الثلاثاء, 28 أكتوبر 2025 02:04 AM

أزمة الإغلاق الحكومي في أمريكا: صراع الميزانيات وتصاعد المخاطر – من الرابح والخاسر؟

أزمة الإغلاق الحكومي في أمريكا: صراع الميزانيات وتصاعد المخاطر – من الرابح والخاسر؟

تعيش واشنطن منذ أسابيع أزمة الإغلاق الحكومي، حيث يواجه الموظفون الفدراليون وضعاً غامضاً، بينما يخيّم القلق على الملايين الذين يعتمدون على إعانات التأمين الصحي. وخلف الكواليس، لا تقتصر المعركة على الميزانيات فحسب، بل تتضمن مساعي الجمهوريين والديموقراطيين لإلقاء اللوم على الطرف الآخر أمام الرأي العام.

يصرّ الديموقراطيون على أن رسالتهم أوضح، بينما يتمسك الجمهوريون بإرث الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لكن منتقديهم يرون أن حججهم معقدة. وتظهر استطلاعات الرأي أن الأميركيين يلقون باللوم على الحزبين، وتشير آخر الاستطلاعات إلى أن غالبية الأميركيين تلقي باللوم على الجمهوريين، رغم أن ذلك لا يؤثر كثيراً على ترامب نفسه. ومع تزايد المخاطر بسبب غياب الرواتب وارتفاع أقساط التأمين، سيضطر أحد الطرفين في نهاية المطاف إلى التنازل.

يعد الإغلاق الحالي ثاني أطول إغلاق في التاريخ، ولا توجد مؤشرات على تراجع أي من الطرفين قريباً. كما أنه أول إغلاق كبير يأتي بدفع من الديموقراطيين، وهي المرة الثانية التي يتم فيها تجميد عمل الحكومة بسبب مطالب إنفاق لا ادخار. يطالب الديموقراطيون بتمديد الدعم لأقساط التأمين الصحي الذي يساعد الملايين على تغطية تكاليف العلاج، بينما يطالب الجمهوريون بإنهاء الإغلاق الحكومي قبل التباحث. لكن الديموقراطيين يقولون إنه لا يمكن للجمهوريين، الذين يسيطرون على البيت الأبيض ومجلس النواب ومجلس الشيوخ، التهرب من المسؤولية عن الإغلاق.

يراهن الديموقراطيون على وضوح المعادلة: الجمهوريون يتحملون المسؤولية ويتركون الحكومة في حالة جمود بينما ترتفع تكاليف الرعاية الصحية. وتقول آشلي كيرزينغر من مجموعة “كاي إف إف” للأبحاث الصحية إن الرسالة بأن “الرعاية الصحية في خطر” تلقى صدى واسعاً. وأفادت الإذاعة الوطنية العامة (إن بي آر) أن 78% من العامة، بمن فيهم أغلب الديموقراطيين والمستقلين والجمهوريين وأنصار ترامب، يعتقدون أن على الكونغرس تمديد الاعتمادات الضريبية لأقساط التأمين الصحي لما بعد 2025. ويشعر الديموقراطيون بالارتياح لخوض المواجهة مع الجمهوريين بشأن قضية محورية تُعد أساسية في هويتهم السياسية، بحسب أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية ماثيو فوستر.

سارع الجمهوريون، بدءاً بترامب ومروراً بنائب الرئيس جاي دي فانس وصولاً إلى رئيس مجلس النواب مايك جونسون، مع حصول الإغلاق بتوجيه رسالة صريحة مفادها أن “الديموقراطيين يريدون تمويل الرعاية الصحية المجانيّة للمهاجرين بطريقة غير نظامية“. لكن هذه المزاعم لم تصمد، وسارع الجمهوريون للتحدّث عن التدابير الإجرائية، مشيرين إلى أنهم قاموا بتمرير مشروع قانون تمويل موقت ويحمّلون الديموقراطيين مسؤولية المماطلة نظرا لتأثيرهم في إمكان الحصول على عتبة 60 صوتاً يتطلبها تمرير القانون في مجلس الشيوخ المكوّن من مئة عضو. ويشير معارضون إلى أن الناخبين لا يهتمون بالتفاصيل الإجرائية ولا يمكنهم فهمها. ويؤكد فوستر أن الناخبين الأكثر تأثيراً “لا يتابعون الأمور بالقدر الكافي من الانتباه ليعرفوا هذه التفاصيل الدقيقة“.

يلعب الديموقراطيون ورقة العواطف: الرعاية الصحية والعائلات العاملة والعواقب على أرض الواقع. في المقابل، يعتمد الجمهوريون على الإجراءات وموازين السلطة. ورغم قدرة ترامب على حشد قاعدة أنصاره، إلا أن المحللين يشيرون إلى أنه يخاطر بتهميش الناخبين الذين تتمثّل أولوياتهم في الحصول على رواتبهم ووصفاتهم الطبية. ويوضح فوستر أن “الاستطلاعات تظهر أن الناس لا يلقون باللوم عليه بعد، لكن مع تغيّر حال الاقتصاد، كما هو الحال مع أمور أخرى، قد يتبدّل ذلك بشكل جذري“. وأظهر آخر استطلاع لـ”رويترز/إبسوس” أن 50 في المئة يحمّلون الجمهوريين المسؤولية، بينما يحمّل 43 في المئة الديموقراطيين المسؤولية. وأظهر استطلاع لـ”هارت للأبحاث” أن 52 في المئة يحمّلون ترامب والجمهوريين المسؤولية بينما يلقي 41 في المئة باللوم على الديموقراطيين. وأظهر استطلاع “إبسوس” ازدياد نسب التأييد لترامب أثناء الإغلاق من 40 إلى 42 في المئة.

يتطلع الديموقراطيون إلى ما بعد الإغلاق، فيما يعد تحسين الرعاية الصحية مسألة رئيسية في انتخابات منتصف الولاية الرئاسية المرتقبة في 2026. من جانبهم، يرى الجمهوريون في الإغلاق فرصة للتأثير على طريقة الحكم واستعراض القوة. وقال أستاذ التواصل السياسي لدى “جامعة جورج واشنطن” بيتر لودج إن “الجانبين يحمّلان بعضهما بعضاً مسؤولية التسبب في تعطيل أميركا.. ما لم يتوخيا الحذر، فسيكون كلاهما على حق“.

رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون من ولاية لويزيانا، يسير مع وزير النقل شون دافي في طريقهما إلى مؤتمر صحفي في مبنى الكابيتول الأميركي في واشنطن العاصمة. ( أ ف ب)

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _النهار اللبنانية

مشاركة المقال: