الأحد, 20 أبريل 2025 11:14 AM

تصاعد التوتر الدبلوماسي: الجزائر وفرنسا تتبادلان طرد الدبلوماسيين في أزمة متجددة

تصاعد التوتر الدبلوماسي: الجزائر وفرنسا تتبادلان طرد الدبلوماسيين في أزمة متجددة

لم يدم هدوء العلاقات الجزائرية – الفرنسية سوى أيام قليلة، حتى عاد التوتر ليخيم مجدداً على أجواء البلدين، في مشهد يعيد التذكير بالأزمات المتلاحقة التي تعيشها هذه العلاقة منذ عقود.

وفي غضون أسبوعين فقط، شهدت العلاقات الثنائية سلسلة سريعة من الأحداث بدأت بمكالمة هاتفية، أعقبها اتفاق ثم زيارة، تلاها نقاش وتصريحات، ثم فترة هدوء قصيرة انتهت بتصعيد ديبلوماسي حاد. وبهذا تعود العلاقات بين الجزائر وباريس إلى مربع الخلاف، وسط مؤشرات تنذر بمزيد من التوتر.

ورغم تأكيد العديد من القراءات السياسية إمكانية احتواء التشنجات بين البلدين، إلا أن التصعيد الأخير يهدد بالذهاب إلى ما يشبه نقطة اللاعودة، لا سيّما بعد لجوء الطرفين إلى "ردود حازمة"، وفقاً لتصريحات وزارة الخارجية الجزائرية ونظيرتها الفرنسية.

وبلغ التوتر الأخير ذروته مع إعلان الجزائر طرد 12 ديبلوماسياً فرنسياً ومنحهم مهلة 48 ساعة لمغادرة البلاد، رداً على توقيف موظف بالسلك الديبلوماسي الجزائري في فرنسا. ولم تتأخر باريس في الرد، إذ قررت بدورها طرد 12 موظفاً ديبلوماسياً جزائرياً، واستدعت سفيرها في الجزائر للتشاور.

المفارقة أن هذه الخطوة الفرنسية جاءت هذه المرة باسم الرئاسة الفرنسية نفسها، ممثلة بالرئيس إيمانويل ماكرون، ما يُعد تصعيداً لافتاً.

وفي تعليقه على التصعيد، يعتبر المحلل السياسي سليم بوراجح أن "منحى التهدئة كان طبيعياً" إلى حين ما وصفه بـ"افتعال الجانب الفرنسي" قضية سجن الديبلوماسي الجزائري بسبب قضية ناشط لا يعد ضمن المُعارضين السياسيين أصلاً"، مشيراً إلى أنه كان بإمكان فرنسا استخدام القنوات الديبلوماسية لتفادي تفاقم الأزمة.

ويضيف بوراجح، في تصريح لـ"النهار"، أن "بعض الأطراف داخل منظومة الحكم الفرنسية لا ترغب أصلاً بعودة العلاقات مع الجزائر إلى طبيعتها"، متهماً بعض الوزراء الفرنسيين باستغلال الملف الجزائري كورقة انتخابية مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية.

ويتساءل عن مدى مسؤولية ماكرون عن التصعيد الأخير، لا سيما بعد المكالمة الهاتفية التي أجراها مع الرئيس عبد المجيد تبون مطلع نيسان/ أبريل، داعياً الإليزيه إلى ضبط التناقضات داخل الحكومة الفرنسية، خاصة تدخل وزير الداخلية برونو روتايو في ملفات تتعلق بوزارة الخارجية، بما يعمّق الخلافات بدل تسويتها.

من جانبه، وصف أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة سطيف إسماعيل العيد، القرار الجزائري بطرد الديبلوماسيين الفرنسيين بأنه "غير مسبوق"، مشدداً على أن الجزائر "تتعامل بندية كاملة مع باريس خلال السنوات الأخيرة، وهو ما يفسر ردها الحازم في قضية حبس أحد ديبلوماسييها".

ويؤكد العيد، في حديثه لـ"النهار"، أن "العلاقات بين الدول لا تبنى على المزاجية أو الخلفيات الشخصية، بل يجب أن تدار بعقلانية، خاصة في ظل التاريخ المعقد بين الجزائر وفرنسا"، داعياً إلى وقف التصريحات المتشنجة والإبقاء على إدارة الملفات في نطاق رئاسي بين تبون وماكرون، لتفادي تفاقم الأزمة.

ويشير إلى أن التصعيد الأخير يناقض بشكل واضح التصريحات الرسمية التي صدرت مؤخراً عن البلدين بشأن "رغبتهما في طي صفحة الخلافات"، لكنه يشدد على أن قضية توقيف ديبلوماسي جزائري تعتبر "خطاً أحمر" بنظر الجزائر، التي لطالما أبدت حساسية مفرطة في ما يخص جاليتها، فكيف إذا تعلق الأمر بممثّل رسمي.

ويرفض العيد تصنيف قضية الديبلوماسي الجزائري في خانة استقلالية العمل القضائي، مذكّراً بموقف فرنسا من قضية الكاتب الجزائري – الفرنسي بوعلام صنصال، المسجون في الجزائر، والذي تطالب باريس بإطلاق سراحه رغم إدانته القضائية.

ويرى متابعون أن دخول قصر الإليزيه مباشرة على خط الأزمة يعقّد المشهد أكثر، ويضع العلاقات الجزائرية – الفرنسية أمام تحدٍّ جديد، قد يتطور إلى أزمة مفتوحة في حال لم يتم احتواؤها بسرعة.

مشاركة المقال: