الأحد, 14 سبتمبر 2025 05:22 PM

أوروبا وأوكرانيا: هل تتجه الأنظار نحو "الحل الكوري" بديلاً عن الضمانات الأمنية؟

أوروبا وأوكرانيا: هل تتجه الأنظار نحو "الحل الكوري" بديلاً عن الضمانات الأمنية؟

في اجتماع حديث بباريس، ناقش "تحالف الراغبين" سبل ضمان وقف إطلاق النار أو تحقيق السلام بين أوكرانيا وروسيا. وقد أبدت 26 دولة غربية استعدادها لنشر قوات على الأراضي الأوكرانية لحماية البلاد من أي عدوان مستقبلي. إلا أن هذه التوجهات قوبلت بتشكيك من خبراء وسياسيين أوروبيين، مما يثير تساؤلات حول المعوقات التي تحول دون تحقيق ضمانات أمنية مستقبلية لكييف.

أظهرت المناقشات أن أوروبا تواجه وضعاً استراتيجياً حرجاً، حيث يعاني قادتها من عجز في تقديم ضمانات أمنية كافية، نظراً لأن الطموحات تتجاوز القدرات، فضلاً عن غياب الثقة في مواقف ترامب المتضاربة بشأن السلام بين موسكو وكييف. وفي هذا السياق، نقلت شبكة "ايه اردي" الاخبارية عن الباحث العسكري الفرنسي غيوم غارنييه أن الردع الفعال يتطلب ما بين 50 إلى 60 ألف جندي، مع ضرورة التناوب كل بضعة أشهر، معرباً عن شكوكه في قدرة الأوروبيين على حشد هذا العدد الكبير من الجنود.

بالتوازي، أعرب العديد من السياسيين الأوروبيين عن قناعتهم بأن نجاح المهمة ليس سهلاً بدون مشاركة أمريكية، معتبرين أن القوات الأميركية وحدها قادرة على ردع روسيا بشكل حقيقي. وبينما يفضل ترامب ترك مهمة الضمانات في أوكرانيا للأوروبيين والاكتفاء بالمساعدة في الاستطلاع والعمل الاستخباراتي، أكد البروفسور في جامعة البوندسفير في ميونيخ كارلو ماسالا أن الضمانات الأمنية لا تكون ذات جدوى إلا إذا كانت موثوقة وفعالة، مشدداً على ضرورة أن تكون الضمانات "ملزمة"، مع وعود بحصول كييف على دعم دفاعي وليس مجرد شحنات أسلحة في حال تجدد العدوان الروسي. وأضاف أنه يجب على بوتين أن يدرك أنه في حال تجرأ على مهاجمة أوكرانيا مرة أخرى، فإنه سيكون في حالة حرب مع أوروبا، مع التأكيد على أهمية منع التنازل عن الأراضي الخاضعة للسيطرة الأوكرانية، حتى لو هدد ترامب بانسحاب الولايات المتحدة الكامل من المواجهة ضد روسيا أو وقف المساعدات المقدمة لأوكرانيا.

في ظل هذه المواقف والشروط المتباينة بين الأطراف المتحاربة والمناقشات حول الضمانات الأمنية، يرى الباحث السياسي راينر ديفرث، في حديث مع "النهار"، أنه من الأجدى تسريع شحن الإمدادات العسكرية لكييف مع تزايد الهجمات الروسية على البنية التحتية والمدنيين، وتقديم المساعدات المالية بدلاً من العمل على سيناريو حفظ السلام، لأنه غير واقعي تماماً في الوقت الحالي. وأشار إلى أن بوتين لا يرغب حتى في مناقشة فكرة وجود قوات غربية في أوكرانيا أو وقف إطلاق النار، ولن يتراجع إلا إذا تعرضت قواته لضربات موجعة.

ومع تعدد الاعتبارات، لم يستبعد ديفرث اعتماد ما ينطوي عليه "الحل الكوري" على أوكرانيا، والذي يتضمن وقفاً للأعمال العدائية على طول خط المواجهة. وأوضح أنه في الوضع الراهن، تمثل عمليات تسليم الأسلحة المستمرة وتدريب العسكريين وبيانات الاستخبارات الغربية والإمدادات نوعاً من الضمانات الأمنية، على أن تكون قوات دول "تحالف الراغبين" على أهبة الاستعداد للانتقال إلى أوكرانيا لتقديم الدعم في حال حدوث تطورات خطيرة. وهكذا ستجد روسيا على حدودها دولة مسلحة على غرار كوريا الجنوبية مجهزة بأحدث المعدات والعتاد وتحت الحماية الكاملة من الغرب.

تاريخياً، أثبتت فكرة الضمانات الأمنية صعوبة تطبيقها بفعالية. ففي العام 1938، وقعت فرنسا معاهدة ثنائية مع تشيكوسلوفاكيا تنص على أنها ستقدم لها الدعم في حال تعرضها لهجوم من ألمانيا، إلا أن باريس لم تفعل، وكان ذلك أحد أسباب اندلاع الحرب العالمية الثانية. كما أن طرح ضمانات أمنية محتملة لأوكرانيا نوقش أيضاً خلال مفاوضات بين كييف وموسكو في اسطنبول عام 2022. وحسب ما هو معروف، أرادت روسيا نفسها أن تكون إحدى القوى الضامنة، حتى أنها طالبت بحق النقض الفيتو ضد تدخل قوى ضامنة أخرى في حال نشوب صراع، وهو ما لم يكن مقبولاً من كييف ولا القوى الغربية، ما أدى حينها إلى توقف المفاوضات.

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: