الخميس, 14 أغسطس 2025 07:08 PM

تقرير أممي يكشف تفاصيل مجازر الساحل السوري: دمشق ترحب بالنتائج وتؤكد تعاونها

تقرير أممي يكشف تفاصيل مجازر الساحل السوري: دمشق ترحب بالنتائج وتؤكد تعاونها

أصدرت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة تقريرًا حول تحقيقاتها في "أحداث الساحل السوري"، مشيرة إلى احتمال تورط أفراد من القوات الحكومية ومسلحين موالين لنظام بشار الأسد في ارتكاب جرائم حرب خلال أعمال العنف الطائفي التي شهدها الساحل في آذار الماضي.

وذكر التقرير أن سلسلة المجازر التي بلغت ذروتها في آذار استهدفت بشكل أساسي المجتمعات العلوية، وأسفرت أعمال العنف عن مقتل 1400 شخص، بينهم 100 امرأة، معظمهم من المدنيين، مع استمرار ورود تقارير عن وقوع انتهاكات.

وأوضحت اللجنة أن أعمال العنف اندلعت إثر هجوم مسلحين موالين للنظام السابق على عناصر الأمن ووزارة الدفاع في "بيت عانا" يوم 6 آذار، ما أسفر عن مقتل عناصر من الأمن العام وإصابة 15 آخرين، أثناء محاولتهم اعتقال شخص مرتبط بالنظام السابق في قرية "الدالية".

وبحسب التقرير، بدأت نداءات التعبئة بعد سلسلة الأحداث التي ارتكبها "الفلول" في اليوم الأول، وتدفقت قوات تابعة لوزارة الدفاع أو مرتبطة بها اسمياً، بما في ذلك مقاتلون أجانب، إضافة إلى مجموعات غير تابعة للوزارة حملت السلاح بشكل "عفوي".

وأشار التقرير إلى أن قنوات على تلغرام بدأت باستخدام لغة تحريض طائفي في نداءاتها، وانتشرت دعوات للحشد الديني والنفير العام عبر وسائل التواصل وحتى مكبرات الصوت في المساجد في عدة مدن مثل حمص وحلب وبانياس واللاذقية وجبلة وحماة، في دعوات بدت وكأنها موجهة ضد السكان العلويين عموماً.

وذكر التقرير أن المرتكبين المزعومين للانتهاكات كانوا مسلحين لم تحدد هويتهم يتحدثون بلهجات سورية مختلفة، بينما يبدو بعضهم أجانب، وبينهم عناصر معروفون من فرقة "السلطان سليمان شاه" و"فرقة الحمزة" و"فرقة السلطان مراد" و"أحرار الشام" وكتائب منتمية سابقاً لـ"هيئة تحرير الشام"، وقام مسلحون بتصوير أنفسهم أثناء ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

وأشارت اللجنة إلى وجود أسباب معقولة للاعتقاد بارتكاب أفعال ترقى لجرائم حرب على يد أفراد من "الأمن العام" و"العمشات" و"الفرقة 400" وأفراد عاديون شاركوا في الأعمال العدائية.

وأكّد التقرير أن المسلحين كانوا يداهمون البيوت ويسألون السكان إن كانوا علويين أم لا، ويقتادون الرجال والفتيان العلويين لإعدامهم، وأشارت الشهادات بأن الضحايا تعرضوا لإهانات لفظية بسبب انتمائهم الطائفي قبل إعدامهم، فضلاً عن قتل عدد من النساء والأطفال الذين لم يتجاوز عمرهم عاماً واحداً.

وقام المسلحون في معظم الأحيان بنهب المنازل والسيارات، فيما منعت أعمال العنف الأهالي من دفن ضحاياهم بطريقة لائقة، وباستثناء حالتين موثّقتين لم تحصل العائلات على تقرير طبي لإثبات سبب الوفاة لضحاياها، أو حتى شهادة وفاة.

وأدت أعمال العنف إلى موجة نزوح جماعي وفرّ الآلاف نحو الجبال، بينما توجّه أكثر من 40 ألف مواطن نحو لبنان، ولاذ آخرون بقاعدة "حميميم" الروسية حيث تتراوح أعدادهم بين 8 و9 آلاف سوري من الطائفة العلوية.

ووثّق التقرير تفاصيل لعمليات القتل الجماعي خارج إطار القانون على يد ملثمين كانوا يقتحمون المنازل ويسألون عن طائفة السكان، ويطلقون عبارات مهينة بحق العلويين، وغالباً ما كان يتم إعدام عدة أقارب من عائلة واحدة بالتزامن مع عمليات النهب الممنهجة، فيما شوهدت جثامين الضحايا في الشوارع "18 جثماناً" في شارع "الفروة" في "جبلة" وحده على سبيل المثال.

كما ارتكبت المجازر الجماعية مثل التي حصلت في قرية "الصنوبر" وأودت بحياة 13 شخصاً من أبناء القرية، بينما قتلت مجموعة أخرى ضمّت قاصرين في القرية ذاتها، إضافة إلى 65 مدنياً في قرية "الشير"، و44 رجلاً وامرأة في قرية "قبو العوامية" و128 شخصاً في "المختارية"، فضلاً عن مجازر أخرى يشرحها التقرير بالتفصيل وتشترك جميعها بأنها ارتكبت على أساس طائفي يستهدف "العلويين".

وقال رئيس اللجنة "باولو بينيرو" أن حجم ووحشية العنف الموثّق في التقرير أمر مثير للقلق.

ولفت التقرير إلى الخطوات التي اتخذتها الحكومة السورية لكشف المتورطين في الانتهاكات، بما في ذلك تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للوقوف على حقيقة ما حدث في الساحل، لكنها أشارت إلى أن حجم العنف يستدعي خطوات أخرى.

بدورها رحّبت وزارة الخارجية السورية بتقرير اللجنة الأممية وقالت أن الحكومة السورية منحت فريق اللجنة وصولاً غير مسبوق ودون قيود إلى المناطق الساحلية، وهو وصول لم يمنح لأي جهة دولية في التاريخ السوري المعاصر بحسب الخارجية.

وتابع بيان الوزارة أن نتائج التقرير الأممي تبدو متسقة مع النتائج التي خرجت بها، مشيرة إلى أنه تم توقيف عدد من الأشخاص في هذا الإطار، كما رحّبت الوزارة بإشارة اللجنة إلى الإجراءات التي اتخذتها "دمشق" في سبيل المساءلة.

مشاركة المقال: