يكشف الدكتور جميل القدسي، استنادًا إلى دراسات نظام الغذاء الميزان، عن المكانة المميزة التي يحتلها الرمان في نهاية اليوم، حيث يُفضَّل أن يكون آخر ما يُختَم به العشاء قبل النوم. وقد أظهرت تجربة أُجريت على مجموعة من الأشخاص تناولوا الرمان كآخر طعام في اليوم نتائج مدهشة، تمثلت في اختفاء رائحة الفم الكريهة تمامًا عند الاستيقاظ صباحًا، وهو ما أثار إعجاب الجميع وأكّد صحة المقولة المنسوبة إلى الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "كلوا الرمان بشحمه فإنه دباغ المعدة" (رواه الهيثمي).
هذا الاكتشاف يجسد التقاء العلم الحديث بالحكمة القديمة، فالرمان ليس مجرد مطهر للمعدة والفم، بل هو كنز دفين بالفوائد الصحية المتنوعة. وتشير الدراسات إلى أن تناوله في نهاية وجبة العشاء يساعد على تحسين الهضم ومنح الجسم طاقة خفيفة ومتوازنة دون الشعور بالثقل، كما أنه غني بمضادات الأكسدة التي تجدد خلايا البشرة وتحافظ على نضارتها وشبابها، وتساهم في تعزيز صحة الدم والشرايين.
ومن أسرار الرمان احتواؤه على مادة "البوني كالاجين" التي تتحول في الأمعاء إلى مركب مدهش يُسمّى اليوروليثين، وهو مركب يتفاعل مع بكتيريا الأمعاء لإعادة توازنها، كما يتركز في غدة البروستات عند الرجال وله دور فسيولوجي مهم في الصحة الإنجابية والهرمونية.
أما عن الوقت المثالي لتناول الرمان، فقد أثبتت الدراسات أن تناوله مساءً قبل النوم هو الأنسب. ففي إحدى الدراسات التي أُجريت على مجموعة من البالغين، أدى تناول عصير الرمان يوميًا لمدة أسبوعين إلى زيادة هرمون التستوستيرون في اللعاب بنسبة 24%، وهو الهرمون المسؤول عن زيادة الرغبة والطاقة الجنسية لدى كلٍّ من الرجال والنساء. ولعل ذلك يفسر لماذا يكون أفضل وقت لتناول الرمان في المساء، إذ تشير العديد من الأبحاث إلى أن أكثر وقت يُمارَس فيه النشاط الجنسي هو قبل النوم مباشرة، أي بعد تناول الرمان.
ختامًا، يتضح لنا أن جعل الرمان آخر ما يُتناول في اليوم ليس صدفة، بل جزء من قانون الميزان في خلق الله، حيث ينسجم مع دورات الجسم الحيوية ويمنحه تجديدًا داخليًا ونقاءً خارجيًا، تمامًا كما قال الإمام علي كرم الله وجهه (أخبار سوريا الوطن2).