الأحد, 27 أبريل 2025 09:03 PM

تلبيسة تصارع الظلام: جهود مضنية لإعادة الكهرباء رغم الحصار ونقص الإمكانات

تلبيسة تصارع الظلام: جهود مضنية لإعادة الكهرباء رغم الحصار ونقص الإمكانات

في ظل الظروف الصعبة التي تعاني منها سوريا، تبرز محاولات مستمرة من قبل الجهات المعنية لتحسين واقع الخدمات الأساسية مثل الكهرباء. ومن بين المناطق التي تحظى باهتمام خاص في هذا السياق، مدينة تلبيسة الواقعة شمالي محافظة حمص، حيث تبذل شركة الكهرباء المحلية جهوداً كبيرة للتغلب على التحديات المتزايدة في قطاع الطاقة.

جهود الاستجابة للأزمات

رغم شح الإمكانيات وصعوبة الأوضاع، أكد إبراهيم ياسين، أحد سكان المدينة في حديث لمنصة سوريا ٢٤، أن شركة الكهرباء تبذل قصارى جهدها لتحسين الخدمة المقدمة للمواطنين. وأوضح ياسين أن فرق الصيانة تعمل على إصلاح الأعطال فور حدوثها، ولا تتردد في العمل حتى ساعات متأخرة من الليل، مشيرًا إلى أن الشركة تسعى جاهدة لتقديم أفضل ما يمكن في ظل الظروف القاسية. لكن المشكلة الأكبر التي تواجه الشركة تتمثل في نقص الموارد والإمكانيات، فالشبكة الكهربائية الحالية في حالة سيئة للغاية، فهي قديمة وبالية، وكلها بحاجة إلى استبدال شامل. كما أن العدادات قديمة وغير صالحة للعمل، مما يزيد من تعقيد الأمور ويؤثر على جودة الخدمة المقدمة.

التحديات والصعوبات

من جانبه، أوضح محمد سليمان العلي، رئيس شعبة كهرباء تلبيسة في حديث لمنصة سوريا ٢٤، أن الشعبة تقوم بخدمة المدينة و47 قرية تابعة لها، وهي تتحمل مسؤوليات ضخمة رغم النقص الكبير في الموارد البشرية والمادية. وذكر أن أول يومين بعد تحرير المدينة تعرضت الشبكة الكهربائية للقصف الكثيف من النظام السابق، مما أدى إلى خسائر كبيرة في البنية التحتية. وأضاف العلي أن الجهود بدأت فورًا لإعادة تأهيل خطوط التوتر التي تغذي المدينة والقرى التابعة لها. وبفضل التعاون بين الأهالي وسبعة عمال فنيين فقط -بما فيهم رئيس الشعبة- تمكنت الفرق من العمل ليلاً ونهارًا لمدة شهر كامل، حتى تمكنت من إعادة التغذية الكهربائية لجميع المواطنين، حسب المصدر ذاته.

حجم الأضرار

بلغ عدد خطوط التوتر المتوسط المتضررة خمسة خطوط، بطول تقريبي يصل إلى 160 كيلومترًا، بينما بلغ طول شبكات التوتر المنخفض المتضررة حوالي 220 كيلومترًا. كما تضررت 115 مركز تحويل، وتخدم هذه الشبكة حوالي 21 ألف مشترك، ومع ذلك، فإن الشعبة لا تزال تواجه صعوبات كبيرة في التعامل مع الأعطال الطارئة بسبب زيادة الأحمال الكهربائية نتيجة التقنين الجائر الذي كان معمولاً به قبل التحرير.

تحسن ملحوظ لكنه غير كاف

أشار العلي إلى أن نظام التقنين تحسّن بعد التحرير، حيث أصبحت ساعات الوصل تصل إلى ست ساعات موزعة على أربع مراحل، مقابل ثماني ساعات قطع، ومع ذلك، فإن هذه التحسينات لا تزال غير كافية لتلبية احتياجات المواطنين بشكل كامل.

نقص العمالة والمواد

أحد أبرز التحديات التي تواجه شعبة الكهرباء هو نقص العمالة الفنية، فقد كان عدد العمال الفنيين قبل الثورة يبلغ 35 عاملًا، لكنه انخفض الآن إلى سبعة فقط. بالإضافة إلى ذلك، هناك ستة عمال تم فصلهم من قبل النظام السابق بسبب مشاركتهم في الثورة ولم يتم إعادتهم حتى الآن، وفق المصدر الخدمي. أما بالنسبة للمواد اللازمة للصيانة وإعادة التأهيل، فلا تزال نادرة جدًا، وتشمل هذه المواد الأسلاك، العدادات، الأعمدة، والمحولات. وأكد العلي أن هناك أحياء بأكملها لا تزال بحاجة إلى إعادة تأهيل، لكن عدم توفر المواد اللازمة يجعل الأمر مستحيلاً. وقد أدى ذلك إلى قيام بعض الأهالي بمد أسلاك عشوائية لتوفير التيار الكهربائي لأنفسهم، مما يؤدي إلى ضعف الشبكة وتعريض الأجهزة الكهربائية للخطر.

أمل رغم الصعوبات

على الرغم من كل هذه الصعوبات، يبقى هناك بصيص أمل لدى سكان تلبيسة والعاملين في قطاع الكهرباء. وأكد إبراهيم ياسين أن تحسين هذا القطاع مرتبط بشكل كبير برفع العقوبات المفروضة على سوريا، والتي تؤثر سلبًا على جميع مرافق الحياة في البلاد: “الأمور اليوم معقدة جدًا، ولكننا نأمل أن يكون غدًا أفضل”.

مدينة تلبيسة، شأنها شأن العديد من المناطق السورية، تواجه تحديات جسيمة في قطاع الكهرباء، ومع ذلك، فإن الجهود الحثيثة التي تبذلها الفرق المحلية بالتعاون مع الأهالي تُظهر مدى الإصرار على تجاوز الأزمات وتحسين الواقع المعيشي. وعلى الرغم من نقص الموارد والدعم، فإن الأمل لا يزال موجودًا بأن المستقبل قد يحمل معه تحسنًا أكبر في هذا القطاع الحيوي.

مشاركة المقال: