أصدرت محكمة منطقة ستوكهولم في السويد، يوم الخميس 31 تموز، حكمًا بالسجن المؤبد على مواطن سويدي ينتمي لتنظيم "الدولة الإسلامية"، بعد إدانته بارتكاب "جريمة حرب خطيرة" و"جريمة إرهابية"، وذلك لمشاركته في عملية حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة في سوريا عام 2015.
أفاد بيان رسمي صادر عن المحكمة عبر موقعها الإلكتروني، بأن المتهم أسامة كريم، وهو مواطن سويدي، شارك في العملية المصورة التي أظهرت إحراق الكساسبة حيًّا داخل قفص معدني، بعد أسره في الرقة أواخر عام 2014، خلال مهمة ضمن طيران التحالف الدولي ضد التنظيم.
ما هو دور كريم في الجريمة؟
وفقًا للأدلة التي قدمتها المحكمة، انضم المتهم إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا قادمًا من السويد في آب 2014، وظهر في موقع تنفيذ الإعدام مرتدياً زيًا عسكريًا ومسلحًا. كما شارك في حراسة الضحية ونقله إلى القفص، بالإضافة إلى السماح بتصويره ونشر الفيديو. واعتبرت المحكمة أن هذه الأفعال تشكل مشاركة فعلية في الجريمة، على الرغم من أن شخصًا آخر هو من أشعل النار.
تُعد المحكمة السويدية أول جهة قضائية تحاكم شخصًا على خلفية هذه الجريمة التي أثارت استنكارًا دوليًا واسعًا في عام 2015.
بث الرعب والتأثير على التحالف الدولي
أوضحت رئيسة المحكمة، القاضية آنا ليلينبرغ جوليسيو، أن الهدف من التسجيل المصور كان "بث الرعب في صفوف السكان الذين لا يتبنون أيديولوجيا التنظيم، والضغط على التحالف الدولي لاتخاذ مواقف سياسية أو عسكرية". وأضافت أن طريقة الإعدام، التي وصفتها بـ "الوحشية والمصورة بقصد الترويج"، تؤكد وجود نية مسبقة لارتكاب الفعل، وأن المتهم تصرف عن وعي تام، رغم إنكاره أمام المحكمة.
إلى جانب الحكم بالسجن المؤبد، قضت المحكمة بتعويض عائلة الكساسبة، بما في ذلك والديه وأشقاؤه، بمبلغ 80 ألف كرونة سويدية (حوالي 8000 دولار أمريكي بحسب البنك المركزي السويدي) لكل منهم، وفقًا لتقييم يستند إلى القانون السوري والممارسات السويدية المعمول بها في قضايا مماثلة.
يذكر أن المتهم، الذي سبق إدانته بتهم تتعلق بهجمات باريس عام 2015 وبروكسل عام 2016، يقضي حاليًا حكمًا بالسجن في فرنسا. وجاءت محاكمته في السويد بعد اتفاق مؤقت بين النيابة العامة السويدية والفرنسية، يقضي بإعادته إلى فرنسا بعد انتهاء الإجراءات القضائية السويدية بحلول كانون الأول المقبل. وأكدت المحكمة أن الحكم لا يصبح نهائيًا إلا بعد استنفاد جميع درجات التقاضي، مع بقاء المتهم محتجزًا في السويد حتى تسليمه إلى السلطات الفرنسية.
جرائم سابقة للمتهم
عاد أسامة كريم إلى أوروبا بعد قضاء عام في سوريا، مستخدمًا جواز سفر مزور باسم "نعيم الحامد"، مدعيًا أنه لاجئ سوري من مدينة حماة. استقر في بلجيكا، حيث انضم إلى شبكة من المتورطين في هجمات باريس 2015، وعلى رأسهم صلاح عبد السلام، المدان بالسجن المؤبد بعد مقتل 130 شخصًا في الهجمات. عثرت السلطات البلجيكية على بصمات كريم الوراثية داخل شقق استخدمها منفذو الهجمات للتحضير للعملية، قبل أن يتمكن من الفرار لعدة أشهر.
في 22 آذار 2016، ظهر كريم في تسجيلات كاميرات مراقبة في مركز تجاري في بروكسل، وهو يشتري حقائب استخدمت لاحقًا في تفجيرات مطار العاصمة. كما وثقت كاميرات أخرى لقاءه مع خالد البكراوي، منفذ تفجير محطة مترو قريبة من مقر الاتحاد الأوروبي، قبل لحظات من الانفجار.
أدانه القضاء الفرنسي والبلجيكي لدوره في هجمات باريس عام 2015 وبروكسل عام 2016، التي أسفرت عن مقتل عشرات المدنيين. ووفقًا للتحقيقات الأوروبية، كان كريم عضوًا فاعلًا في شبكة تابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية"، وشارك في التحضير اللوجستي للهجمات، إلى جانب تنقله بين دول أوروبية باستخدام هويات مزورة. صدرت بحقه أحكام بالسجن لـ 30 عامًا في فرنسا، والسجن المؤبد في بلجيكا، قبل أن يُسلّم مؤقتًا إلى السويد لمحاكمته في قضية الكساسبة.
حادثة حرق الكساسبة
تعود حادثة إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة إلى 3 شباط 2015، عندما نشر تنظيم "الدولة الإسلامية" تسجيلًا مصورًا يوثق إحراقه حيًا داخل قفص حديدي، بعد نحو شهر من أسره إثر سقوط طائرته في مدينة الرقة شمال شرقي سوريا، أثناء مشاركته في عمليات التحالف الدولي ضد التنظيم. أثار الفيديو صدمة واسعة إقليميًا ودوليًا، نظرًا للطريقة التي نُفذ بها الإعدام، واستخدمه التنظيم كأداة دعاية لإظهار قوته وبث الرعب في خصومه. وتُعد الحادثة واحدة من جرائم الحرب التي نفذها التنظيم، وأسهمت في تأجيج الغضب الشعبي والمطالبات بالمحاسبة، خصوصًا في الأردن، حيث شُيّعت جنازة الكساسبة رسميًا بحضور الملك عبد الله الثاني.