الأحد, 27 يوليو 2025 07:56 AM

الجفاف يهدد زراعة القطن في الحسكة: تقلص المساحات وتراجع الإنتاج ينذر بأزمة

الجفاف يهدد زراعة القطن في الحسكة: تقلص المساحات وتراجع الإنتاج ينذر بأزمة

دلسوز يوسف – الحسكة

في ريف الحسكة الشمالي الشرقي لسوريا، ومع اشتداد حرارة الصيف، يراقب المزارع حميد شحادة محصول القطن بقلق بالغ. هذا العام، لم يتمكن من زراعة سوى سبعة دونمات فقط، مقارنة بمساحات أوسع كان يزرعها في السنوات الماضية. تعاني منطقة الجزيرة السورية، المعروفة بغناها الزراعي، من موجات جفاف متكررة نتيجة للتغيرات المناخية وتراجع كميات الأمطار، ويكافح المزارعون للحفاظ على ما تبقى من محاصيلهم التي تقلصت مساحاتها بشكل كبير، وخاصة القطن.

انقطاع الكهرباء وارتفاع أسعار المحروقات

يقول حميد شحادة (70 عاماً) من قرية تل طالعة بريف الحسكة: "زرعت أنا وابني سبعة دونمات فقط من القطن بسبب قلة المياه وارتفاع أسعار المحروقات اللازمة لتشغيل المولدات. لذلك نعتمد على الطاقة الشمسية، ولكن في بعض الأحيان تكون الأجواء غائمة ولا نستطيع تشغيلها أيضاً".

ويضيف: "في السابق، كنت أزرع مساحات كبيرة لأن الكهرباء كانت متوفرة لتشغيل الآبار. أما الآن، فقد قلصنا المساحات بسبب جفاف الآبار السطحية، ففي كل فترة تنخفض نسبة المياه. الأرض عطشى وحرارة الجو تؤثر على المحصول، كما أن قلة المياه تسببت في ظهور الحشرات".

ويشير إلى أن تراجع الإنتاج أثر بشكل مباشر على الوضع المعيشي، إذ يوضح "شحادة" أن إنتاج الدونم من القطن كان سابقاً يصل إلى 300 كيلوغرام، أما الآن فلا يتجاوز 100 كيلوغرام، ما يجعل العائد المالي غير مجدٍ مقارنة بتكاليف الزراعة الباهظة.

كانت زراعة القطن من المحاصيل الاستراتيجية في سوريا، إلا أن إنتاجه تراجع بشكل كبير خلال السنوات الماضية، إذ بات المزارعون عاجزين عن تأمين الحد الأدنى من مستلزمات الزراعة، ما يهدد الأمن الغذائي والمعيشي لآلاف العائلات.

الطاقة الشمسية بديل غير كاف

في ظل استمرار انقطاع الكهرباء وارتفاع أسعار المحروقات، لجأ غالبية المزارعين إلى استخدام ألواح الطاقة الشمسية لتشغيل مضخات المياه، لكن هذا الحل لا يلبي الحاجة بشكل كامل، خصوصاً مع ازدياد درجات الحرارة وتزايد حاجة الأراضي إلى الري.

هذه الصعوبات دفعت بعض المزارعين إلى تقليص المساحات المزروعة بالقطن التي كانت سابقاً أبرز المحاصيل الصيفية في المنطقة، وفق فندي الدخيل (67 عاماً)، وهو مزارع في قرية الخاتلة شمالي الحسكة، الذي اضطر أيضاً إلى تقليص مساحة زراعته إلى النصف.

ويقول "فندي" بالقرب من حقله لنورث برس: "كنت أزرع 10 دونمات سنوياً، هذا العام زرعت 5 فقط بسبب قلة المياه وغياب المحروقات، فالطاقة الشمسية لا تكفي وحدها، وحرارة الجو تزداد ما يزيد من حاجة الأرض للماء".

ويشدد المزارع على أن هذا الواقع يؤثر على مصدر دخله خاصة أن سكان المنطقة يعتمدون بشكل شبه كلي على الزراعة كمصدر للرزق.

تحذيرات ومطالبات بالدعم

يشكل تأمين المياه صعوبة بالغة للمزارعين وسط تحذيرات من استمرار الجفاف التي قد تؤدي إلى انعدام الواقع الزراعي ما لم تتخذ خطوات تحد من هذه الظاهرة.

ولا يختلف المشهد لدى محمد الحصاد، وهو مزارع آخر من قرية الخاتلة، الذي اختصر واقع الحال بالقول: "سابقاً كنا نشغّل الآبار من الصباح حتى المساء، الآن نكتفي بساعات النهار بسبب اعتمادنا على الطاقة الشمسية فقط، ولا نستطيع تشغيل المولدات لأن سعر لتر المازوت وصل إلى 6 آلاف ليرة".

ويضيف: "كنت أزرع 24 دونماً، لكن هذا العام لم أتمكن من زراعة أكثر من 14 فقط، كما انخفض إنتاج الدونم من نحو 400 كيلوغرام إلى أقل من 100، واضطررنا أيضاً لتقليل كميات السماد المستخدم بسبب ارتفاع أسعاره، فنستخدم الآن 10 كيلوغرامات للدونم بدلاً من 25".

ويطالب الحصاد، شأنه شأن العديد من المزارعين، الجهات المعنية بتقديم دعم أكبر للقطاع الزراعي لتفادي المزيد من الانهيار في الإنتاج الزراعي بالمنطقة، مشدداً على أن استمرار هذا التراجع يهدد مستقبل الزراعة في المنطقة.

ويشير إلى أن الزراعة تتراجع عاماً بعد عام، مضيفاً: "ونأمل أن يتحسن الوضع، لأن الزراعة هي عصب الحياة بالنسبة لنا".

أمام تحديات الجفاف وندرة الموارد، يقف مزارعون بريف الحسكة في مواجهة قاسية تهدد مصدر رزقهم مع تراجع المساحات المزروعة وتراجع الإنتاج عاماً بعد عام، فيما يزداد الضغط على الأسر التي تعتمد على الزراعة كلياً في تأمين لقمة عيشها.

تحرير: خلف معو

مشاركة المقال: