نحو 150 ألف درزي في إسرائيل، تحمل غالبيتهم الجنسية الإسرائيلية، بينما يقيم 23 ألف درزي في الجزء الذي تحتله اسرائيل من هضبة الجولان. وتتمسك غالبيتهم بالهوية السورية.

ومنذ وصول السلطة الجديدة الى دمشق بعد إطاحة حكم بشار الأسد، تسجّل اشتباكات وحوادث إطلاق نار في عدد من المناطق. ويتحدث سكان ومنظمات حقوقية عن انتهاكات واعتقالات.

مشاركة المقال: