الإثنين, 21 أبريل 2025 08:26 PM

سوريا 2024: منع الاختلاط بين الجنسين يثير جدلاً واسعاً وتساؤلات حول الحريات

سوريا 2024: منع الاختلاط بين الجنسين يثير جدلاً واسعاً وتساؤلات حول الحريات

منذ تولي السلطات الجديدة إدارة البلاد في كانون الأول 2024، تتصاعد مظاهر التمييز ضد المرأة. يظهر ذلك جلياً في الاجتماعات والصور المنشورة على صفحات المحافظات والوزارات، حيث يتم إقصاء النساء عن الرجال، حتى في مؤتمر الحوار الوطني. على الصعيد المحلي، تم الفصل بين الجنسين في عدة محافظات، وغالباً ما تجلس النساء في الصفوف الأخيرة وحدهن.

سناك سوري – بلال سليطين

تبرز قضية منع الاختلاط كإحدى القضايا التي بدأت تظهر مع استقرار السلطة الجديدة. يتبنى بعض المسؤولين إجراءات الفصل بين الجنسين، انطلاقاً من مبدأ عدم السماح للمرأة بالخروج مع رجل ليس شقيقها أو زوجها، أو الجلوس بجانبه في العمل الحكومي. هذا الأمر كان شائعاً في الشمال السوري قبل إسقاط النظام، حيث كان هناك توافق بين السلطة الدينية والسياسية على تجريم الاختلاط عبر الفتاوى واللافتات التي تحمل عبارات مثل "الاختلاط حرام".

انتشرت حالات منع الاختلاط، بعضها تم الإعلان عنه علناً من قبل مواطنين تعرضوا للتوقيف في الشوارع وسؤالهم عن العلاقة بينهم، ومنعهم من السير معاً. في بعض الحالات، لم يتمكنوا من المنع، كما حدث مع الإعلامية نور حداد التي دافعت عن نفسها وحريتها الشخصية.

كما شهدنا حملة على وسائل التواصل الاجتماعي ضد شاب يجلس في الحديقة مع فتاة، وأخرى بعد صورة لفتيات مع عناصر في وزارة الدفاع. إضافة إلى قرارات مكتوبة وشفوية داخل المؤسسات الحكومية تفرض الفصل بين الجنسين، بما في ذلك في القطاع الطبي.

إلا أن السلطات لم تتخذ موقفاً علنياً تجاه هذه الحالات، ولم يعلق أي مسؤول أو إعلامي رسمي على هذه القرارات أو يعمل على إلغائها. بالمقابل، استقبل الرئيس أحمد الشرع وفوداً لم يتم فيها الفصل بين الجنسين، مما يعكس اختلافاً في التعاطي مع هذا الملف داخل السلطة.

تغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة، بهدف تحقيق القضاء على التحيزات والعادات العرفية وكل الممارسات الأخرى القائمة على الاعتقاد بكون أي من الجنسين أدنى أو أعلى من الآخر، أو على أدوار نمطية للرجل والمرأة المادة 5 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتي وقعت عليها سوريا

تعود هذه الظاهرة لعدة عوامل، منها وجود شخصيات دينية متشددة في معظم مؤسسات الدولة تفرض هوية معينة. في الوقت نفسه، يجب أن يكون الفصل خاضعاً لقرار الفرد، وليس أن يفرض عليه. هذا النوع من الممارسات لا يحترم التنوع السوري، ويعد محاولة لإعادة هندسة المجتمع وفق هوية صاحب النفوذ.

أما على مستوى الفضاء العام، فإن تدخل عناصر دينية أو أمنية في الحريات الفردية والاختلاط بين الجنسين غالباً ما يعود إلى فتاوى وقرارات سابقة كانت معمولاً بها في الشمال السوري قبل 8 كانون الأول.

الإعلان الدستوري… يمنع الاعتداء على الحرية الشخصية والتمييز بين الجنسيين

تحكم سوريا حالياً بموجب إعلان دستوري أقره رئيس الدولة وأصبح نافذاً من تاريخ 13 آذار 2025، وهو يعد الأساس في إدارة البلاد ويمثل عقداً اجتماعياً مؤقتاً بين السلطة والشعب.

وقد نص الإعلان الدستوري في المادة الثامنة منه على أن الدولة تلتزم بمكافحة جميع أنواع وأشكال التطرف العنيف مع احترام الحقوق والحريات.

وفي المادة 13 تصون الدولة حرمة الحياة الخاصة، وكلُّ اعتداء عليها يعد جرماً يعاقب عليه القانون.

وفي المادة 21 تحفظ الدولة المكانة الاجتماعية للمرأة، وتصون كرامتها ودورها داخل الأسرة والمجتمع، وتكفل حقها في التعليم والعمل، وتكفل الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمرأة، وتحميها من جميع أشكال القهر والظلم والعنف.

وفي المادة 12 تعد جميع الحقوق والحريات المنصوص عليها في المعاهدات والمواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها الجمهورية العربية السورية جزءاً لا يتجزأ من هذا الإعلان الدستوري.

وبالعودة للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، تنص اتفاقية سيداو التي وقّعت عليها سوريا على العديد من البنود التي تمنع أي تمييز سلبي للمرأة، منها المادة الثانية التي تلزم الدولة باتخاذ جميع التدابير المناسبة لتغيير أو إبطال القائم من القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات التي تشكل تمييزا ضد المرأة، وإلغاء جميع الأحكام الجزائية الوطنية التي تشكل تمييزا ضد المرأة.

انطلاقاً من هذه المواد، فإن التدخل بين الجنسين بهذا الشكل يعد انتهاكاً للحقوق والحريات الفردية والاتفاقيات الدولية التي تلزم بها سوريا، الأمر الذي يهدد سمعة البلاد في المحافل الدولية.

ما يجعل مسؤولية السلطة أن تدخل باتجاهين: الأول عبر إقرار القوانين والتعاميم التي تمنع كل أشكال التمييز في العمل الحكومي والحياة العامة، بما فيها الفصل بين الجنسين لما له من آثار سلبية خطيرة، وكذلك على صعيد إبعاد الشخصيات الدينية المتشددة عن المؤسسات الحكومية وتأهيل الكوادر الأمنية والشرطية تأهيلاً يمنع التمييز بين الجنسين ويحض على احترام حقوق الإنسان والحقوق والحريات الفردية.

القضاء على أي مفهوم نمطي عن دور الرجل ودور المرأة في جميع مراحل التعليم بجميع أشكاله، عن طريق تشجيع التعليم المختلط، وغيره من أنواع التعليم التي تساعد في تحقيق هذا الهدف، ولا سيما عن طريق تنقيح كتب الدراسة والبرامج المدرسية وتكييف أساليب التعليم المادة 10 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال المييز ضد المرأة والتي وقعت عليها سوريا
مشاركة المقال: